مع عام دراسى جديد

بلاش نتكلم فى الماضى

كتبت : نجلاء أبو زيد

  خليك فاكر إللي حصل في السنة إللي فاتت، حاول تتعلم من أخطائك واحنا في بداية السنة، اوعي تكون نسيت درجاتك، انت كما بتتكلم اسمع الكلام وانت ساكت، يا فاشل، وغيرها من العبارات التي اعتادت الأسرة ترديدها مع بداية العام الدراسي لتذكير الأبناء بأخطاء الماضي.

ولأن هذه الطريقة عادة لا تجدي كان يجب مناقشتها للتعرف علي تأثيرها علي الأبناء مع بداية عام دراسي جديد، وهل من الأفضل التذكير بأخطاء الماضي أم فتح صفحة جديدة مع بداية العام الجديد؟ حول هذه التساؤلات كانت السطور التالية.. 

 

بداية مع سلوى عبدالحميد - مدرسة - تقول: ابنتى طالبة معى فى نفس المدرسة وأعرف مستواها جيداً وأحاول مساعدتها لكنها لا تسمع النصيحة بسهولة مما يدفعنى رغم إدراكى خطأ ذلك إلى تذكيرها فى بداية كل عام بزميلاتها الأوائل، وكيف يتم تكريمهن وأنها بهذا المستوى لن تحقق حلمها فى الالتحاق بكلية الطب، وبعد أن أضايقها وأجعلها تبكى أندم على ما فعلت لأن كثرة التذكير بالأخطاء والسلبيات خاصة مع بداية العام الدراسى يقلل طموح الطفل ويجعله يعتقد أنه لا فائدة فهو فاشل!!

يتفق معها أحمد محسن - موظف - قائلاً: أنا مؤمن بأن لكل طفل قدراته، لذا لا أضغط على أبنائى فى المذاكرة، لكن أحاول توفير المناخ المناسب واعطاؤهم ما يحتاجونه من دروس، وأرضى بأى نتائج طالما نجحوا بلا ملاحق، لكن للأسف زوجتى هى سبب المشاكل لدرجة أننا أثناء شراء مستلزمات المدارس من ملابس وأحذية تخبرهم أنهم لا يستحقون ما نشتريه لأن مستواهم ضعيف، ولأن فلان أفضل منهم، وأنهم إذا لم يستمعوا لنصائحها سيحصلون على ملاحق هذا العام، وبذلك تضيع الفرحة فى عيونهم ويختارون ملابسهم دون رغبة.

أما على فاروق - موظف - فيحاول تدريب أولاده على الاستفادة من أخطاء العام الماضى لكن بأسلوب لا يغضبهم، حيث يطلب من كل واحد منهم أن يكتب فى ورقة أفضل ما قام به خلال العام الماضى والمواد التى أحبها وأسوأ ما قام به، وما حصل عليه من درجات، ويرى أنه بهذا الأسلوب يجعلهم يحاسبون أنفسهن ويتذكرون نقاط ضعفهم دون خجل أو إهانة، ويرفض وبشدة أن نبدأ السنة الجديدة بالتذكير بالأخطاء، لأن الدراسة غير محببة للأبناء، وإذا فعلنا ذلك سيكرهونها أكثر.

مروى كامل - كيميائية - تقول:- أحرص فى بداية العام الدراسى على شراء تورته الاحتفال بسنة جديدة فى حياتنا الدراسية تقربنا من تحقيق أحلامنا، وخلال الحفلة أعطى الفرصة لكل ولد أن يتحدث عن أحلامه لهذا العام ثم ندخل فى العام الدراسى دون أى إشارة للعام الماضى لأن أولادى متفوقون وإذا ارتكبوا أخطاء يشعرون بها سريعاً ويحاولون التوقف عنها، وأعتقد أن كثرة التذكير بالخطأ يجعله يترسخ وهذا لن يكون فى صالح الطفل.

وعن حالة الإحباط التى تصيب الآباء والأمهات من كثرة طلبهم من الأبناء بالمذاكرة والتركيز على دروسهم تقول نيفين عمر - ربة منزل - : عندى ثلاثة أولاد للأسف مستواهم الدراسى ضعيف رغم ما أبذله وأنفقه على المدرسين، وفى الماضى كنت أذكرهم بمستواهم وأرجوهم أن يحاولوا التركيز فى هذا العام لكن بمرور الوقت تعبت وقررت أن أتركهم المهم أن يحققوا النجاح، فلا داعى لحرق الدم فالتذكير بالأخطاء لا يعلمهم لكن يضايقنى ويتعب نفسيتى.

رؤية تربوية

وإذا كانت هذه آراء الآباء والأمهات فما رأى المدرسين فى التذكير بالأخطاء أو فتح صفحة جديدة؟

أ. وجيه أحمد - مدرس رياضيات - يقول: عندما أدخل فصلا أعرف تلاميذه وأعرف المتميز منهم وغير المهتم أحاول تذكيره بشكل لطيف بالعام الماضى وما ارتكبه بعضهم من أخطاء، لكن دون ذكر أسماء تجنباً لإحراج أحدهم.

وأنصحهم بضرورة أن نفتح صفحة جديدة مع المادة ولنحاول أن نكون أفضل من العام الماضى لكن فى قرارة نفسى متأكد أنه لا أحد يتغير، فمن اعتاد عدم الاهتمام سيستمر فى أسلوبه، لكنى أقول هذا حتى أعطيهم فرصة جديدة ربما يحسن بعضهم استغلالها.

أ. هبة رشدى - مدرسة لغة إنجليزية - تقول: أول حصة فى الفصل تكون لقياس المستوى وما يتذكره الطالب من العام الماضى وهكذا وبشكل عملى أذكره بما حدث معه وبذلك أضعها امام خيارين إما تطوير أدائه أو يظل كما هو، والمشكلة التى تقابلنا كمدرسين أن نسبة كبيرة من الطلاب يأتون للمدرسة وهم غير مقتنعين، ويحضرون بلا روح لمجرد تنفيذ تعليمات الأهل، لذا أتمنى من الأسر بذل المزيد من المجهود قبل بداية الدراسة لإشعار الأبناء بأهمية العام الدراسى الجديد دون إهانة أو تذكيرهم بأى أشياء سلبية، ففتح صفحة جديدة سيجعل الطالب يأتى بأمل سينعكس على درجة استيعابه للمواد المختلفة.

أسلوب خاطئ

ولكن ما رأى المتخصصين فيما هو أفضل بالنسبة لبداية عام دراسى جديد؛ التذكير بالماضى أم فتح صفحة جديدة؟

عن ذلك تحدثت د. سامية خضر - أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس - قائلة: المجتمع المصرى من المجتمعات التى تعطى العملية التعليمية مكانة كبيرة وهذا ينعكس على شكل المجتمع بمختلف فئاته قبل بداية العام الدراسي، فالأسرة تجهز البيت وتحاول توفير المناخ المناسب للمذاكرة وتسارع بحجز الدروس خاصة فى الشهادات بمعنى أنها تحاول بما عليها من مسئوليات، وأمام كل ما تفعله من جهود على أن يتعلم الابن ويحظى بمستقبل أفضل تشعر بحقها فى أن يقوم هذا الابن بدوره فى التركيز والاهتمام بمستقبله، وفى سبيل ذلك تحاول تذكيره بأخطائه وما حققه من درجات وكيف كان بإمكانه تحقيق ما هو أفضل أسوة بزملائه، وتبدأ الأسرة فى عقد مقارنات لا داعى لها ربما تحدث من الآثار السلبية فى بداية العام الدراسى أكثر مما كانت تتخيله الأسرة، وهنا يصبح الأسلوب غير السليم سبباً فى ضياع الهدف هو الحث على المذاكرة والأفضل أن تجتهد الأسرة فى توفير المناخ المعنوى المستقر الذى يدعم رغبة الطفل فى المذاكرة، فكلما كانت الأسرة مستقرة وهادئة ومتعاونة كلما انعكس ذلك إيجابيا على سلوك الابن الدراسي، وكما تهتم بشراء المستلزمات المادية الدراسية علينا إدراك أهمية الدعم العائلى للتلميذ والمساندة الاجتماعية والنفسية، حتى وإن أخطأ فعلينا الوقوف، إلى جواره كى لا يتكرر الخطأ.

وحول كيفية التعامل مع أبنائنا تحدثت د. ليلى كرم الدين - أستاذ علم النفس بمعهد الدراسات العليا للطفولة ورئيس لجنة قطاع دراسات الطفولة بالمجلس الأعلى للجامعات - قائلة: - التعامل مع أخطاء الأبناء فى العام الماضى ومحاولة تلاقينا فى العام الدراسى الجديد يتطلب إدراكاً ووعياً من الأسرة لأن أسلوب المعالجة يختلف حسب المرحلة العمرية للطفل، وهنا أنصح الأسرة بالتعامل بحب لا خوف مع الأبناء، وأن يكون أسلوب الإثابة هو المتبع لا العقاب، وأن تجتهد الأم فى التقارب النفسى والوجدانى مع أبنائها منذ ولادتهم، فكلما كان هناك ارتباط نفسى قوى مع الأبناء كلما ساعدهم ذلك على الدراسة بتفوق، وكلما ارتبط الطفل بحب مع أهله كلما حاول إسعادهم خلال دراسته، وإذا ارتكب أية أخطاء يجب أن ندعمه ونؤكد له أننا نثق فيه، وأنه لن يكرر أخطاءه، وأن العام الدراسى الجديد فرصة لنا جميعاً أن نبدأ من جديد، فكلما اجتهدت الأسرة فى بث الثقة فى ابنها كلما كان هذا حافزاً إيجابياً مع بداية العام.

أما عن مردود كثرة التذكير بالأخطاء فى بداية العام الدراسى تقول د. ليلى: تحدث كثرة التذكير بالأخطاء أثراً سلبياً وتجعله يبدأ عاماً بلا أمل ويفقد الثقة فى نفسه، وتنصح د. كرم الدين الأمهات بالمزيد من الحنان لا الشدة، والاستيعاب والتماس الأعذار ومنح الفرص، فكل ذلك يفتح الباب أمام التفوق والنجاح، ولنعتمد على حب أولادنا لنا ليكون هذا أسلوبنا معهم فى عدم تكرار الأخطاء

المصدر: مجلة حواء - نجلاء أبوزيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 939 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,856,932

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز