قالوا زمان في الأمثال«اضحك تضحك لك الدنيا وابك تبك وحدك» فالدنيا عندما يبستم الأنسان أو يضحك تصير أكثر جمالاً فالابتسامة هي جواز مرور لقلوب الأخرين وعلاج نفسي وعضوي مجاني وتحسن الهضم وتقوي جهاز المناعة.
طفح السرور على حتى أننى... من عظم ماقد سرني أبكانى» الناس عاده يضحكون مع الضاحك ويهربون من الباكى فأبك وحدك وأضحك مع الأخرين فالبكاء ليس ضد الضحك إنهما يتكاملان كالليل والنهار ومن الممكن تحويل أحدهما للأخر فلابد من البحث الدائم عن الوجه الضاحك للشىء المبكى.
كما يقول المثل الشعبى «إضحك قبل الضحك مايغلى أضحك والضحك رخيص» فهو يدعو إلى المسارعه فى الضحك «ومن يضحك كثيراً يضحك أخيراً» لكن من ينتظر ليكون الأخير فى الضحك فلربما لن يضحك أبداً مع أن «الضحك من غير سبب قله أدب» وهذا المثل لايؤدى إلى منع الضحك ولكن يدعو إلى إيجاد سبب للضحك مثل نكتة بديعه أو سخرية مهذبه أو موقف معين وفى ذلك تنشيط العقل والمخ وأشاره لملكه الابداع عند الإنسان.
جحا الضاحك المضحك فيلسوف الضحك هو أحد رموز التراث الشعبى ولايوجد شخصية شعبية تركت أثراً في العامة مثل شخصية جحا بحكاياته وأمثاله التى هو جزء منها فيحكى مثلا أن أهل «آق شهى» في تركيا وهى موطن جحا التركى بأن العروسين يبدآن حياتهما الزوجية بزيارة ضريح الشيخ « نصر الدين» جحا وهم يغرقون فى الضحك أثناء الزيارة حتى تصبح حياه العروسين سعيدة للأبد ومن تزوج ولم يقم بهذه الزيارة لايوفق فى زواجه.
ولولا أن ابن بطوطة الرحالة العظيم يتمتع بالمرح والفكاهة لما استطاع أن يتجول فى العالم شرقاً وغرباً ويكتسب ثقة الناس واحترامهم له فى كل مكان يذهب إليه فيعينوه قاضياً عليهم ويذوجوه من بناتهم ويقيم بينهم وكأنه واحد منهم.
الفكاهة هى سر الحياة الزوجية السعيدة فيقول المثل الشعبى: « اللى مراته مفرفشة يرجع البيت من العشاء» والعكس صحيح فالزوجة المكتئبة و«النكدية» تجعل زوجها يهرب من البيت.
كما جاء فى بعض الكتب المترجمة أن يوحنا وشمعون كانا من الحوارين فكان يوحنا لايحل بمجلس الإ ضحك وأضحك من حوله وكان شمعون لايحل بمجلس إلا أبكى وأبكى من حوله فقال شمعون لصاحبه ما أكثر ضحكك كأنك قد فرغت من عملك فقال له يوحنا وما أكثر بكائك كأنك قد يئست من رحمة ربك.
ويوصف المصرى أنه ابن نكتة وهناك تعبير « يموت من الضحك» يدل على الاستغراق فى الضحك فالمصرى بطبيعته دمه خفيف وروحه مرحه والنكتة جزء من حياة المصريين وعاده يقال « القافية تحكم».
فالفكاهة هى من ضمن الصفات الوراثية للإنسان ونظرا لأهمية الضحك عند العرب سموا أولادهم «الضحاك وبسام» وغيرها من الأسماء ويقال أن أجمل وأثمن ما تورثه لأبنائك ليس مالاً أو عقاراً وإنما أن تعلمهم كيف يضحكون وتنمى فيهم روح المرح والفكاهة التى لا تجرح الآخرين.
فيقول الكاتب برناردشو: طريقتى فى الفكاهة أن أقول الحقيقة فهى أعظم فكاهة أما الفيلسوف أرسطو: يعتقد أن تطهير النفس يأتى عن طريق الضحك وأن أتعس الناس هو من يفتقد إلى روح المرح ولاتؤثر فيه الفكاهة.
وكانت فلسفة الفيلسوف الكبير سقراط قائمة على مايسمى « بالتهكم والتوليد» أى المرح ثم توليد واستخلاص الأفكار الكبيرة من ذلك المرح أو تلك الفكاهة.
وكما يقول الفيلسوف الألمانى « شليجل» أن الفلسفة هى الموطن الحقيقى للتهكم فإذا كانت الفلسفة هى أم العلوم فالتهكم هو أبو الفلسفة والفكاهة سلاح ذو حدين بها تكتسب الأصدقاء وتنتقم من الأعداء.
ساحة النقاش