اسماء صقر 

 

لم تسلم عادات شهر رمضان الكريم من سرعة الحياة والتطور كغيرها من العادات والتقاليد المصرية التى تغيرت منذ فترة إلى أخرى ومن جيل إلى جيل، فقد استبدلت التكنولوجيا ووسائل الإعلام المسحراتى بوسائل أحدث، كما قضت الخصوصية التى على لمة العائلة والطبق الداير بين الجيران فماذا تبقى من هذه العادات والتقاليد؟ وما سبل الحفاظ عليها؟ وكيف يمكننا استعادة المظاهر الرمضانية التى اختفت واندثرت مع عصر التكنولوجيا؟ 

 

في البداية تقول ريم كمال، محاسبة: أفتقد سماع المسلسلات الإذاعية القديمة مثل بركة رمضان وبرنامج بدون كلام وحوار صريح جدا وفوازير عمو فؤاد، كنت أذهب مع والدتي عند الجيران ونتبادل أطباق الحلوى والتسالي ونشاهد البرامج معا هذه العادات كانت تشعرنى بالبهجة وحب الآخرين والراحة النفسية، وكان شهر رمضان وطقوسه بمثابة فرحة تتجدد يوميا داخل البيت.

 

وتقول هبه رضوان، ربة منزل: بعد وفاة أجدادي أفتقد للمة العائلة في رمضان، ففى حياتهم كنت أذهب لزيارتهم في الريف وأجتمع مع أقاربي وأبنائهم ونتشارك الحديث ونقضي أوقاتا سعيدة معا، وكنا نقوم  بمساعدة الفقراء والمحتاجين من خلال عمل موائد الإفطار الرمضانية.

 

يفتقد أحمد نجدي، صيدلي رؤية وسماع المسحراتي وهو يدق علي طبلته وينادي أسماء سكان الحي كي يستيقظوا لتحضير وتناول السحور، ويقول: كان المسحراتي من طقوس رمضان الأساسية زمان على خلاف الآن، أصبحنا لا نعتمد على المسحراتي والكثير منا يسهر ليلا حتى موعد السحور أو يستيقظ على صوت المنبهات. 

 

بينما تشتاق هند مصطفي، طبيبة لرؤية الشوارع مليئة بالزينة الرمضانية، وتقول: كان شباب الحى يشتركون في تزيين الشارع، أما الآن فأصبح كل منزل يزين بلكونته فقط، لكن التعاون والعمل الجماعي الذى كان يظهر جليا ماضيا كان أهم ما يميز رمضان زمان.

 

ويقول محمود عبدالرازق، مهندس: أفتقد لمقابلة أصدقائي والسهر معهم حتى موعد السحور مثل رمضان زمان، فضغوط الحياة والانشغال بالأسرة والأبناء أفقدتهم القدرة على تنظيم الوقت ما يجعلني أشعر بالحنين لتلك الذكريات الجميلة.

ذكريات عمرية

تعلق د. إيمان عبدالله، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس على الحنين إلى الذكريات الرمضانية وتقول: لكل جيل ذكرياته المرتبط بها لما تحمله من ذكريات الطفولة التي يحن لها الكثير منا وهذا أمر جيد، كما أن الحنين هنا لذكريات مرحلة عمرية مرتبطة بتشكيل الوجدان بداخلنا وهذا يأتي نتيجة الافتقاد لأشياء مررنا بها كالتجمع مع الأهل والأقارب، فقديما كان يوجد الأسرة الممتدة والنواة والتي فيها تقارب معيشي مع الجد والجدة في منزل واحد ويشاركون الوالدين في تعليم الأبناء العادات والتقاليد والأخلاق الحميدة، لكن الآن أصبح هناك فجوة في العلاقات الاجتماعية، لذلك يجب أن نقوي علاقاتنا مع الأقارب ونغرس حب صلة الأرحام بداخل الأبناء ونتواصل بالزيارة مع الأهل والأقارب، كما يجب إحياء عاداتنا وتقاليدنا التي افتقدناها كتبادل المعايدات والتهنئة وزيارة الجيران، بالإضافة إلى طقوس رمضان التى كانت تشجع على العمل الجماعى كزينة رمضان التى كانا نعدها ونحن صغار من الورق الملون، فهذه العادة من شأنها تعليم الطفل الألوان وتشجيعه على الابتكار وتنمية المهارات لديه.

 

بساطة زمان

تقول د. عزة أحمد صيام، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها: الحنين إلى رمضان يعطي الشعور بالبهجة والسعادة لدى العديد من الأشخاص وذلك لأن لديهم ثقافة الاعتزاز بالذكريات والماضي عالية جدا خاصة إذا كان الماضي عريقا ومنبثقا من ثقافتهم الاجتماعية مثل تجمع الأهل والأصدقاء والذهاب معا لأداء صلاة التراويح والحنين للطقوس الاجتماعية فيه مثل رؤية المسحراتي ورجل الكنافة، وأيضا الحنين للبرامج الإذاعية والتليفزيونية القديمة، والتجمع مع الأصدقاء على المقاهي ومشاهدة برنامج الكاميرا الخفية للفنان إبراهيم نصر وغيره.

وتتابع: هناك ذكريات ارتبط بأذهان الصغير والكبير كأغنيات رمضان المشهورة التى تنقل بالكلمات والصور أجواء استقبالنا  للشهر بالفرحة، فهذه الأغنيات قديمة ومع ذلك نحن لها ونفرح بها كثيرا عند إذاعتها، كما أن البساطة التي كان يتميز بها رمضان من أهم أسباب الحنين إلي ذكرياته حيث كانت الزينة والإضاءة بسيطة ووجبات الإفطار والسحور كانت  منزلية وأيضا الحلويات كالكنافة والبسبوسة والقطايف كان يتم اعدادها بالمنزل، وكان هناك عمل جماعي سواء من خلال اشتراك السيدات معا في عمل الوجبات الرمضانية أو الاشتراك في تزيين الشوارع. 

تعزيز الهوية والانتماء

تؤكد د. هاجر مرعي، استشاري العلاقات الأسرية والصحة النفسية أن لشهر رمضان طقوسه وذكرياته لدي الشباب والكبار، وتقول: يجب على الأسر قبل رمضان بأسبوعين أن تسترجع ذكريات الشهر الجميلة وتتحدث عنها مع الأبناء وعن الأشياء التي افتقدناها مثل عمل يوم إفطار جماعي بإمكانيات محدودة، كما يجب استغلال مشاعر الحنين والافتقاد إلى رمضان فى الحد من استخدام الهاتف ومتابعة التليفزيون والتفرغ للعبادة كصلاة التراويح وتلاوة القران.

وتتابع: يتذكر كل جيل طقوسه القديمة فى رمضان رغم توفر كل أنواع التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة حيث يحن لسماع "ألف ليلة وليلة" في الإذاعة بمؤثرات صوتية دون صورة، وهناك من يشتاق لمشاهدة بكار ويتذكر طفولته، وابتهالات الشيخ النقشبندي، كما ارتبط مسلسل "بوجي وطمطم" بأذهان الصغار والكبار ارتباطا وثيقا بشهر رمضان.

المصدر: أسماء صقر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 152 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

24,657,129

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز