هدى إسماعيل 

مع انطلاق العام الدراسي الجديد، تبدأ الأمهات رحلة التحديات المتجددة بين تهيئة أطفالهن نفسيًا بعد عطلة طويلة، وتنظيم أوقاتهم الدراسية ليعودوا إلى روتين التعلم والانضباط بثقة وهدوء، وبين مشاعر القلق لدى بعض الأطفال والارتباك الذي قد يصيب الأمهات تبرز الحاجة إلى إرشادات واضحة من خبراء الصحة النفسية والطفولة.

في هذا الإطار التقينا ريهام أحمد عبد الرحمن، أخصائي الصحة النفسية والأسرية للحديث عن أفضل الطرق العلمية والعملية لمساندة الأطفال في هذه المرحلة الانتقالية.

في البداية كيف تهيئ الأم أولادها للعودة للمدرسة؟

مع بداية العام الدراسي يحتاج الأبناء لمزيد من الصبر والمرونة في كيفية التعامل معهم فيما يتعلق بمواعيد الدارسة والانتظام في المذاكرة وبالتالي فالأسرة لها دور كبير في تشجيع الأبناء واحتوائهم من خلال؛ التحدث معهم بإيجابية حول العودة للدراسة والمذاكرة وتجنب الكلمات السلبية التي تجعلهم يشعرون باليأس والإحباط وتزيد من الضغط النفسي بداخلهم مما يتسبب لهم في النفور المبكر من الدراسة، بالإضافة إلى المشاركة والدعم وتشجيع الأبناء على شراء المستلزمات الدراسية بأنفسهم مع إضفاء مزيد من البهجة والسعادة لهذه المناسبة كشراء هدايا إضافية أو كتب وكراسات ذات ألوان مبهجة، تزيين المنزل، التحدث معهم حول فضل العلم ودوره في رفعة الشأن الإنسان.

وما الخطوات العملية لتقليل صدمة الانتقال من عطلة الصيف إلى المدرسة؟

التدرج هو السر، يجب إعادة ضبط مواعيد النوم، وتقليل وقت مشاهدة التلفزيون أو استخدام الهواتف الذكية، وتشجيع الطفل على أنشطة تعليمية خفيفة في البيت قبل الدراسة بأسبوعين، كما يُفضَّل زيارة المدرسة مسبقًا ليألف المكان، والسماح له باختيار أدواته المدرسية ليشعر بالانتماء، كما أن التدرج في الاستيقاظ المبكر والنوم المبكر مهم، فتدريب الأبناء على النوم ساعة مبكرة بشكل تدريجي يساعدهم على تجديد النشاط وعدم الشعور بالخمول والكسل أثناء ساعات النهار، مع أهمية الاهتمام بممارسة الرياضة التي تنشط الذاكرة وتساعد على الشعور بالسعادة والتوازن النفسي.

ما دور الأم في تحفيز الطفل ليحب الدراسة والتعليم منذ البداية؟

يبدأ التحفيز من جعل التعيلم تجربة ممتعة وليس عبئا على الطالب، ويمكن للأم شراء أدوات مدرسية جذابة يختارها الطفل بنفسه، وخلق جو من الحماس بترتيب ركن صغير للمذاكرة في البيت، كما يجب مدح أي إنجاز يحققه الطفل في المدرسة، ولو بسيط، ليشعر بالفخر والدافعية للاستمرار.

لماذا يشعر بعض الأطفال بالتوتر قبل بدء الدراسة؟

غالبا ما ينتج التوتر عن الخوف من المجهول؛ فالطفل اعتاد خلال الإجازة على نمط حياة مليء بالحرية واللعب، وفجأة يطلب منه الالتزام والانفصال عن أسرته لساعات طويلة، وهذا يثير داخله القلق من عدم القدرة على التكيف أو الخوف من الرفض من زملائه الجدد أو معلميه وهو أمر طبيعي جدًا ويحتاج من الأهل دعمه لا إنكاره عليه، ففهم هذه المشاعر خطوة مهمة فى التعامل مع هذه المشكلات.

وما الطريقة المثالية لتنظيم وقت المذاكرة حتى لا يشعر الطفل بالملل؟

العودة إلى روتين الدراسة والمذاكرة ليس مستحيلا لذلك دائما نطالب الآباء بوضع روتين ثابت في أيام المدراس والإجازة حتى لا يجد الأبناء صعوبة في أي نظام، لذا على الطالب تهيئة المكان والتوقيت المناسب للمذاكرة والابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي والمحادثات التليفونية التي تؤثر على تركيزه وتحصيله الدراسي، بالإضافة إلى تدريب الأبناء على ترتيب الأولويات وتنظيم الوقت، وهذا بالطبع يتطلب من الإنسان التعرف على وقت نشاطه الذهني والبدني خلال اليوم، مع البدء بالمادة الدراسية الأسهل للشعور بالإنجاز، كما يجب على الأسرة الاهتمام بوجود نشاط بدني أو ثقافي خلال أيام الأسبوع لمساعدة الطفل على تفريغ الطاقة السلبية بداخله وتجعله يشعر بالسعادة وعدم الضغط الأكاديمي أو المدرسي.

كيف يتعامل الأباء مع الفروق الفردية بين الأبناء؟

الأمر يحتاج إلى تدريب بسيط وهو تجنب التفرقة بين الأبناء بعضهم البعض أو بين الطفل وأقاربه أو زملائه في الدراسة، أو مقارنة طفلك بطفل آخر مجتهد أكثر من طفلك، فذلك يشعر الطفل بالنقص وعدم الكفاية بالنسبة لأسرته كما أنه يجعل لديه مشاعر الغيرة والدونية وعدم الثقة بالنفس، وبالتالي لابد من مراعاة الفروق الفردية لدى الأبناء وعدم تحميلهم فوق طاقتهم، وعندما يبدأ الأبناء في المذاكرة يجب تجنب ممارسة القسوة والعنف أثناء المذاكرة للطفل ووصفه بالضعيف أو الفاشل أو الغبي فذلك يؤثر في نفسيته ويشعره بالعجز ولا يعالج المشكلة، بل لابد من احتوائه وتشجيعه على المذاكرة باستخدام طرق مبتكرة وحديثة تساعد على ترسيخ المعلومات بذاكرته.

وما النصائح التى يمكن أن يقدمها الأهل للأبناء ليكونوا صداقات نافعة؟

يستطيع الطفل تكوين صداقات بالمدرسة عندما يكون اجتماعيا قادرا على التعبير عن رأيه، وبالتالي فمن الممكن مساعدة الأبناء في اختيار أصدقائهم سواء من خلال التعرف على أولياء الأمور وأبنائهم، أو من خلال مشاركة الطفل في بعض الأنشطة المدرسية وبالتالي اكتساب أصدقاء، والأهم من تكوين صداقات داخل المدرسة هو نوعية هذه الصداقات فيجب أن تكون مؤثرة في شخصية الطفل وتعود عليه بالنفع والخير وتطوير شخصيته.

وكيف يمكن للطالب مواجهة المتنمرين خاصة إذا لم يكونوا أصدقاء بل مجرد زملاء دراسة؟

يجب على الأم ضرورة توضيح نفسية المتنمر للابن حتى يستطيع الدفاع عن نفسه، فالمتنمر شخصية ضعيفة تلجأ للتنمر لتعويض ما بها من نقص وبالتالي يجب التصدي لهم من خلال قدرته على المواجهة أو الاستعانة بمعلم الفصل أو الأخصائي النفسي، لذا يجب توجيه الأبناء على التواجد ضمن مجموعة من الأصدقاء، فالمتنمر لا يعتدي إلا على الطفل المنعزل أو الوحيد.

ما النصيحة الذهبية للأمهات في هذه المرحلة؟

تذكّري أن البكاء أو التردد طبيعي جدًا في اليوم الأول، ولا يعني فشل الطفل أو ضعف شخصيته، بالصبر والاحتواء سيتحول هذا الخوف إلى فضول وحب للتجربة الجديدة، لذا كوني هادئة ومتوازنة أمام طفلك؛ الأطفال يلتقطون توتر الأمهات سريعًا، أظهري له ثقتك بقدراته، وشاركيه وضع جدول المذاكرة بنفسه ليشعر بالمسئولية، تذكري دائمًا أن الاستعداد النفسي والدعم العاطفي هما مفتاح النجاح الأكاديمي الحقيقي.

المصدر: هدى اسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 22 سبتمبر 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

27,477,769

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز