بين عزوف الأغنياء وإقبال الفقراء

لحوم الأكشاك تحارب الغلاء

كتبت : سماح موسي

  كثرت الأقاويل حول أكشاك اللحوم المدعمة فالبعض يبتعد عنها لكونها مجهولة المصدر ومعدومة الثقة والبعض الآخر يقبل عليها بشكل كبير لكثرة الرقابة المستمرة عليها.

فما السر في عزوف الناس عنها وإقبال البعض الآخر عليها؟ هل لرخص ثمنها قياساً بأسعار اللحوم البلدي أم عدم ثقة في هذه الأكشاك؟!

«حواء» حاولت إيجاد إجابة علي هذه التساؤلات في السطور القادمة 

البداية تأتى من المواطن المصرى عبدالرحيم سليمان - سائق - يقول : أفضل شراء اللحوم البلدى عن المستوردة لأنها معلومة المصدر، على الرغم من ارتفاع أسعارها عن بديلتها الموجودة فى أكشاك بيع اللحوم المدعمة.

وتتفق وفاء شحاتة - ربة منزل - مع الرأى السابق وتعلل ابتعادها عن شراء لحوم الأكشاك بأنها عجوزة تأخذ وقتاً طويلاً فى الطهى- «بدلاً من شراء 5 كيلو من الكشك الكيلو بـ39ونصف جنيهاً، أشترى كيلو واحد من الجزار» هذا ما بدأت به فاطمة يوسف - ممرضة فى أحد المستشفيات الخاصة - حديثها وتستطرد: أعتاد على شراء اللحوم من جزار معروف لدى أسرتى منذ زمن طويل فمصدر اللحوم التى يبيعها معلوم، يقوم بذبح الذبيحة وتنظيفها أمامنا فضلاً عن نظافة محل الجزارة الذى يتم عرض اللحوم به.

وعن غياب الرقابة على اللحوم والأكشاك يعلل مصطفى أحمد - مشرف إدارى فى شركة بترول - عزوفه عن شرائها قائلاً: أعزف عن شراء اللحوم من أكشاك اللحوم لأنها مجهولة المصدر، ويصعب تصديق وجود رقابة مستمرة عليها فإذا ما تأكدت من وجود رقابة عليها ومعرفة مصدرها فليس هناك أدنى مانع من شراء لحومها.

الوقاية أفضل

يقول عاطف أحمد- سائق تاكسي- وأب لثمانية أبناء: رغم احتياجى لشراء اللحوم من تلك الأكشاك، وقلة دخلي، وكثرة أعداد عائلتى فإننى أخاف على صحة أبنائي، ومن الأفضل أن أبتعد عن أكل اللحوم نهائياً بدلاً من أن أشترى من تلك الأكشاك التى تبيع اللحوم ذات الرائحة الكريهة فهل من الأفضل أن أدفع فارقاً توفيرياً لشراء اللحوم من الأكشاك فى علاجى من الأمراض الناتجة عن تناولى لها؟!

أما جمال محمد زكى - عضو المجلس المحلى السابق ورئيس لجنة تموين الأسواق بحى غرب مدينة نصر -يقول: كنت أشترى اللحوم من الأكشاك وقت أن كان يوجد عليها رقابة من المجالس المحلية الشعبية باستمرار، ولكن بعد حل تلك المجالس انعدمت الرقابة على تلك الأكشاك.

والدليل على ذلك إغلاق أكشاك بيع اللحوم فى الحى السادس بمدينة نصر وعدم تنفيذ أكشاك الجبل الأخضر، لذا أنادى بعودة الرقابة وتفعيل دور الجمعيات الاستهلاكية للحفاظ على حق المواطن الفقير ومحدودى الدخل فى الحصول على حقه.

وتختلف سوزان أحمد - موظفة - مع الآراء السابقة قائلة: أعتاد على شراء اللحوم من الأكشاك المجاورة لى لثقتى فى نظافتها وجودة لحومها ودائماً أرى مراقبى التموين والبيطريين متوافدين على تلك الأكشاك، بالإضافة إلى تميزها بسعرها المعقول مقارنة بالأسعار التى تباع بها فى الخارج مع العلم أننى أم لستة أبناء فبدلاً من أن أشترى كيلو واحد من اللحوم من الجزار أشترى 2 كيلو من أكشاك بيع اللحوم المدعمة من الحكومة.

وتتفق أميمة حسن - مديرة مبيعات إحدى الشركات الخاصة - مع الرأى السابق وتضيف أشترى من أكشاك بيع اللحوم وبخاصة فى الأعياد والمناسبات لاحتياجى لكميات كبيرة وثقتى فى تلك الأكشاك وجودتها ونظافة المكان التى تباع فيه.

حق الرد

بعد أن توجهنا إلى المواطنين لنتعرف على آرائهم حول أكشاك بيع اللحوم المدعمة من الحكومة، اتجهنا إلى القائمين على بيع اللحوم فى تلك الأكشاك لنتعرف على ردود أفعالهم حول اتهام المواطنين لهم بشأن عدم نظافة الأكشاك وعدم جودة اللحوم المستوردة و.. كانت البداية مع أيمن محمد - مدير فروع أكشاك بيع لحوم بمنشية ناصر - يقول: «نستورد العجول من السودان واستراليا ثم نقوم بعلفها، وبعد ثلاثة أشهر من الرعاية نقوم بذبحها فى المجازر الصحية ويتم وضع الأختام وتاريخ الصلاحية عليها، وعن الفئة التى تقبل عليها، يقول أيمن: إن تلك الأكشاك يقبل عليها جميع فئات الشعب الغنى ومحدودو الدخل والفقير.

أكشاك ضد الغلاء

أما الحاج عبدالرحمن سلامة - مدير كشك بيع اللحوم بالحى السابع بمدينة نصر - يقول «تصلنا اللحوم عن طريق رجال أعمال يقومون باستيرادها من الخارج وبخاصة من دولة السودان ثم ذبحها ويتم التأكد من لصق تاريخ الصلاحية والذبح مع وضوح الأختام عليها.

وعن الرقابة على الكشك يضيف الحاج عبدالرحمن بأنه يوجد لديه دفتر للمرور خاص باللجان البيطرية التى تقوم بتدوين الملاحظات الموجودة على الكشك يومياً بالإضافة إلى المتابعة المستمرة للجان التموينية التى تتابع مع المستهلكين التركيز على سؤالهم عن الأسعار التى يشترون بها اللحوم، أما اللجان البيطرية فيقومون بمراقبة الأختام ومدى صدقنا فى وجود ثلاجات تبريد والتأكد من عدم فصل اللحوم عن الدهون التى عليها.

الشروط الصحية

وبعد أن توجهنا للأكشاك انتقلنا إلى القائمين على الرقابة البيطرية على تلك الأكشاك كى نتأكد من صدق كلام أصحاب الأكشاك وتأتى البداية مع د. سعاد الخولى - مديرة مديرية الطب البيطرى بمحافظة القاهرة قائلة: أولاً لابد من وضع شروط واجراءات لإقامة منافذ «اكشاك» بيع اللحوم التى منها تقدم المستندات الدالة على اسم الشركة «السجل التجاري، والبطاقة الضريبية» حيث لا يسمح للأفراد والجزارين بإقامة تلك المنافذ وتقديم المستندات الدالة على مصدر اللحوم ونوعها وسعرها «خطاب تعاقد مع الشركة المستوردة للحوم يفيد نوعها ومصدرها وسعرها وبلد المنشأ والكمية المستوردة» وهذه المنافذ مؤقتة ويتم ترخيص العمل بها كل ثلاثة شهور.

وتضيف د. سعاد أن إقامة منافذ مطابقة للشروط الصحية الواجب توافرها فى أماكن عرض وبيع وتداول اللحوم، هى أن يكون مصنع من الألوميتال أو مادة سهلة التنظيف متوافر فيه مناضد وأرفف من الأستانلس ستيل لتجهيز وتقطيع اللحوم مع ضرورة توافر مصدر للمياه النظيفة والتهوية المناسبة وشفاطات وصاعق للحشرات وثلاجات تبريد وتجميد ومصدر للكهرباء والصرف الصحى وأن يكون بعيداً عن أماكن التلوث وتوفير أماكن آمنة لوقوف المواطنين، وعدم إعاقة حركة المرور، وتوافر شهادات صحية سارية للقائمين على البيع والتجهيز بالمنفذ.

المتابعة والرقابة

وتلتقط طرف الحديث د.هدى عزمى - مديرة التخطيط والمتابعة بمديرية الطب البيطرى بمحافظة القاهرة - قائلة: لابد من عمل ملف لكل منفذ يضم عدد العاملين والمدير المسئول عن المنفذ مرفق به البطاقات الشخصية والشهادات الصحية لكل عامل وصورة من التعاقد التى تم مع القائم بالعمل بالمفنذ، ويتم عمل 3 نسخ من هذا الملف توزع على مديرية الطب البيطرى والحى التابع له المنفذ، ومديرية التموين، ويتم العمل بالمنافذ من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الثامنة مساء كما يتم تغطية اللحوم بالشاش الأبيض ووضعها فى ثلاجة التبريد وعدم إخراجها من الثلاجة إلا وقت التجهيز والبيع للجمهور وعمل دفتر يومى خاص بكل منفذ مختوم بختم الإدارة البيطرية التابع لها المنفذ حتى يتثنى للأطباء تسجيل ملاحظاتهم وتوجيهاتهم بهذا الدفتر ويتم عمل صورة فوتوغرافية لكل منفذ موضح عليها تحت رعاية محافظ القاهرة ورئاسة حى وتحت إشراف مديرية الطب البيطرى وصورة من تعاقد المنشأة مع القائم على عملية البيع أو المسئول عن المنفذ ويتم العمل بهذه الشروط بداية من تاريخ إنشاء المنفذ وله سابقة أعمال فى مجال تداول اللحوم والمواد الغذائية.

وتؤكد د. هدى بأن الهدف من مشروع أكشاك اللحوم توفير اللحم المدعم بأسعار مخفضة لمحدودى الدخل، وتشغيل أيدى عاملة والسيطرة على ارتفاع الأسعار.

وإدارة التفتيش

وبعد أن توجهنا إلى أخصائى التنفيذ والمتابعة بمديرية الطب البيطرى بمحافظة القاهرة ننتقل إلى أخصائى التفتيش بالمجازر د. أشرف عبدالهادى يقول: بعد تنفيذ مشروع أكشاك بيع اللحوم يتم التفتيش على تلك الأكشاك ومدى مطابقتها للشروط الصحية لإقامتها، ويضيف د. أشرف أن اللحوم التى تباع فى أكشاك اللحمة يتم استيرادها مبردة من السودان أو مذبوحة محلياً من المجازر الحدودية «أبو سنبل وسفاجا» أو على الحدود بالسويس وتوجد خطة يومية للمرور على تلك المنافذ فى جميع أنحاء القاهرة للتفتيش على اللحوم وجودتها وتاريخ الذبح وفترة الصلاحية وتواجد الثلاجات فضلاً عن الأختام التى توضح منشأ اللحمة، ويتم الفحص للتأكد من احتفاظ اللحوم بخواصها الطبيعية أم لا، وهل رائحتها طبيعية وملمسها طبيعى ولونها وردى فاتح ليس فيه سواد أو اخضرار أو تلوينها بأى لون غريب غير طبيعى أم لا؟

وفى حالة الشك فى جودة اللحوم يتم أخذ عينة وإرسالها للمعامل للتأكد من صلاحيتها، فإذا تم التأكد من جودتها أفرج عنها عنها، أما إذا تأكدنا من صحة الشك ووجود عيب فى اللحوم يتم تحرير محضر لغلق المنفذ بالمخالفة إرساله للمحكمة وقد تصل العقوبة إلى السجن لمدة عام وغرامة عشرة آلاف جنيهاً.

أما د. السيد الشيمى مدير عام الصحة العامة بالهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة يقول: إن الهيئة العامة للخدمات البيطرية بالتنسق مع إدارة التخطيط والمتابعة والتنفيذ بمديريات الطب البيطرى بالتفتيش على اللحوم التى تباع فى المنافذ وضبط المخالف منها سواء خارج السلخانات أو عدم الضبط عند تزويد الأحبار والأختام الموجودة على اللحوم فيشترط القائمين على بيع اللحوم فى تلك الأكشاك البيع بأسعار مخفضة فهى تسعيرة ودية وليست إجبارية ولكن لابد من مراعاة المواطن الفقير، ويتم التفتيش على اللحوم بصفة دورية على الأقل أسبوعياً ونقوم بالتفتيش مع مباحث التموين وإدارات التموين ومديريات الطب البيطرى لنتأكد من مدى صلاحية اللحوم وصحة الأختام فإذا اكتشفنا عدم وجودها نقوم بتحرير غرامة من 200 إلى 500 جنيه، أما إذا كانت اللحوم تالفة فتكون العقوبة الحبس مدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات.

التحليل النفسي

وبعد أن توجهنا إلى القائمين على الرقابة البيطرية انتقلنا إلى خبراء علم النفس والاجتماع كى يحدثونا عن الأسباب وراء عزوف الأغنياء وإقبال الفقراء على لحوم تلك الأكشاك.

فى البداية تحدثنا مع أ.د. محمد سمير عبدالفتاح - أستاذ علم النفس وعميد الخدمة الاجتماعية بجامعة بنها- الذى أكد أن السبب وراء توافد الكثير من الفقراء على أكشاك اللحوم هو قلة أسعارها فى حين يرجع عزوف الأغنياء عنها إلى الخوف على صحتهم لأنها مصدر ريبة وشك مما يسمعونه من سوء استغلال التجار لها.

ويرى أ.د. أحمد يحيى - أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة قناة السويس أن السبب فى عدم إقبال الطبقات الغنية على أكشاك بيع اللحوم المدعمة من الحكومة ربما يكون شكلاً من أشكال التعالى بحيث لا يتهمون بأنهم من الفقراء أو ربما لكونهم قادرين على شراء اللحوم من المجازر الخاصة فيتركون اللحوم التى تباع فى الأكشاك للفقراء.

ويضيف : أرفض هذه الأكشاك فهى نوع من أنواع التمييز بين طبقات المجتمع فالفقير عليه أن يذهب لتلك الأكشاك والثرى يشترى من محلات الجزارة فأنا أفضل أن تباع كل هذه اللحوم فى الجمعيات التعاونية الفئوية الاستهلاكية داخل المصالح حتى لا نحرح مشاعر الفقراء أو نسيء لهم.

ويدخلها الغنى والفقير دون حساسية وبالتالى يمكن إزالة حالة الحرج والتمييز بين طبقات المجتمع .

وعن نظرة المجتمع لتلك الأكشاك يضيف أ.د.أحمد أن الكثيرين يرون أن تلك الأكشاك غير لائقة وطريقة عرضها غير آدمية وتفتقد للنظافة والمعاملة الحسنة والأسلوب المهذب للتواصل مع الجمهور فهى تفتقد إلى الشكل الحضارى بدون ضوابط

المصدر: مجلة حواء -سماح موسي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1159 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,756,105

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز