إبني مستهتر، إبني لا يبالي بأي شئ، إبنتي لا تتحمل المسئولية، الأولاد يضغطون علينا في الطلبات ولايقدرون تعبنا..عبارات كثيرة متشابهة فى الجوهر وإن إختلفت فى المفردات وكلها تعبر عن أزمة حقيقية داخل الأسر المصرية تتجسد فى عدم تحمل الأبناء المسئولية وفى هذا التحقيق نحاول التعرف على المشكلة وأسبابها وكيفية علاجها.
السيدة رشا أمجد - مهندسة - تحدثت قائلة: أعانى من حالة إحباط شديدة بسبب أولادى فلقد ضحيت بالكثير من أجلهم وأحاول دائما أن أجعلهم يتعايشون مع الظروف المحيطة بنا وأن يعاونونى لكن دا'ئما يقولون أنت التى أنجبتينا فتحملى المسئولية! لدرجة أن ابنتى أضاعت الموبايل الخاص بها وبعد ذلك غضبت مني وامتنعت عن التحدث معى عقاباً لى لأنى حرمتها من مصروفها أسبوعا.. المشكلة أن الجيل الحالى لا يفكر إلا فى نفسه ووجد أن كل شئ متاح له فأصبح غير قادر على تحمل الأزمات أو المشاكل أو مسئولية أى شئ.
تتفق معها ميرفت محسن - مدرسة - قائلة: أولادى يعتبرون أن طلباتهم أوامر وأننى ووالدهم علينا تنفيذها حتى المذاكرة يفرضون
علينا فيها المدرسين والمذكرات حتى يوافقون على الاستذكار، ورغم كل هذا لايشعرون بما نعانيه من ضغوط فى الحياة لنوفر لهم حياة كريمة فكل ما يعنيهم أن نلبى طلباتهم ومؤخراً خرجت لقضاء مصلحة للأسرة وأوصيتهم بالاهتمام بكل شئ فى الشقة وعدم اللعب فى الغاز أو الماء وكانت المفاجأه أننى عدت فوجدت الشقة غارقة لأنهم ناموا وتركوا الحنفية مفتوحة وعندما عاقبتهم أتهموني بالظلم لأن البيت مسئوليتى وليس لهم علاقة بأى شئ فيه!!
تختلف عما قيل السيدة كريمة - ربة بيت قائلة: إبنك على ما تربيه وقد ربيت أولادى على تحمل المسئولية خاصة وأننى أرملة ومعاشى محدود وبالتالى عليهم أن يساعدوننى فى كل شئ فعندما كان إبنى الأكبر يرفض أن يقف فى طابور العيش لاحضاره لنا لم أكن أطهى أى طعام ليعرف أشقاؤه أنه السبب وطبعاً تحملت الكثير من الضغوط والآلام حتى أجعلهم الآن رغم أعمارهم الصغيرة رجالا يعرفون معنى المسئولية ويقدرون أى شئ أقوم به لهم فعندما ندلل الأولاد ونترك لهم الحبل علي الغارب نضرهم بشده لأنهم يصبحون أنانيين وغير قادرين على تحمل مسئولية أنفسهم أو من معهم.
اتخاذ القرارات
أما الآباء فكان لهم رأى آخر وعن ذلك تحدث الأستاذ ثروت عفيفى موظف قائلاً: الأمهات سبب أساسى فى إفساد الأبناء وكراهيتهم
لتحمل المسئولية ودائما يرون أنهم لايزالون صغاراً أو يجب ألا نشركهم فى مشاكلنا الاقتصادية وألا نحملهم ما يفوق طاقتهم وبعد فوات الأوان تأتى الزوجه لزوجها باكية من إهمال الأبناء وعدم تحملهم للمسئولية واضاف أنه يدخل فى خناقات كثيرة بسبب تدليل زوجته لإبنهما الوحيد علي حساب شقيقاته ويرى أنها تفسده لكن لاتدرك ويتوقع أن يزداد رالأمر سوءً عندما يدخل الجامعة ويعتقد أنه أصبح رجلاً!!
الأستاذ رؤوف خالد - موظف - يروى تجربته قائلاً: بعد أن بلغ أولادى سن الثامنة بدأت أشركهم معى فى اتخاذ القرارات الهامة الخاصة بإنفاق راتبى وفى البداية كانوا يعتقدون أننى أضحك لكن اكتشفوا أننى أنفق كما يقولون وبمرور الوقت تعلموا تحمل المسئولية وضرورة أن نضحى بأشياء لنتمكن من شراء اشياء أخرى لأننا لا نستطيع أن نأخذ كل ما نريد وأن المسئوليات المكلفين بها تأتى فى المقدمة وحالياً أولادى فى سن الـ 15 والـ 17 وأعانى معهم مثل غيرى إلا فى الأمور المتعلقة بتحمل مسئولية أى قرار لأنهم تعلموا منذ سنوات كيف يفكرون فى أن أنفسهم وفى غيرهم فالأمر صعب لكن ضرورى.
شريط الذكريات
وإذا كان الأهالى يتفقون على أن الأبناء لايميلون لتحمل المسئولية وأنهم يريدون أن يتمتعوا بكل الحقوق دون أية واجبات فماذا نفعل معهم؟
حول هذا الأمر توجهت إلى د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع فقالت: تربية النشء مسئولية كل أسرة وكل مجتمع والأمر لا يجب أن يتم بعشوائية أو وفقا للأهواء لكن يحتاج إلى المعرفة والوعى بالأصول والقواعد السليمة لتربية الأبناء، ومشكلتنا الأساسية حالة التحنط الواضحة فى طرق وأساليب تربية النشء وكل واحد وحظه فنحن نرى أبناء غيرنا متفوقين دراسياً ونحاول أن نقلدهم دون أن نستوعب طبيعة أبنائنا.
وما إذا كان الأسلوب المتبع مع غيرهم سيصلح معهم أم لا وعلى نفس النهج تسيربنا الحياة ثم يشكون الأهل من أن الأبناء أنانيون مهملون لا يتحملون المسئولية في حين أننا إذا أعدنا شريط الذكريات للوارء سنجد أننا كأسرة ساهمنا بشكل أساسى فى كل سلبياتهم لذا فإن تعليم الأبناء تحمل المسئولية يبدأ بإشراكهم تدريجيا فى القرارات داخل الأسرة ثم ندربهم على تحمل مسئولية أشيائهم الصغيرة وبمرور الوقت سيعرف كل طفل ما هى المسئولية وما عقبات عدم تحملها وبذلك سيشعر بأهله وبما يقدمونه له من أشياء ولايكون شخصا أنانيا لامباليا ولامقدرا لتضحيات الآخرين من أجله.
ساحة النقاش