<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
بناتنا، اللائي في عمر الزهور، لا ينبغي أن يتحملن قسوة أيدينا، التي تحمل أثقال عشرة آلاف سنة كلها ظلم ودموع!
قي كل ناحية من نواحي الأرض...
في كل زاوية من زوايا الحياة.. تجد شيئا لطيفا يزين كل شيء ويبعث المرح في كل ركن من أركان الوجود...
ذلك الشيء هو.... البنات...
هذه الزهرات الجميلة الرقيقة التي تستبشر بالحياة وتستبشر بها الحياة...
هذه الابتسامات الحلوة البريئة، التي تحلم بالسعادة وتهب الناس أحلام السعادة...
تراهن في شوارع المدن بهجة وطفولة
وتجدهن في نواحي الريف يغنين ويرقصن ويرفلن في الثياب البديعة الزاهية، ويملأن الريف بشرا وحياة...
وتجدهن في دور الأعمال، في قدودهن الصغيرة، جالسات إلى ماكينات الكتابة أو عابرات في الممرات، فيخففن من وطأة الأعمال وثقل أجواء المخاطبات والأرقام.. ويبعثن بين الشيوخ أصحاب المال والجاه شيئا من مرح الشباب الذي ولى وفات...
وتراهن في الجامعات وقاعات الدرس، يجعلن لحياة الطلاب قيمة ومعنى...
وهن يسرن دائما في مرح، رافعات الرءوس
باسمات الثغور، واثقات في أن الناس يحبونهن ويعرفون أنهن زهور رقيقة خلقها الله ليسعد بها الناس من بعيد...
بناتنا المسكينات
أما في مصر وغيرها من بلاد هذا الشرق الحزين... فأنظر إليهن مسكينات بل مضطهدات...
إذا كن في البيوت راقبوهن إذا نظرن أو التفتن...
وإذا كن في الطريق تتبعتهن عيون الكواسر بنظرات جارحة كلها طمع وجشع...
يحوم حولهن سوء الظن وسوء الأدب وسوء المعاملة...
إذا عبسن قال الناس متكبرات مغرورات...
وإذا ابتسمن، قالوا خفيفات عابثات...
إذا كن محافظات في ملبسهن قيل متأخرات وإذا تابعن المودة قيل خلعات...
أنهن مظلومات... مظلومات!..
أننا نحسب أن نظرتنا إلى البنت قد تغيرت وأنا أعتقد أنها قد ساءت...
وإليك الدليل....
شر لا حيلة لنا فيه...
ففي أوساط العوام ما زالت البنت كما كانت أيام الجاهلية: شر لا حيلة للانسان فيه أنها عبء لابد من الخلاص منه....
نقطة ضعيفة لابد من مدارتها بأي شكل...
هؤلاء الناس يقترفون في حق البنات أوقح جريمة يمكن أن ترتكب في حق بشر...
البنت عندهم خادمة في البيت حتى تتزوج أمها تنجب الأولاد وهي تربيهم...
ومن منا لم ير أولئك البنات الصغيرات، فيما بين السابعة والعاشرة يحملن الأخ الصغير أو الأخت الصغيرة على ظهورهن الرقيقة طول النهار: يخرجن بالطفل ويعدن بالطفل، والأم لا تكلف خاطرها مئونة السؤال المجرد عن ذلك الطفل المسكين.
وعندما تبلغ البنت العاشرة يبدأ السؤال الناس، والأباء والأمهات لا يهمهم ما يصيب متى ترحل عنا؟... متى تذهب في داهية...
والعريس؟ ما هو العريس؟ شاب أو رجل ليس في ذهنه أكثر من الأكل والنوم...
وهذه الزيجة ليست في نظره أكثر من برتقانة أو ليمونة حلوة يعتصرها... ثم يلقيها
أنظر إلى المسكينة بعد سنتين أو ثلاث من الزواج... ترها قد ترهلت وانتفخت وذبلت وماتت وهي على قيد الحياة...
وحولها أطفال صغار يمتصون ما بقى في كيانها من رحيق الحياة....
هذا إذا كانت سعيدة الحظ!
أما إذا لم تكن، فأبحث عنها هناك على أبواب المحاكم الشرعية....
أبحث عنها في طابور الشقاء!
كل هذا وهي لا تزال في سن البنات! نعم، دون الخامسة والعشرين!
مشكلة: يحلها ربنا...
أما عند أوساط الطبقات المتعلمة فمركز البنت معقول، أو قريب من المعقول...
ولكنه بعيد عما ينبغي أن يكون عليه...
إنهم لا يرزقون بالبنات، بل يصابون بهن، مثلهم في ذلك مثل أثرياء العوام، مع فارق بسيط: هو أن أوساط المتعلمين يعرفون كيف يتجلدون للمصيبة! أما العوام فلا يتجلدون... بل يحزنون!
وهذا التجلد يأخذ صورا شتى...
قد يتقنه بعضهم، فيبدو وكأنه سعيد بالبنت حقا، ويدللها، وما أكثر ما تسمع- أسماء فيفي وزيزي وميمي ونانا...
ولكن، ماذا وراء هذا التدليل؟
الخوف! الخوف على البنت من الجيران والمعارف والأصدقاء... والأعداء...
والأسرة على حق في هذا الخوف.... لأن ابن الجيران في الغالب يدور بعينه في الشبابيك والأبواب وما وراء هذا كله... تراه وقد حول شباكه إلى مرصد أو نقطة أرصاد...
وهو رقيق لطيف إذا لقيته وحده، جريء بل وقح إذا أجتمع مع أصدقائه، ذئب خطر إذا أتيحت له الفرصة!
وياويل الأسر وبنات الأسر من ابن الجيران!
من المتسكعين على قوارع الطرق... من العصابات والشلل...
ومن المسئول؟
هذه الأسر نفسها!
ففي هؤلاء تجد بنين وبنات...
البنون أحرار يتسكعون كالزنابير يلسعون الناس، والأباء والأمهات لا يهمهم ما يصيب الناس من المحروس الغالي...
ومن العجيب مع ذلك أن هذه الأسر نفسها، التي لا تردع أولادها، تطالب الأسر الأخرى بأن تردع أبناءها...
أنانية وسوء تفكير....
والنتيجة؟
أن الأسرة تظل في خوف على بناتها حتى يتزوجن، أو حتى يتوظفن على الأقل...
وحتى يأتي هذا الفرج، ليس هناك إلا الخوف وسوء الظن...
إذا تقدم خاطب لإحدى بناتهم فكأنما تلقت الأسرة كلها إعلان حرب... وتبدأ المجالس والمؤتمرات والمشاروات... عن المهر والجهاز والعفش والشبكة...
هنا تدخل كرامة الأب وكرامة الأم
هنا تدخل كرامة الأب وكرامة الأم وكرامة الأخ أيضا في الميزان...
ولا تخرج البنت إلى بيت الزوجية إلا وقد جردت أمها من آخر أسورة في يدها، واستبدلت جنيهين أو ثلاثة من معاش والدها.
أو... قطة مدللة... تافهة
فإذا انتقلنا إلى أعلى... وأعني بذلك إذا صعدنا إلى مستويات الذوات،وأصحاب العزب والفيلات، ومخلفات الإصلاح الزراعي
هؤلاء يذهبون في معاملة البنات إلى الطرف الآخر...
يجاوزون حدود الإكرام إلى التدليل... إلى التدليل المضر... وأنا هنا أتكلم عن الغالبية...
أقول أنهم يحسبون أن" المودرنيزم" معناه الإسراف في كل شيء" إسراف في الحرية، في التجديد، في الأناقة... في المظهر...
ومن هنا، فهم ينظرون إلى البنت نظرتهم إلى قطة مدللة، قطة بجلاجل...
ينفقون عليها" من غير عقل"... مدارس، فساتين، اشتراكات نواد، رياضة، نقود في الجيب، وربما سيارة...
ولكن هذا كله لا يخرج البنت عن الوصف المذكور أعلاه: قطة مدللة...
لا يأخذونها مأخذ الجد إلا في النادر....
لهذا نجد الكثيرات من أولئك الفتيات، على رغم كل شيء،على رغم المال والجمال والحسب والنسب والتعليم والمدارس، والفرنساوي والإنجليزي.... قطعا من قطع الزينة....
إنك قد تعجب بهن... قد تحسدهن....
ولكنك عندما تعرف الحقيقة تجد أنهن جديرات بشيء واحد: الرثاء!
وسبب هذا كله؟
وسبب هذا كله شيء واحد: هو أن الفتاة المصرية لم تحصل على استقلالها بعد...
لا أقصد بذلك للتحرر أو الإنطلاق، لا أقصد به الخروج عن طاعة الأسرة أو على التقاليد... فهذا آخر ما يخطر ببال إنسان له عقل، وإنما أقصد بذلك الأعتراف بالبنت كاإسان مستقل: مستقل الشخصية والكيان...
ينبغي أن نؤمن أن الفتاة بطبعها حريصة على نفسها، وأنها تعرف كيف تذود عن كرامتها، كل ما نستطيع أن نقدمه إليها هي المبادئ والأسس والباقي عليها...
وإذا كانت بناتنا شريفات، فالفضل في ذلك لهن وحدهن...
أن الرجال عندنا يحاولون أن يعطوا أنفسهم أهمية، فيزعموا أنهم يحمون النساء...
خففوا عنكم....
المرأة أعرف بهذا منكم... البنت أوعى لنفسها مت أبيها....
علموهن، أفتحوا أمامهن طرق الكسب والعمل... وأبعدوا عنهن...
نعم! ابعدوا عنهن
إن بناتنا مظلومات... مظلومات جدا...
بناتنا اللائي في عمر الزهور، لا ينبغي أن يتحملن قسوة أيدينا التي تحمل أثقال عشرة آلاف سنة كلها ظلم ودموع!
ساحة النقاش