بقلم : إقبال بركة
من منا لم يقع فى الحب ويحلم بأن يلتقي كيوبيد مرة ثانية وثالثة وعشرين؟ الحب إحساس جميل حلو المذاق يدفئ القلب بمشاعر الفرح والحزن والشوق والخوف، تتدفق كلها كموجات متتالية تنعش إحساسنا بالحياة والرغبة فيها، والحب بالنسبة للعديد من البشر وأنا منهم هدفا فى الحياة بدونه لا طعم للوجود.
لكن ما هي الوسيلة للإبقاء على الحب؟ وما هي الطريقة للاستمتاع به واعتصار ألذ ما فيه من لحظات؟
وصدقوني إذا قلت لكم أننا لا نعرف كيف نحب، وأننا لا نفرق بين الحب الحقيقي وأحاسيس أخرى متشابة ولكنها مختلفة تماما كالإعجاب والصداقة الخ، وكم من مرة واجهنا المشاكل عندما توهمنا أن ما نشعر به إزاء الطرف الآخر كان الحب ثم إذا بالأيام تمر وبعاطفتنا تجاهه تبرد وبشوقنا إليه يخفت، ونواجه الحقيقة المرة.. لقد طار الحب من قلوبنا كما يطير عصفور طال احتباسه وحيدا فى قفص!
لم يكن حبا وإنما كان وهما، فكيف إذن تفرق بين الحب الأصيل والحب الزائف؟ إن البعض يستعذبون الحب نفسه ويدمنون السهر وآهات الألم وليالي الندم، ولو أن الأمور سارت على ما يرام، ورق الحبيب وواعدهم فإنهم يشعرون بخيبة الرجا ويصيبهم الملل ويفرون من هذا الحبيب إلى حبيب آخر يلاوعهم ويحرك أشجانهم ويذيقهم المر، وقليلة تلك الأشعار التى تتغنى بالوفاق بين العاشقين والتي تؤكد أن سنوات طويلة مرت ولم يتشاحنا ويتناكفنا، فهل نحن مرضى بداء الحب؟ وداء الحب شيء والحب نفسه شيء آخر تماما، إن المراهقين هم الذين يدمنون داء الحب أما الذين يتمتعون بالنضج العاطفي والذين يؤمنون بضرورة الحب وأهمية وجوده فى حياتهم تماما كالماء والهواء والصحف، فهؤلاء يعرفون كيف يحبون، إن الحب الحقيقى لابد أن يكون متبادلا بين رجل وامرأة متقاربى العمر يتشبهان فى الطباع ويتوافقان فى الظروف الاجتماعية والمستوى الاقتصادي، الحب عطاء متبادل بين ذاتين لا يكتمل أحدهما إلا فى حضور الأخرى، الحب فهم عميق لشخص آخر وتقدير بالغ لصفاته ورغبة لا تهدأ فى التواصل معه، الحب كائن حي لكي يعيش وينمو لابد أن يتغذى على العطاء والبذل والفهم، والحبيب فى حاجة دائمة لأن يتأكد من أن نار الشوق فى قلب محبوبه لم تنطفئ وهو يرى الدليل على ذلك فى نظرة حانية أو كلمة صادقة أو لمسة دافئة، وقد يحتاج لما هو أقوى من ذلك للتفهم والموآزرة والمساندة فى أوقات الشدة، ولكي يتحول الحب من زهرة جميلة إلى شجرة باسقة لابد أن يروى بالحنان، وينقى من الآفات، وتشذب أغصانه من آن لآخر لكي تنمو الفروع وتتمدد وتنتج ثمارا عذبة، نحن فى حاجة لأن نتعود على التعبير عن مشاعرنا الطيبة تجاه من نحب بلا كلام وإنما بالأفعال، بإهدائه باقة ورد أو كتاب، بالسؤال عنه بانتظام، باستشارته فى مشاكلنا، بمشاركته حل مشاكله، بمناقشته بقلب مفتوح فى شتى الأمور ومحاولة الوصول إلى أرضية مشتركة معه، المهم أن نتأكد أولا أن ما نشعر به هو الحب الحقيقي وأن ذلك الشخص الآخر هو ما كنا نبحث عنه منذ زمن بعيد والأهم أن نتيقن من أنه يبادلنا نفس الشعور حتى لا نريق مشاعرنا العذبة فى بحر شديد الملوحة.
ساحة النقاش