محمد هنيدى :مصر في خطر

كتبت :منال عثمان

لم أره يوما بهذا الغضب والصوت الغارق فى أسي عميق .. الدموع معلقة بين أهدابه .. والحزن يسكن كلماته .. ينظر إلي تليفزيون صغير يبث النتائج التي وصلت إليها لجنة تقصي الحقائق بخصوص أحداث إستاد بورسعيد التي أسفرت عن الكثير من الشهداء من شباب التراس النادي الأهلى وجماهيره .. صوت المذيع الرياضى الشهير يستفزه وهو يشعل الدنيا نارا .. يأتينى صوته . أليس هناك قوانين في الدنيا تمنع هؤلاء الإعلاميين من هذه الجرائم التي يرتكبونها على الشاشة ؟ .. هذا تحريض علني للشباب الثائرين .. أتخيل نفسي أباً أو أخاً أو صديقاً لأحد هؤلاء الشهداء، ماذا أفعل وهذا الرجل يقول لي أن هذه النتائج ضعيفة .. يعني يحرضني أن أنزل آخذ حق ابني أو أخي بيدي ll

سنكون حقيقى نعيش بشريعة الغابة ؟

- وهل نحن الآن ننظم حياتنا الدساتير والقوانين؟! نحن فى أسوأ مرحلة فى تاريخ مصر.. فرحنا بالثورة وتصورنا أن المرحلة القادمة رائعة، لكن ها نحن الآن نعيش فى فوضى غريبة لم أر فى حياتى مثلها.. كنت فى أحد المولات منذ أيام قليلة مع ابنتى (فاطمة وأمينة)، لشراء بعض الأغراض وفجاءة سمعنا صراخ سيدة عجوز خطفوا سلسلتها الذهبية وطرحوها أرضا، هرعنا إليها، وبعد أن استطاعت إدارة المول غلق الأبواب الرئيسية سريعا عثروا على الفاعل، لكن هددهم بسلاح أبيض يحمله وصرخ أن يفتحوا الباب وإلا طعن من حوله.. ارتعب الكل طبعا وكان أول من صرخ - افتحوا له - كانت السيدة التى سرقت سلسلتها ثمينة جدا.. ما هذا؟!

  بعد الثورات أستاذ محمد يقاطعنى بحدة..

- لا تقولى لى بعد الثورات تعيش الشعوب مرحلة عدم توازن، والثورة الفرنسية ظلت مش عارف كام سنة حتى سترد الشعب استقراره وأمنه.. لا : لن ينفع معنا هذا المنطق ولن نقبله كشعب عاش كسيرا سنوات طويلة نضيف عليها أيضا سنوات من عدم الاستقرار والفوضى، وهذه المجازر التى يذهب ضحية لها شباب فى عمر الزهور !! لابد أن نجد حلا سريعا وقويا ففترة الضياع طالت.. انتخابات رئاسية يتقدم وقتها.. لابد أن تمسك البلد بيد من حديد.. لا أعرف ماذا حدث للشرطة؟ هل هى فى حلبة صراع مع الشعب.. هذا يكسب جولة والطرف الآخر يردها له.. نحن لن نفتح الدفاتر القديمة.. ولن نحاسب الصالح مع الطالح نحن فى عهد جديد.. يعنى فى مذبحة بورسعيد رأيت بعينى أفراد الأمن واقفين بلا أى تدخل أمنى لمنع هذه المذبحة لماذا تواجدوا إذن ؟! لرؤية الشباب وهم يصارعون الموت ؟! والبنوك التى تسرق، ومكاتب البريد، وقطع الطرق، وسرقة الشقق، والفيلات، والسيارات.. ابنى الصغير - يا مؤمنة - خطفوا منه (اللاب توب) الخاص به على باب عمارة صديقه أمس نحن فى مصر.. معقول نحن فى مصر !!

واضح أستاذ محمد..

من غضبه لم يجعلنى أكمل سؤالى..

- ذهبت للنادى الأهلى لتقديم واجب العزاء الذى أقامه رئيسه حسن حمدى.. جلست بين أسر الشهداء وأصدقائهم.. قال لى أحدهم ودموعه لا تفاقره ذهبنا ثمانية أصدقاء، خمسة استشهدوا واثنين إصابات خطيرة ووحدى الذى أصبت بكسر فى قدمى.. تربينا سويا وذاكرنا سويا أحببنا الأهلى وكنا نذهب وراءه فى كل مباراة، ليتنى كنت معهم.. فى ختام الليلة ونحن نسمع الدعوات للشهداء كانت أصوات النحيب لا يمكن تحملها.. الآباء والأخوة والأصدقاء والكل كان يبكى من قلبه.. فى عرف من هذا ؟! من سيعوضنا هذا الشباب الذى ذهب غدرا ؟! شباب جميل رياضى يشجع كورة.. لماذا يموت.. لماذا ؟ -أستغفر الله العظيم - وعندما وجدت نفسى فى وسط البلد أردت أن أرى شوارع منصور والنوبار ومحمد محمود.. خراب ما بعده خراب.. المحال كلها مهدمة والأرصفة مكسرة ومول الكمبيوتر هناك واجهته زجاجية كل الزجاج فى الشارع وتكييفات الأدوار الأولى فى العمارات كلها فى الأرض.. وسيارات بلا عدد مكسرة تماما.. معقول كل هذه الخسائر !!

