نساء مصر لسن كغيرهن..

كتبت : تهاني الصوابي

فى وطن، الأزهر الشريف منارته، ومنارة العالم الإسلامى من المشرق إلى المغرب، هل نحن فى حاجة إلى جماعة أو هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأى معروف يريدون الأمر به، وأى منكر يبغون النهى عنه.

فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى أعلنت عنه مجموعة من شباب الدعوة السلفية فى مصر على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تريد أن تكون على غرار هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالمملكة العربية السعودية والتى تعرف بين المواطنين بـ«الشرطة الدينية» لتقويم سلوك الناس والأفراد فى الشوارع والطرقات خاصة النساء، والمؤسف أن هذه الهيئة التى أنشئت حديثا من تلقاء نفسها دون تكليف من جهة لا تعى ولا تدرك الفارق الكبير بين المجتمع المصرى والمجتمع السعودى الذى أنشئت على أرضه تلك الجماعة، فأخذت فى التمادى بالإعلان عن نفسها ليس فقط على صفحات «الفيس بوك»، بل بدأت تمارس عملها بشكل فعلى وعملى، حيث اقتحم مجموعة من الشباب من ذوى اللحى الطويلة والجلاليب القصيرة محل «كوافير» بالقليبوبية، وأخذوا يهددون ويتوعدون السيدات فى حالة الإصرار على التردد على المحل، وعدم ارتداء الحجاب، وهو ما أثار حفيظة أصحاب المحل من السيدات والزبائن فقاموا باحتجاز هؤلاء الشباب، ولقنوهم «علقة ساخنة» لن ينسوها أبدا فى رد فعل تلقائى وطبيعى على جرأة هؤلاء الشباب الذين اقتحموا محل الكوافير عليهن دون استئذان، ونصبوا من أنفسهم أولى أمر لتقويم سلوكهن دون تكليف من الجهات الدينية المنوطة بذلك، ألا وهو الأزهر الشريف الذى يرفض تماما مثل تلك الجماعات فى مصر.

والغريب أن هؤلاء الشباب الذين كانوا يتوارون عن الأعين حتى وقت قريب خرجوا وبكل «بجاحة» يستوقفون النساء والبنات فى الشوارع ويلقون عليهن تعاليمهم بضرورة ارتداء الحجاب والاحتشام فى الملابس، بينما أخذ البعض منهم أسلوبا آخر أكثر حدة فى التعامل مع الفتيات عن طريق «البصق» عليهن، دون أن يكلفوا خاطرهم معرفة ما إذا كانت الفتاة مسلمة أم لا، وهو ما تسبب فى مشاكل عديدة ومشاجرات خلال الأيام الماضية بين هؤلاء الشباب والفتيات فى ظل غياب أمنى، مما دفع إحداهن أخيرا لاتهام أحدهم بالتحرش بها عقابا له على تعديه على حريتها الشخصية واعتراض طريقها بطريقة غير لائقة وبدون وجه حق.

وفى السويس قام مجموعة من الشباب يطلقون على أنفسهم جماعة «الهداية» يرتدون الجلباب القصير ويطلقون اللحي ويغطون رؤوسهم بالشال الأبيض، باقتحام مقهى وقت صلاة الظهر، وأغلقوا جهاز التليفزيون الخاص بالمقهى، وطلبوا من رواده القيام لصلاة الظهر، وعندما اعترض الحاضرون، اتهموهم بالكفر، ونشبت مشاجرة حامية، وانصرف الشباب مهددين متوعدين أنهم فى المرة القادمة سوف يحملون عصا من الخيرزان لتقويم الخارجين عن شريعة الله، وهو ما أثار حفيظة الحاضرين وتوعدوهم بالرد العنيف فى حالة مثل هذا التصرف.

الخطير حقا أن جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أعلنت انضمامها إلى مايسمى «كتائب القصاص» فى مدينة السويس للقصاص من قتلة الشهداء مؤكدين أن هذا جهاد فى سبيل الله، لتخليص البلاد من الفساد، وهو ما يعنى تصفية وقتل من يتهم بقتل شهيد حتى ولو كان بريئا ولم تثبت إدانته من قبل الجهات القضائية.

المؤكد أن حالة التخبط والفوضى التى تمر بها البلاد، قد أفرزت تلك الهيئة التى نصبت من نفسها وليا على الشعب المصرى، وتوهم كل من أطلق لحيته وارتدى جلبابا قصيرا أن من حقه تقويم سلوك الناس ويأمرهم بما يراه معروفا، وينهى عما يراه منكرا من وجهة نظره الشخصية، دون أن تكون الشريعة مرجعيته، متخذا من استحواذ التيارات الإسلامية على الأغلبية البرلمانية فى الانتخابات الأخيرة ذريعة بأن الشعب اختار الحكم الإسلامى، وقد نسى هؤلاء أن هناك عشرات الطعون المقدمة ضد تجاوز الأحزاب الدينية فى الانتخابات والانتهاكات التى مارستها من أجل الفوز، ومن قبلها خداع الناخبين بأن الطريق إلى الجنة مرهون بالتصويت للأحزاب الدينية وشراء الأصوات بشنطة رمضان وغيرها من الخدمات المشروطة بمنح الأصوات لتلك الأحزاب وغيرها وهو المنكر الحقيقى الذى يجب أن تنهى عنه تلك الجماعة ولا تغض السمع والبصر عنه.

المصدر: مجلة حواء -تهاني الصوابي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 800 مشاهدة
نشرت فى 19 يناير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,112,530

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز