بقلم : طاهـر البهـي
أحيي العدد الرائع الذي أصدرته الشقيقة الكواكب برئاسة تحرير الكاتبة الدءوبة سمر الدسوقي بعنوان "بحب السيما" وقادتني الصدفة أن أستعيد مشاهدة أول فيلم روائي قصير صامت في تاريخ السينما المصرية؛ أتيحت لي فرصة مشاهدة العمل لمؤلفه ومخرجه الرائد السينمائي محمد بيومي، الفيلم سبق وأن شاهدته في مركز ثقافي شهير بوسط العاصمة؛ ولكني لم أنتبه وقتها أنه يتعرض لقيمة وطنية عظيمة نحرص عليها في مصر وهي التعايش الأخوي الرائع بين مسلمي وأقباط مصر، أتكلم عن أول فيلم مصري صامت عرفته مصر وهو الذي حمل عنوان: "برسوم يبحث عن وظيفة"، البطولة للرائع بشارة واكيم ومعه فنان اختفى تماما فيما بعد هو عادل حميد، عندما شاهدته للمرة الأولى منذ سنوات بعيدة، كان تركيزي حول قضية البطالة والفقر وقدمها منذ عشرينيات القرن الماضي؛ فالفيلم صور وعرض عام 1923، أي ما يقترب من قرن من الزمان! فيه يبحث بطله "برسوم" ـ عادل حميد ـ عن فرصة عمل في صحيفة "البلاغ" المنتشرة وقتها، وهو في سبيل ذلك يلتقط قصاصات الصحيفة التي تلقي بها ربة منزل من الشرفة، وفي رحلته تلتقي رغبته مع رغبة جاره "الشيخ متولي" ـ بشارة واكيم ـ وهما شخصيتين لمسلم ومسيحي، ونطالع الحوار البسيط للغاية من خلال لافتات مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية؛ أي أنه يخاطب الطبقتين الشعبية والراقية "الإفرنجية"، ويدعوهما شخص ثري من طبقة الباشوات عن طريق الخطأ؛ فهو يتصور أنهما من الأثرياء مثله، بالفعل يدعوهما إلى مائدة عامرة بما لذ وطاب ثم يكتشف حقيقتهما؛ فيتم طردهما! ويخرجان إلى رصيف الشارع ليصيبهما النعاس من فرط التخمة إلى أن يلقي شرطيا القبض عليهما للاشتباه فيهما.. هذا الفيلم القصير ـ 15 دقيقة فقط ـ يعد أبلغ عمل فني تناول وحدة المصير والهدف وتقاسم الطعام والحلم المشترك الذي لا فرق فيه بين مسيحي ومسلم.. ألف تحية.. وهو ينضم إلى قائمة أفلام الوحدة الوطنية، الناصر صلاح الدين، إسكندرية ليه، لمسة حنان "شادية"، حسن ومرقص والرهينة "أحمد عز" وغيرها..
ساحة النقاش