حوار : منار السيد
بدعم من القيادة السياسية التي آمنت بقدرات المرأة ودورها الفعال في المجتمع استطاعت حواء أن تحصل على العديد من المكتسبات وآخرها قرار سيادة الرئيس بتعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة لتثبت أنها قادرة على تحمل المسئولية في مختلف المجالات، ومن بين السيدات اللائى وصلن إلى مناصب عليا بالنيابة الإدارية المستشارة د. داليا مجدي عبدالغني، المستشارة بهيئة النيابة الإدارية والأديبة والروائية والتي صدر لها العديد من المؤلفات القانونية والأدبية والتي تحدثت معنا عن تمكين المرأة في المناصب الإدارية والقضائية والقيادية.
ما الدوافع وراء اختيارك العمل بالمجال القضائي والنيابي؟
لأنني من أسرة قضائية، فوالدي رئيس محكمة الاستئناف المستشار مجدي عبدالغني وهو الذي شجعني عندما لاحظ أن ميولي ثقافية وأحب القراءة وشغوفة بالعلم والمعرفة والفصاحة بسبب حبي للأدب والشعر منذ الصغر، لذلك أقنعني والدي بالالتحاق بكلية الحقوق لصقل هذه المهارات، وبالرغم من أنني كنت أرغب في الالتحاق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بسبب شغفي بالروايات العالمية والأدب العالمي، ولكنني اقتنعت برأي والدي وقررت الالتحاق بكلية الحقوق.
لكن كيف استطعت تحويل شغفك من كلية الآداب لكلية الحقوق والتفوق فيها؟
عندما التحقت بكلية الحقوق وجدت تنوع المواد الدراسية بها ما بين الفلسفة وعلم النفس والتاريخ والاقتصاد بجانب المواد القانونية، لذلك تعمقت في دراسة هذه المواد ووجدت أنها تتناسب مع قدراتي العقلية بل ساعدتني كثيرا على تنمية مهاراتي، لذلك اجتهدت في دراستي ولم أكتف بليسانس الحقوق بل أنهيت رسالة الماجستير بعدها مباشرة، وبعد تعييني مباشرة بالنيابة أعددت رسالة الدكتوراه أثناء عملي، وبعدها بدأت في إعداد العديد من الأبحاث القانونية ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط بل قمت بكتابة العديد من المؤلفات القانونية.
هل واجهتك صعوبات بعد التحاقك بالنيابة الإدارية؟
الصعوبات كانت تكمن في البداية في نظرة المجتمع للمرأة، فكان البعض لا يتقبل عمل المرأة في مجال النيابة والقضاء فقد اعتادوا أن يكون وكيل النيابة أو القاضي لابد أن يكون رجلا، وهذا يرجع إلى ثقافة المجتمع الذي كان من الصعب عليه تقبل المرأة في بعض المجالات، ولكن الأمر اختلف كثيرا في السنوات الأخيرة واستطاعت المرأة إثبات جدارتها وكفاءتها في كل مجال تلتحق به، وأثبتت أنها على قدر المسئولية وهذا ما جعل ثقافة المجتمع تجاه المرأة تتغير، وأصبح الجميع يتقبلها بل ويحترمها في كافة المجالات دون استثناء.
وهل يتم تدارك العاطفة الخاصة بالمرأة أثناء العمل بالقضايا؟
أثناء عملنا نتدارك العاطفة وتبقى العاطفة الإنسانية فقط ويتم العمل بالقضية فقط من خلال الورق والوقائع وكل الدوافع والشهود حتى تصبح القضية بدون ثغرات.
وهل تغيرت ثقافة المجتمع بعد دعم القيادة السياسية للمرأة؟
بالفعل فمنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكمه آمن بقدرات المرأة وإمكانياتها ومهاراتها ودورها في المجتمع ودور ها في مسيرة العمل الوطني والإنساني، وأثبتت المرأة جدارتها ووطنيتها في مختلف المواقف حين لبت نداء الوطن، وشهدت المرأة المصرية خلال الفترة الماضية مكتسبات ونجاحات تطلعت إليها منذ سنوات عديدة، عن طريق تمكين المرأة فى عهد الرئيس إيمانا بقدراتها، وتحقق ذلك من خلال تقلدها العديد من المناصب فى الأجهزة التنفيذية بالدولة، ووصولها إلى مراكز صنع القرار فى الحكومة، ومشاركتها بقوة فى الحياة النيابية والبرلمانية والقضائية.
وكيف استطاعت المرأة المصرية الحفاظ على هذه المكتسبات؟
استطاعت المرأة المصرية إثبات جدارتها داخل أروقة المؤسسات التنفيذية بل في كل المجالات داخل المجتمع، وأثبتت للجميع أنها تستحق أن تتبوأ تلك المكانة التى منحها إياها الرئيس السيسى حتى أعلن أن 2017 عامًا للمرأة المصرية، الأمر الذى يعد سابقة لم تحدث فى تاريخ الدولة المصرية، مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، وتعد مصر هى الدولة الأولى فى العالم التى تطلق هذه الاستراتيجية بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، مما يؤكد إيمان الدولة بالدور الرائد للمرأة المصرية فى النهوض بالمجتمع.
وماذا عن قرار سيادة الرئيس بإلحاق المرأة للعمل كقاضية بمجلس الدولة؟
بعد 72 عاما استطاعت المرأة أن تحصل على هذا الحق الذي منحه لها سيادة الرئيس بعد محطات متعددة من النضال والأحكام القضائية، ليحسم سيادة الرئيس الجدل ويوجه بالأمر المباشر لتعيين المرأة كقاضية بمجلس الدولة، وهو تنفيذا لما ورد بالدستور والذي يعتبر نصرا كبيرا جديدا يضاف إلى سجل إنجازات ومكتسبات المرأة المصرية.
بالرغم من انشغالك بعملك في مجال النيابة ولكن هذا لا يمنعك من العمل بهوايتك؟
بالفعل.. فبالرغم من انشغالي بعملي بالنيابة ولكن هذا لم يمنع شغفي بهوايتي وهي الكتابة والأدب، حيث إن هوايتي منذ الصغر هى القراءة والشعر ومتابعة روايات الأدب العالمي، لذلك قررت بجانب عملي أن أفكر في كتابة الروايات وكانت هذه خطوة صعبة في البداية ولكن والدي هو من شجعني ودعمني على قطع هذه الخطوة وبدء كتابة الروايات، وعندما دخلت المجال وجدت مساندة ودعما من الكاتب الكبير مجدي صابر والكاتب يوسف القعيد والدكتور محمد الباز والعديد من الزملاء والأساتذة ، حتى أنهم أطلقوا عليّ "أغاثا كريستي الشرق".
لكنك اخترتي لون روائي كان تحديا كبيرا بالنسبة لكِ؟
أميل إلى كتابة الأدب التشويقي الممزوج بالطابع البوليسي وهو لون روائي صعب خاصة على المرأة، فنادرا ما نجد روائيات في هذا اللون الأدبي، ولكنني قررت أن أدخل عالم كتابة الروايات التشويقية والبوليسية وهذا نتيجة لميولي لقراءة الأدب العالمي منذ صغري والذي يغلب عليه الطابع التشويقي والبوليسي في المسرحيات والروايات العالمية، وبدأت في الكتابة منذ عام 2015، وأصدرت أول رواية لي وهي "الحوت الأزرق" في 2018 والتي كانت مزيجا من العمل الدرامى النفسى والبوليسى والرومانسى، فأبطالها يتدرجون عبر أحداثها بين كل المشاعر والأحاسيس الإنسانية من خلال أحداث تشويقية، تهدف إلى توصيل فكرة إحكام السيطرة على العقل والفكر، وعدم الانصياع إلى فكر أو سيطرة الآخرين، وكذلك عدم الانقياد وراء أفكارنا حتى نصبح ضحايا لها فى النهاية، ثم أصدرت رواية "جزيرة بدارن" والتي كانت تعبر عن حقبة واقعية من تاريخ مصر، ثم أصدرت روايتي الأخير"كبسولة الموت" والتي تطرقت من خلالها للطابع السيكولوجي.
كم من الوقت التي تستغرقينه في كتابة روايتك؟
اعتدت على كتابة كل يوم فصل، حيث إنني عندما أبدأ في كتابة فصل يجب أن استكمله، وقد تكون أيام الكتابة متواصلة أو منفصلة، ولكنني أعشق الكتابة في فصل الصيف حيث إنني أركز طوال فصل الشتاء في إنهاء أبحاثي القانونية.
هل يعني ذلك أن "بنات أفكارك" تتواجد بقوة في فصل الصيف؟
نعم فأنا لا أكتب الروايات إلا في فصل الصيف، حيث إن الأمر يبدأ بفكرة تستلهمني وأبدأ في تخيل الحبكة الدرامية والأبطال والشخصيات المؤثرة في الرواية، وعندما أبدأ في الكتابة قد يختلف الأمر كثيرا حيث إن "للقلم سحر خاص" والذي يبدأ بوضع رسم لعناصر الرواية والشخصيات والحوار والربط بين الأحداث والشخصيات، وأبدأ في الاستناد إلى المصادر التي تحتاجها الرواية سواء كانت مصادر نفسية أو الرجوع إلى التاريخ.
هل هناك جمهور مستهدف من روايتك؟
جمهور روايتي هو جمهور عام من الشباب والكبار ومناسب لكل الأعمار، خاصة وأن هذا اللون الأدبي هو لون جاذب لكل الفئات العمرية فالجميع لديه ميول للتشويق والإثارة وتتبع الألغاز، وعندما بدأت الكتابة لم أتوقع كل ردود الأفعال التي تحققت عقب إصدار الروايات.
وما عملك القادم؟
أعمل حاليا على الإعداد لرواية تربط بين العالم الآخر والعالم الواقعي مع احترام عقل القارئ بعيدا عن الخرافات.
***
داليا مجدى فى سطور
هي المستشارة داليا مجدي عبدالغني، المستشارة بهيئة النيابة الإدارية، حاصلة على دكتوراه فى القانون المدني والمرافعات وكاتبة وروائية وعضو اتحاد كتاب مصر وعضو الجمعية المصرية للقانون الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع وسفيرة للنوايا الحسنة، وأصدرت العديد من المؤلفات الروائية هي روايات الحوت الأزرق وجزيرة بدران وكبسولة الموت وكتاب النفس البشرية علامات استفهام وتعجب، وأصدرت العديد من المؤلفات القانونية مثل كتاب المسؤلية عن إساءة استعمال حق التقاضي وكتاب أيديولوجية الإرهاب وآليات مكافحته، وحصلت على جوائز تقديرية من الدولة عن الأبحاث القانونية وهم الدولة المدنية فى الإسلام وحقوق مصر القانونية الدولية في مياه نهر النيل والتحولات الاقتصادية والاجتماعية في الريف المصري والتحديات التي تواجه الدعوة الإسلامية وكيفية مواجهتها.
ساحة النقاش