عرفناك متفائلاً دائما والضحكة لا تفارقك.. انظر للكوب الممتلئ.

- يتنهد إن شاء الله مصر بخير والأمور سوف تتحسن عندما توضع فى نصابها الطبيعى.. لكن صدقينى كلنا ندفع الثمن.. ثمن كل هذه التجاوزات التى بلا رادع.. 18 يوماً ثورة كانت أجمل أيام حياتنا عشنا لحظات ولا فى الأحلام.. حلمنا بالحرية والعدل.. فوجدنا حرية البلطجة.. أى أحد يبلطج على أحد لا كاسر ولا خاضع.. أموت وأعرف من الطرف الثالث واللهو الخفى !! أصابع من الشررية هذه التى تهدم فى مصر الجميلة وتموت فى شبابها وتحرق ممتلكاتها وأبنيتها الرائعة الثمنية التى تشكل تاريخها.. ذيول الحزب الوطنى ممكن.. أصحاب المصالح من الداخل والخارج يجوز.. الأخوة فى طره قد يكون.. نريد من يريحنا ويقول هذا من يريد محوكم من الدنيا سترتاح ونعرف نتعامل !

  معقول.. من يفعلها ؟

- إنسان يستيقظ ضميره.. لا يمكن أن يكونوا كلهم جثثاً متحركة بلا ضمائر سنعرفه يوما.. نحن نستشعر يتخل خطة الدمار هذه بقى أن نعرف من وراؤها.

  نعود للفن ؟

بأسى - والله مالى نفس.

نتحدث قليلا عن فيلمك الجديد ؟

- والله فيلم أتمنى أن يكون حظه أفضل من ظروف تصويره.. فقد تأجل أكثر من مرة للظروف التى تمر بها مصر.. لكننا بدأنا التصوير منذ أيام فى إستديو (العزبة) بشبرامنت صورنا جزءًا من المشاهد هناك اسمه (تيته رهيبة) ألعب فيه دور شاب يعانى من تصرفات جدته صاحبة الشخصية القوية التى تتدخل فى كل شئون حياته وتفرض عليه آراءها الشخصية حتى فى علاقاته مع أصدقائه وحبيبته، الفيلم كتبه يوسف معاطى ويخرجه سامح عبدالعزيز ويشاركنى بطولته النجمة الكبيرة سميحة أيوب وأيمى سمير غانم وماجد الكدوانى وإدوارد.

  الموسم الماضى كانت معك ليلى طاهر، وهذا الموسم سميحة أيوب هذا حنين لنجوم الزمن الجميل ؟

- إنهم أساتذتنا الكبار الذين نتعلم منهم دائما أعطاهم الله الصحة وأنا أسعد جدا حين تأتى الفرصة وأعمل معهم.. تاريخ يمشى على قدمين.. تشعر أنك تعيش فى رحابه.. كل شىء جاهز ومرتب واحترام رائع للكل وأداء فى غاية الدقة، حقيقى الخبرة والأستاذية مهمة جدا، منذ أيام كنت أجلس مع مدام سميحة فى لحظات (البريك) وخطر لى أن أسألها عن المرحلة التى تلت ثورة يوليو 52 كيف عاشوها ؟ قالت كانت مرحلة رائعة أحسسنا أننا فى حضن مجلس قيادة الثورة يخافون علينا ويعملون لمصلحتنا.. عبدالناصر مهموم بنا كشعب يريد له أن يرفع رأسه وتعود مكاسبه إليه.. أعطى الفلاحين الفدادين، أمم القناة.. بنى السد عمل الكثير للصالح قد تكون له أخطاؤه لكن أبدا لم يتخل عن شعبه ولم يقصد الإساءة إليه.

  تتصور ثورة يناير فى خطر لأنها بلا قائد مثل عبدالناصر؟ يضع كفيه على وجهه ويهمش.

- لا أعرف.. ومن أين نأتى بزعيم مثله.. كل ما أعرفه أننا جميعا فى خطر.

 

 

المصدر: مجلة حواء -منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 967 مشاهدة
نشرت فى 23 فبراير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,693,148

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز