آلاف يُطلقن لإنجابهن أنثى

يا مخلفة البنات..يا شايلة الهم للمات

كتبت :نجلاء ابوزيد

 حالة طلاق كل 6 دقائق بينها 10 آلاف سيدة يطلقن سنوياً جراء عدم إنجابهن ذكوراً .. إحصائية مفزعة قدمها لنا الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أخيراً، تؤكد أن هناك خللاً يرتبط ارتباطا وثيقاً بالجهل والأمية والفقر يهدد بنية المجتمع المصري، فقد أثبتت البحوث والفحوصات الطبية أن المرأة لا علاقة لها بنوعية المولود ذكراً أو أنثي، وأن المسئولية تقع علي الرجل وحده، لكن جاهلية العادات والتقاليد وتدنى مكانة المرأة يدفع إلي تحميلها المسئولية، ومن ثم معاقبتها إما بالطلاق وإما بالزواج عليها وإما بالقسوة والإهمال في التعامل وهذا ما نحاول طرحه كاشفين عن الآثار المترتبة علي المجتمع كله وليست المرأة وحدها>>

 البداية مع سلوى عفيفى - موظفة - تقول : أعرف جيداً أن من تنجب إناثاً فقط ينظر لها المجتمع نظرة غريبة وكأنها أخطأت فى حق زوجها ولم تنجب له الذكر ، لكن أن يصل الأمر للطلاق فهذا ما لا أتخيله وقد عانيت لفترة من إنجابى لثلاث فتيات ، لكن رزقنى الله بمولود ذكر فتغير العالم من حولى وبالرغم من أن زوجى لم يكن يشعرنى بوجود أى أزمة لكن من حولى كانوا يشعروننى أن هناك ما ينقصنى.

 أما صفاء فقد طلقت فعلاً لإنجابها بنتاً ، تقول : لقد عانيت لفترة من صعوبة الحمل حتى رزقنى الله ببنت وفرحت بشدة لكن أخبرنى الطبيب أن حملى عزيز وربما لن أنجب مرة أخرى ، وتغيرت معاملة زوجى لى إثر هذه المعلومة وعندما أخبر بها حماتى تحولت حياتى لجحيم خاصة أننى أعيش معهم فى نفس العمارة وبعد بلوغ ابنتى العامين وعدم حدوث حمل بدأ زوجى وأمه رحلة البحث عن عروس ، وخيرت بين السكن فى شقة حماتى وترك الشقة للعروس الجديدة وبين الطلاق فاخترت الطلاق ولم أندم !

 المجتمع أقوي !

 د. سها - طبيبة - لها قصة أكثر غرابة فعائلة زوجها تفضل إنجاب الذكور فقط ومن تنجب بنتين يتزوج زوجها بأخرى ، ولأن ظروفهم الاقتصادية جيدة يستطيعون ذلك ، وللأسف حدث ما لم أتمناه فقد أنجبت أربع فتيات وزوجى يحبني ويرفض أن يستمع لنصائح أهله ولأننى خائفة أنوى أن أنجب على أمل أن أرزق صبياً حتى لا تدمر حياتى وعقلى يرفض ، وما تعلمته ومارسته لسنوات بكلية الطب يرفض ، لكن المجتمع أقوى من كل منطق !!

 وترفض رأيها ابتسام عادل - ربة بيت - قائلة أنجبت ثلاث فتيات والحمد لله حياتى مستقرة ولا أشعر أن هناك أى مشكلة لأننى فى حالى وزوجى رجل متدين ويعلم أن الأمر كله من عند الله ، أحيانا أشعر بغضب عندما تخفى إحدى جاراتى أو قريباتى حملهن لذكر حتى لا أحسدهن لكن أعود لإيمانى ولا أسمح لهذه الأشياء أن تغضبنى ، وعندما تقول لى إحدى جاراتى ربنا ريحك من الصبيان فهم مرهقون جداً أعلم أنها تخاف أن أحسدها على إنجاب الذكور لكننى لا أهتم كثيراً طالما أن بناتى متفوقات دراسيا ورياضيا الحمد لله ومن لا يقدر النعمة يفقدها .

 وإذا كانت هذه تجارب النساء، فكيف يرى الرجال هذه الإحصائية ؟.. أحمد فرج - موظف - يقول : كل رجل يتمنى أن ينجب صبياً ليحمله فى كبره لكن الإنجاب رزق، ومستحيل أن تصل الأمور للطلاق وأعتقد أن من يترك بناته وأمهن من أجل إنجاب ولد شخص غير عاقل ويدمر حياته .

 ويتفق معه محمد محروس - موظف - قائلاً : عندى ثلاث بنات هن كل حياتى ولم أفكر يوماً فى مسألة الإنجاب مرة رابعة لأنجب ذكراً ، تمنيت أكثر من مرة أن أرزق بصبى لكن عندما كنت أرزق بنتاً كنت أحمد الله على أنها سليمة ومعافاة ، لكن طلاق .. مستحيل !!

 رشدى محمود - صاحب محل - له رأى مختلف فيقول : الحمد لله عندى صبيان وبنات لكن بصراحة إذا لم تنجب زوجتى ذكوراً يحملون اسمى ويشاركوننى فى تجارتى ، كنت سأتزوج من أخرى وهذا ما فعله أخى فقد تزوج اثنتين بسبب الإنجاب ، لكن الطلاق وخراب البيوت حرام وليس بيد المرأة أن تنجب صبياً أو بنتاً فهذا رزق لكن الأفضل أن يتزوج عليها !!

 وإذا كانت هذه آراء الأزواج والزوجات فى الإحصائية فكيف يحللها علماء الاجتماع والدين ؟

 د. محمد رأفت عثمان - أستاذ الفقه المقارن كلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا- يقول : قيام أى رجل بتطليق زوجته بسبب إنجاب الإناث أمر لا يتفق مع سلوك المسلم الذى يجب أن يسلم بأمر الله ، فالمولى عز وجل يقول فى كتابه العزيز «لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير» . وهذا الشخص يعود بهذه التصرفات لسلوك أهل الجاهلية الذين بلغ ببعضهم أنهم كانوا يئدون البنات ونحن هنا لا نشبه الطلاق بسبب إنجاب الإناث بالوأد ، لكن كراهية البنات موجودة فى الحالتين وفى هذا خطأ كبير لأن الإسلام لا يفرق بين الذكر والأنثى فى التكاليف والمسئولية والحقوق ، وإذا كانت هناك فوارق فى الأحكام الشرعية فهذه تقتضيها طبيعة الذكورة والأنوثة ولا تنقص من مكانة المرأة أو كرامتها . ويجب أن نحيى تعاليم ديننا السمح من خلال خطباء المساجد فى القرى والمدن وأن نذكر الجميع أن الإنجاب ، أمره راجع إلى مشيئة الله وأنه ليس فى قدرة أى إنسان أن يحدد نوع المولود الذى يريده ولقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن التفرقة بين البنات والبنين قال - صلى الله عليه وسلم - «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجاباً من النار يوم القيامة» . ويختتم د. عثمان رأيه مؤكداً أن هذه النسبة تجعلنا ندرك خطورة الأمر وحاجتنا إلى ثورة ثقافية وإعلامية ليدرك أى رجل أنه بهذا الفعل يخالف أحكام الشريعة ويعترض على عطاء الله عز وجل .

 فكر ذكوري

 وترى د. مديحة الصفتى -أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية - أن هذه النسبة تؤكد استمرار التفكير الذكورى للمجتمع الذى يرى أن الأبناء الذكور هم من يخلدون ذكرى الأب ويحملون اسمه ويحافظون على ثروته، وأنهم العزوة والسند والذخيرة للعجز والشيب ، بالإضافة لبعد مهم جداً وهو البعد المادى ، فمن يبحثون عن إنجاب الذكر باستماتة حتى لو وصل شرط الزواج بأخرى فتطلق الأولى غالبا لما لديهم من أموال كثيرة يخافون أن يدخل وارثون غرباء وهناك سيدة أنجبت ابنتين وحدثت حادثة لزوجها أفقدته القدرة على الإنجاب ، وعاشت بشكل طبيعى لكن بعد أن تم علاجه وفقدت هى قدرتها على الحمل تزوج عليها لينجب ذكراً، فالموروث الثقافى فى أهمية إنجاب الذكر يجعل البعض يفكر فى التخلص من المرأة منجبة البنات ولكن هذا يرتبط بطبيعة المجتمع الذى ينتمى له الزوجان فبعض المجتمعات تفضل الزواج بأخرى لإنجاب الذكر عن الطلاق وقد ترفض الزوجة الوضع وتطالب هى بالطلاق وهذا من أوجه الظلم الاجتماعى الواقع على المرأة ، بخاصة فى الريف والمناطق الشعبية . وهذا الأمر يجب علاجه خاصة بعد أن ثبت اجتماعياً للجميع وبالتجربة الفعلية أن الذرية من البنات أكثر ترابطاً وتعاوناً مع الوالدين فى الكبر عن الذكور وختمت الصفتى حديثها مؤكدة أهمية التوعية المجتمعية والدينية لحديثى الزواج بأن الطب يؤكد أن الرجل وليس المرأة هو المسئول عن إنجاب الإناث أو الذكور ، وأن بناء الأسرة واستمرارها ليس بالذكور لكن بحسن التربية للأبناء أيا كان نوعهم ليرفعوا اسم الأب عالياً فى المستقبل . وكم من ذكور كانوا جاحدين وكم من إناث كنّ متميزات .

 البعد النفسي

 يؤكد أ. د عادل المدنى - أستاذ الطب النفسى واستشارى العلاقات الزوجية - أن هناك مبررات كثيرة قد تدعو للطلاق بين الزوجين وقد يتصادف أن يكون إنجاب إناث من بين هذه المبررات ، لكنه لا يكون السبب الرئيسى وهذا ما يجعل هذه الإحصائية أمراً ملفتاً يجب الوقوف عنده لأن مجتمعنا بطبعه مجتمع متدين لا يفضل فيه الرجل الشرقى أن يتخلى عن أسرته من الإناث وإن حدث ذلك فهذا يعنى أنه شخص غير مستقر نفسياً ويعانى مشكلات خاصة تجعله خائفاً من تحمل المسئولية ، وإذا كان المجتمع الشرقى لايزال يفضل إنجاب الذكور ويحمِّل المرأة الذنب ما يصيبها بمشكلات نفسية كثيرة إذا كانت تنجب الإناث ، فإن المجتمع نفسه لا يتقبل هذه الفكرة ويكون رافضاً للشخص الذى يقدم عليها لكنه يتحامل على المرأة ويطالبها أن تقبل زواجه بأخرى ، وفى هذا ضغط نفسى شديد على المرأة بالإضافة للضغط النفسى الذى يقع عليها لنظرات المحيطين بها والتى تتفاوت بين الشفقة عليها لأنها أم البنات ، أو السخرية منها أو اتهامها بالحسد لأبنائهم الذكور، وأكد أن المجتمع يجب أن يدرك كل هذه الأمور لأنه يرهق المرأة نفسيا بقدر لا تتحمله يصيبها بالاكتئاب . فالإعلام وخطباء المساجد ومدرسو المدارس الجميع لهم دور فى الاعتناء بالحالة النفسية للإنسان o

المصدر: مجلة حواء -نجلاء ابوزيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3168 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,460,955

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز