كتبت : سكينة السادات

يا بنت بلدى كتبت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى السيدة حنان (63 سنة) التى حكت عن حياتها فى بيت والدها وكيف جاءت من أسرة متدينة ملتزمة بأصول وتقاليد الأسرة المصرية، وكيف أن والدها كان موظفا ووالدتها ربة بيت مدبرة ومحترمة، وكيف استطاعا أن يتدبرا أمورهما حتى أتاحا لإخوتها الستة أن يدرسوا فى الجامعات وتخرج منهم الطبيب والمهندس والمعيدة وتخرجت هى وعينت فى أحد البنوك براتب جيد، وتقدم للزواج منها الكثيرون واختار لها والدها عريسا محترما يكبرها بثلاث سنوات من أسرة صديقه ويعمل فى بنك آخر غير الذى تعمل به، وتزوجها زيجة هادئة ورزقهم الله بثلاثة أبناء بفضل الله تخرجوا فى الجامعات وتزوجوا وخرج زوجها على المعاش ورأت أن تلحق به حتى لا تتركه وحيداً وتخرج هى للعمل، وحصل كل منهما على مكافأة نهاية الخدمة من البنكين اللذين عملا بهما وكانت مبالغ كبيرة، وقالت إنها فوجئت بزوجها يطلب منها شيئاً غريباً لم تسمعه منه من قبل!

***

واستطردت السيدة حنان.. كان زوجى عقب خروجه على المعاش قد بحث عدة شهور عن عمل لكنه لم يوفق لأنه خرج على المعاش وهو فى منصب كبير ولم يكن هناك من يستطيع أن يضعه فى منصب مماثل، ومن هنا رأى زوجى أن الحل الوحيد لشغل فراغه الذى لا يتحمله هو أن يفكر فى مشروع خاص يشغله، وذات يوم بعد ما دفعت للتأمينات ثمن خروجى مبكرة ثلاث سنوات قبل موعد معاشى الطبيعى وذلك حتى أتقاضى مكافأة خدمتى كاملة، فوجئت بزوجى يطلب منى أن أعطيه مكافأتى كاملة وأن أبيع مجوهراتى أيضاً حتى يتمكن من الدخول مع بعض أقرانه فى مشروع استثمارى كبير، قلت له أننى لا أمتنع عن إعطائه كل ما أملك لكننى كنت قد خططت وتدبرت لهذه الأموال أن أخصص نصفها لأولادى الثلاثة الذين لا تكفيهم رواتبهم للإنفاق على بيوتهم وزوجاتهم وأولادهم وخاصة بعد هذا الغلاء الفاحش فى كل شىء فى حياتنا المنزلية مثل الكهرباء والماء والغاز والطعام ومصاريف المدارس، وقال زوجى: لكن المشروع الذى ندخل فيه أنا ومعى اثنان من أصدقائى سوف يدر علينا مبالغ كبيرة ويظل رأس المال كما هو! وقلت له: سوف لا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وسوف أجيبك على ما تطلب رغم أننى أفضل أن أضع مالنا كله فى البنك ونأخذ فائدته الحلال ونقسمها على أولادنا (ونبحبح) على أنفسنا!

***

وتستطرد السيدة حنان.. باختصار غضب زوجى منى لأول مرة فى حياته فاضطررت أن أطيعه وأن أبيع كل مجوهراتى وأعطيه ثمنها وأعطيه كل مدخراتى، وبدأ فعلاً المشروع الذى بدأ مزدهراً واعداً فى الأعوام الأولى ثم كانت ظروف تعثر كل الشركات ومن بينها الشركة التى شارك فيها زوجى وبدأ الانهيار وتراكم الضرائب وتعثر الحركة التجارية فى العالم كله وانتهى الأمر بانتشار جائحة كورونا التى أثرت سلباً على اقتصاد العالم كله وأثرت على حركات التصدير وأصابت العالم بالقحط والتقلص.

***

واستطردت السيدة حنان.. أنا لا أعرف ماذا أفعل الآن يا سيدتى فالظاهر الآن أنه لا فائدة من التفكير حتى فى استرجاع أى شىء من أموالى! كله راح أدراج الرياح حتى عندما فكر زوجى ورفاقه فى بيع الشركة لم يجدوا من يشتريها! بل إن ديونها تفوق ثوابتها.. لا أريد أن أكدر زوجى فهو فى حالة محزنة لكننى لا أستطيع أن أنسى أننى عندما أطعت زوجى وأعطيته كل ما أملك فقد منيت بخسارة كل شىء حتى أحلامى فى مساعدة أبنائى ذهبت أدراج الرياح وأصبحت لا أملك سوى معاشى فقط الذى أعيش منه مع معاش زوجى الذى ينفق معظمه على نفسه وعلى سيارته وطلباته وأنا لا ألومه على ذلك فلا يستطيع أن يعيش إلا هكذا ماذا أفعل يا سيدتى وأنا أبكى كل ليلة بعيداً عن زوجى حتى لا يرانى ويتألم، بماذا تشيرين علي؟

***

أرجوك يا سيدة حنان أن تكونى مؤمنة بالله وبأن الأرزاق على الخلاق وإذا كانت ظروف حتمية خارجة عن إرادة زوجك قد أوصلت الأمور إلى هذا الحد فإننى أرجوك ألا تزيدى زوجك هما فلم يكن بالطبع يريد لماله ومالك أن يضيع هباء، واسألى الله سبحانه وتعالى أن يعوضكما خيراً وربما ينصلح حال الدنيا وتعود الأعمال إلى سابق عهدها والله وحده هو المستعان والقادر على كل شيء وأنصحك بأن تنسى الموضوع الآن والله المعوض، وقولى يا رب حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 515 مشاهدة
نشرت فى 11 مارس 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,820,010

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز