سمر عيد
نصب واحتيال وخسارة أموال وتشهير بأشخاص مشهورين وعاديين وفضائح وشائعات سياسية واقتصادية وفنية وإيقاع بفتيات وشباب في شبكات مشبوهة، كانت هذه حصيلة القضايا والملفات المنظورة من قبل أمن المعلومات بمصر في الفترة الأخيرة، فما خطورة وسائل التواصل الاجتماعي على أبنائنا وإلى أي مدى أصبحت تؤثر في حياتنا؟ وكيف نتجنب الأذى الذي يمكن أن يلحق بنا جراء استخدامها؟
تساؤلات عديدة يجيبنا عليها اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية السابق لأمن المعلومات في هذا الحوار.
فى البداية ما أهم الجرائم التي ترتكب عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية؟
الجرائم التي ترتكب على الشبكة العنكبوتية لا حصر لها لكن أهمها قضايا النصب والاحتيال، وفبركة الصور والفيديوهات، والابتزاز واختراق الحسابات الإلكترونية والبنكية، وجر الشباب والفتيات لارتكاب أفعال فاضحة أو للمخدرات، والقرصنة المعلوماتية وتهكير بعض الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، والسب والقذف العلني، ونشر الشائعات السياسية والاقتصادية بما يضر بالأمن والسلم العام، وكل يوم يتم فيه تطوير وسائل التواصل الاجتماعي وإضافة الذكاء الاصطناعي إليها تشكل خطورة أكبر على المجتمع ككل، والمشكلة الحقيقية أن أغلب هذه الحسابات والمنصات الإلكترونية تدار من خارج البلاد وبأسماء مزيفة وبعضها مع الأسف يخضع لوكالات استخبراتية عالمية والبعض الآخر يتبع لمنظمات إرهابية أو "هاكرز" يمارسون أنشطة إجرامية.
وما خطورة المراهنات الإلكترونية؟
ترجع المراهنات الإلكترونية إلى عدم وعي الأشخاص الممارسين لها أو طمعهم فى تحقيق ربح سريع، وأغلب من يقومون بهذه المراهنات من الشباب، حيث تغريهم هذه المنصات في البداية بتحقيق ربح على مراهنات رياضية أو غيرها حتى تجرهم لمزيد من المراهنات ثم يخسر اللاعب بها أموالا طائلة، وأذكر أن إحدى هذه المنصات طلبت من المتسابقين دفع مبلغ 3000 جنيه كي تعيد لهم أموالهم ومبالغهم الطائلة التي خسروها، وحولوا لها طبعا الشباب هذه النقود لكنها لم تعطهم شيئا بعدها.
هل يتصدى الأمن المعلوماتي لمثل هذه الجرائم وما الموقف القانوني منها؟
تتبع أمن المعلومات هذه المنصات وعملائها داخل البلاد وتم القبض عليهم بالفعل وإيقاف ال "ip" الخاص بهم، لكن هذا لم يمنع هذه المنصات من الوصول إلى المستخدم المصري عبر وسائل تكنولوجية أخرى، فإذا كانت النقود تحول عبر محافظ إلكترونية وبمبالغ صغيرة فلا يمكننا منعها لأنها تحويلات عبر الفضاء الإلكتروني، وقد جرمت كل هذه المراهنات بقانون175 لعام 2018 بما يعرف بقانون الجرائم المعلوماتية، وطبعا لو تم الإبلاغ عنهم جنائيا فسيخضع كل من تورط في عمليات النصب هذه لقانون العقوبات العام، وتتدرج عقوبات جرائم تقنية المعلومات من حبس سنة إلى 3 إلى 15 عاما وغرامة مالية، لكني أطالب بتغليظ العقوبات نظرا لاستخدام الذكاء الاصطناعي الأمر الذي سيفتح الباب على مصرعيه للسرقة والتعدى على الملكية الفكرية للأعمال الفنية وابتزاز الكثير من الأشخاص.
ما الخطوات الواجب اتباعها لمن يتعرض إلى جريمة إلكترونية؟
يكتفى البعض بإغلاق رقم الشخص وحظره أو إزالته من قائمة الأصدقاء، وهذا أمر في غاية الخطورة لأن من يقوم بجريمة إلكترونية يستطيع الوصول إلى البريد الإلكتروني ورقم هاتفك المحمول وكل التطبيقات التي تدخل عليها برقمك أو "إيميلك" الشخصي ويمكنه الوصول كذلك إلى رقم بطاقة ائتمانك وحساباتك البنكية، كما يمكنه استغلال صورتك أو صوتك أو فبركة كلام وأفعال لم تقم بها، وهنا أدعو إلى عدم أخذ "screen shot" فقط بل الاحتفاظ بأصل الرسالة أو الشات المتضمنة للجريمة من سب وقذف وتشهير لأي شخص يحاول ابتزازك برسالة نصية أو غيرها، والاتصال بالخط الساخن لمكافحة جرائم المعلومات "108"، أو التوجه مباشرة بجهازك المحمول إلى مباحث الإنترنت ومقرها ميدان العباسية، حيث يتم ما يسمى بالتشريح الإلكتروني لتحديد هوية المتجسس عليك أو الشخص الذي يحاول ابتزازك من خلال تتبع ال (ip الخاص به.
طالعتنا الصحف ومواقع الأخبار مؤخرا على جرائم كثيرة بسبب مواقع ال (dark web ) والبعض قام بالانتحار أو القتل وفقا لألعاب معينة تسيطر على أدمغة المراهقين فإلى أي مدى تصل خطورة ترك الأبناء على مواقع التواصل الاجتماعي دون رقابة؟
مستنقعات التواصل الاجتماعي أصبح بعض مستخدميها مع الأسف ينشرون أي شيء لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة، وبعض المواقع المظلمة تغري مستخدميها بارتكاب جرائم للحصول على المال، كذلك بعض الألعاب أدت إلى انتحار أطفال كثر وقتل بعضهم وهذه مسئولية الأب والأم أولا ومن ثم مسئولية المجتمع ككل ثم مسئولية الأمن المعلوماتي الذي يتصدى ويوقف أغلبية هذه الألعاب أو يقوم بالتشويش عليها أو حجبها، وطبعا لا يمكننا إغفال الدور الكبير الذي يقوم به الإعلام والفن في توعية الجمهور، والكارثة الكبرى أن من ينفذون أوامر هذه المواقع هم من المراهقين والأطفال وهم أحداث حتى لو تم القبض عليهم فيما بعد سيحاسبون كأحداث وليسوا كمرتكبي جرائم بالغين.
هل لك أن تقدم لنا نصائح سريعة لتجنب أذى وسائل التواصل الاجتماعي؟
هناك أمور يصلح أن نتقيها بتربية أبنائنا التربية السليمة على الدين والأخلاق ومتابعتهم متابعة جيدة، لكن هناك أمور ستصبح خارج نطاق السيطرة خاصة بعد تطور الذكاء الاصطناعي وفبركة الصور والأفلام وتركيبها واستخدام صوت الشخص وجسده، وهنا لابد للتدخل الأمني واللجوء إلى شرطة المعلومات لحماية أبنائنا وأنفسنا كي لا يلصق بنا أي شخص أية تهمة أو جريمة.
ساحة النقاش