كتبت: سمر عيد

على الرغم من أن الفانوس أحد مظاهر رمضان المتوارثة عبر الأجيال إلا أن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية دفع الكثير من ربات المنازل إلى عدم شارئه لأطفالهن لتوفير الاحتياجات الأساسية للمنزل، لكن كيف يمكن إقناع الأطفال أن الفانوس ليس أمرا ضروريا؟ وما بديل فانوس رمضان الذى يمكن ترضية الطفل به؟

فى البداية تقول رباب محسن، ربة منزل: كنت كل عام أحاول جاهدة أن أدخر من ميزانية الأسرة لشراء فانوس كبير أعلقه أمام المنزل أو في الشرفة، لكن هذا العام أقنعت أطفالي أن نوفر نقود الفانوس الكبير ونشتري "تيشرتات" من خان الخليلي مطبوعا عليها رموز مصرية قديمة تعبر عن الشهر الفضيل، ويمكن للأطفال ارتداؤها أثناء اللعب مع أصدقائهم وأقاربهم طيلة الشهر الفضيل، وهذا من وجهة نظري أفضل.

أما مروة محمد، ربة منزل وأم لثلاثة أطفال فتفضل شراء القليل من البلح والزبيب بنقود الفانوس، وتقول: لدى أطفالي فوانيس من العام الماضى، لذا سأنظفها وأجعلهم يلعبون بها، بينما سأشتري بنقود الفوانيس أمور أحتاجها في صنع الحلويات بالشهر الكريم كالزبيب والبلح وجوز الهند.

ويقول هيثم أحمد، موظف بإحدى الشركات الخاصة: الفانوس عادة تاريخية وليس أمرا مرتبطا بالصيام ولا بالدين لذا أفضل أن أشتري لابني وابنتي مصحفين وأجعلهما يقرآن القران الكريم ويختمان المصحف خلال شهر رمضان بدلا من شراء فوانيس قد تكسر ولن نستفيد بها.

وتنصح هدى عادل، صاحبة مشروع خاص الأمهات أن يستبدلن فوانيس الأطفال هذا العام بحقيبة رمضان أو شراء سلعا غذائية أساسية في المنزل أو حتى مساعدة امرأة معيلة أو أسرة فقيرة والتبرع لها بالمبلغ المخصص لشراء فوانيس رمضان.

أفكار عملية موفرة

حول كيفية إقناع الطفل بالتنازل على الفانوس تقول د. أسماء ممدوح، مدرس إدارة المنزل بقسم الاقتصاد المنزلي كلية التربية النوعية بجامعة المنيا: من المهم جدا أن أعلم الطفل منذ صغره كيفية ترشيد الاستهلاك والتوفير وإنفاق المال على الأمور المهمة، وإذا كانت هناك عادات معينة قد عودنا عليها أطفالنا في الشهر الكريم أو في بقية المواسم الأخرى وأصبحت تشكل عبئا ماديا على الأسرة فينبغي الاستغناء عنها، ويمكن بدلا من شراء فانوس رمضان أن أشتري فلين وورق كرتون وألوان وصمغ وخشب وأصنع أنا وأطفالي فانوس رمضان، كذلك يمكن الاستفادة بنقود الفانوس فى شراء كتب مفيدة للأطفال كقصص للأنبياء أو تعليمهم أمور مهمة بالدين، كما يمكننا شراء حلوى وتمر وعصائر بهذه النقود وتشجيع الطفل كي يقف بالشارع وقت الإفطار ليوزع التمر والمشروبات لإفطار الصائمين.

وتقول ريهام أحمد عبد الرحمن، الباحثة في الإرشاد النفسي والتربوي بجامعة القاهرة: لابد من خلق حوار مشترك وبناء بين الأهل والأطفال لتوضيح الظروف الاقتصادية وإفهامهم وفقا لمراحلهم العمرية أن هناك أولويات أهم من شراء الفانوس، ومن المهم تبين المعنى الحقيقي للشهر الفضيل للطفل ورواية القصص للأطفال سواء الإسلامية منها أو التاريخية لترسخ عندهم القيم السمحة والحقيقية لشهر رمضان.

التهيئة النفسية للطفل

يبين د. السيد أحمد صقر، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة كفر الشيخ الجهات المنوط بها القيام بأدوار تكميلية لدور الأسرة قائلا: من الضروري التنسيق بين المنزل والمدرسة في تعويد الطفل وتعلميه فقه الأولويات وصناعة البدائل وتشجيع الأطفال على الابتكار، وعلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تقديم مضمونا إعلاميا يتناول كيفية تهيئة الطفل نفسيا لترشيد الاستهلاك؛ لأن الطفل إذا لم أشتري له ما تعود عليه فإنه سيبكي ويحزن ويتأثر نفسيا كثيرا ظنا منه أنني أحرمه مما كنت أمنحه إياه من قبل دون أن يرتكب أي خطأ أو يقوم بعمل أي ذنب، لذا من المهم استضافة خبراء في علم نفس الطفل وخبراء تربويين بوسائل الإعلام المختلفة للتحدث عن كيفية التعامل مع الأطفال في ظل الظروف الاقتصادية التي تحيط بالعالم العربي.

تؤكد د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس أن القدوة وتقديم النموذج الجيد للطفل يساعد في ترسيخ القواعد الأسرية وتجذير الأسس والمبادئ التي تدفع الطفل إلى تبنيها طيلة حياته، وتقول: من الخطأ أن أعود الطفل أن يقلد غيره، فإذا استجبت لصراخ طفلي وبكائه لشراء فانوس تقليدا لأصدقائه، فعلي أن أعلم أنه سيطلب مني في يوم ما شراء سيارة أو هاتف محمول لا أقدر على توفير ثمنه وإلا سيصاب بعقدة نفسية ويشعر بالنقص وأنه أقل من الآخرين، لذا يجب توضيح المستوى الاقتصادى والمادى للطفل منذ صغره بطريقة هادئة ودون انفعال عن طريق تزكية أطفال آخرين أمامه.

وتقول د. نورا رشدي، أستاذ الخدمة الاجتماعية ووكيل معهد الخدمة الاجتماعية: الفانوس المضاء وأغاني الأطفال بالشارع عادات وثقافات توارثها الأجيال في مصر، ولا داعي للاستغناء عنها طالما في مقدور الأسر ذلك، لكن إذا كانت هناك أمورا مهمة فعلينا تقديم الأولوليات، وليس معنى ألا أشتري فانوس رمضان أنه غير موجود، فيمكن رسمه على جدران المنازل والمدارس بألوان فسفورية رائعة، ويمكن عمله بالقص واللصق للأطفال بالمدرسة، أو شراء الفانوس الخشبي المصري العادي ب50 جنيها فقط، وليس بالضرورة شراء الفانوس المستورد الذي يصل سعره إلى 150 جنيها، وبدلا من شراء فانوس رمضان يمكن شراء مفارش للسفرة والأريكة التي يجلس عليها الأطفال مطبوع عليها رسوم رمضان، أو شراء دقيق ومواد صنع حلويات رمضان وجعل الأطفال يشاركون في صنعها وكلها أمور تنشر البهجة والسعادة بقدوم الشهر الكريم، ومن الرائع مشاركة الجيران وأطفالهم، وطلب مساعدتهم في تعليق الزينة والاشتراك في شراء فانوس واحد يعلق بكل كومباوند أو شارع أو حارة وهذا من شأنه تقوية روابط الإخوة والمحبة.

المصدر: سمر عيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 254 مشاهدة
نشرت فى 8 مارس 2024 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,801,351

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز