كتبت : سماح موسى

 كثير من الأبناء يرفضون زواج والدتهم بعد وفاة والدهم من آخر وهذا بدافع الغيرة عليها ،أو قد يكون لأنانيتهم واعتبارها ملكا لهم دون إعطائها أبسط حقوقها وهى أن تتزوج لأنها تحتاج لمن يشد من أزرها ويقف بجانبها خصوصا إذا كانت لاتعمل فمن أين لها أن تنفق؟ وإذا كان الأبناء يسلكون طريقهم في البحث عن العمل والزواج ففي ظل انشغالهم بتلك الأشياء يتناسونها وتكون هي آخر شئ يفكرون فيه .. فلماذا لا يتركونها تتمتع بحياتها وتتزوج؟ في السطور التالية نسرد قصصا عن زواج الأرملة .

في البداية تحدثنا (أميرة السيد ) 30عاما أرملة وأم لثلاثة أبناء تقول: توفي زوجي عني منذ ثلاثة أعوام وبعدها تقدم لى رجل محترم وثري فوافقت لأنني لا أعمل وأحتاج لزوج ينفق عليّ وعلي أبنائي ،ولكن عندما عرضت الأمر علي ابنتي الكبري رفضت بشدة وهددتني بترك المنزل إذا تزوجته فتراجعت عن رأيي لإرضاء ابنتي ، وخرجت للعمل كمندوبة مبيعات كي أنفق علي أبنائي وبالرغم من ذلك أحتاج لرجل يساندني ويشاركني تربية الأبناء.

(ندمت علي الزواج بعد وفاة زوجي أبو أولادي ).. هذا مابدأت به أميمة إبراهيم 40 عاما طبيبة وأم لشاب يبلغ من العمر 20 عاما وتستكمل حديثها قائلة: توفي زوجي منذ عامين وتقدم للزواج منى أستاذ بكلية الطب وتزوجنا وبالرغم من أنه يعامل ابني وكأنه ابنه الذي لم ينجبه إلا أن ابني دائما يتطاول عليه بالشتائم ولا يستمع إلي نصائحه لأنه يغار عليّ منه ولأنه أيضا كان يحب والده رحمه الله حبا شديدا فقد كانوا بمثابة الأصدقاء..حاولت كثيرا أن أقرب بينهم وأحببه في زوجي إلا أنه يرفض ذلك ويتركني وعيناه تدمعان لأنه يعتقد أن زوجي أنساني إياه وباعد بيني وبينه فيا ليتني لم أتزوج لكي لا أري هذه النظرة في عينيه..فقد كنت أحتاج لرجل يرعاني أنا وابني ويقف بجانبي ولكني أخطأت التفكير وأراجع نفسي فبالرغم من طيبة واحترام زوجي لى إلا أنني خائفة علي ابني من الضياع وكراهيته لي.

تعويض وحرمان

أما أحمد السيد 50عاما أرمل فيقول: أحببت فتاة ولكن القدر حال بين زواجي بها وتزوجت من آخر وتزوجت أنا أيضا من أخري ولكن زوجتي توفيت بعد عشرة أعوام من زواجنا بسبب مرضها وتركت لي ابنة عمرها تسع سنوات وشاء القدر وتوفي زوج حبيبتي في العام نفسه الذى توفيت فيه زوجتي، وعندما علمت بذلك تقدمت للزواج من حبيبتي بعد الوفاة بعام فوافقت وتزوجنا وكانت هي أم لبنتين توأم أصغر من ابنتي بعام واحد ومن يوم زواجنا اعتبرت بناتها هن بناتي وهي أيضا تعامل ابنتي وكأنها ابنتها وعوضتها حرمانها من والدتها كما أحبتني بناتها بل أصبحت أقرب لهن من والدتهن واقنعت ابنتي وبناتها أنني والدهن وهي أمهن مع المساواة بينهن في أي شيء، وتوطدت العلاقة أكثر بعد إنجابنا أخيهم الذي ربط بينا جميعاً.

الحماية

ويعلق على قصص نجاح زواج الأرمل أو فشلها د.محمد السعيد أبو الخير أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق فيقول: تلجأ الأرملة إلي الزواج بعد وفاة زوجها لأسباب ودوافع كثيرة منها الحماية حيث تحتاج المرأة أن تحتمي في رجل فهو يمثل لها السند في حياتها حتي إذا كان لديها أبناء فالأبناء لايغنون عن وجود رجل في حياة المرأة وحتي لايطمع فيها الآخرون ، وأيضا من الدوافع التي تجبر المرأة علي الزواج بعد وفاة زوجها الاعتمادية أي اعتمادها علي زوجها المتوفي من قبل بصورة زائدة فهذا يجعلها تحتاج إلي شخص آخر تعتمد عليه في قضاء أمورها.

موقف الأبناء

أما عن أبنائها وموقفهم من الزواج يضيف د.أبو الخير: أنه لابد أن تمهد الأم لأبنائها فكرة الزواج ولا تضعهم أمام الأمر الواقع فالتمهيد أفضل بكثير من المفاجأة والأمر يصبح سهلا إذا كان أبناؤها صغار السن حتي تستطيع إقناعهم، فالطفل يحتاج إلي بديل للأب بعد وفاته وخصوصا إذا قام الزوج بإرضائه وتلبية احتياجاته من فسح وألعاب.

أما إذا كان الأبناء في سن المراهقة فيكون من الصعب إقناعهم ..فالمراهق عادة مايكون متمردا علي السلطة الأبوية وعلي الوضع الاجتماعي فما بالك إذا كان من يمارس سلطة الأب ليس والده بل زوج أمه علاوة علي غيرة المراهق علي والدته خصوصا إذا كان ولدا أما إذا كانت بنتا فقلق والدتها يكون أكبر ..فمن المتوقع أن تنظر له البنت المراهقة نظرة رجل وليس أبا أو زوجا علاوة علي تقييد حرية البنت في ملابسها وتحركاتها في المنزل .

الابتعاد أفضل

تتفق د.عزة كُريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث مع الرأي السابق وتضيف ..أنه لابد علي الأم الابتعاد عن فكرة الزواج إذا كان الأبناء في سن المراهقة ..حيث إنه من الممكن زواجها وهم صغار السن أو بعد تخرجهم فى الجامعة حتي يكونوا قد انشغلوا في البحث عن عمل وتكوين مستقبلهم والدخول في مشروع زواجهم فتكون الأم وحيدة وقد يعرضون عليها هم أن تتزوج كما تؤكد د.عزة على أنه إذا كان الزوج الجديد يمتلك منزلا مستقلا بعيدا عن أبنائها فذلك يلزمها بقضاء بعض الوقت معه بعيدا عن الأبناء وقد يكون من الأفضل إذا كان الزوج مسافرا ويراها علي فترات متقطعة ولا يعيش معهم ويكون ارتباطه بها وليس له شأن بأمورهم ولايتدخل في شىء يخصهم ولا يختلط بهم وبالتالي لاتحدث مشاداة بينهم .

نظرة المجتمع

أما عن نظرة المجتمع لتلك الأم التي تريد الزواج بعد وفاة زوجها تقول د.عزة: إن المجتمع لايرفض زواج الأرملة ولكن يرفض معاناة الأبناء فلو استطاع الزوج الجديد احتواء الأبناء والبعد عن المشكلات والتقرب منهم ومعاملته لهم كأبنائه سيقبل المجتمع هذه الزيجة بل ويشجعها ،أما إذا كان العكس فسيرفضها رفضا قاطعا ويلوم المرأة علي اتخاذها خطوة الزواج .

ليس حق الأبناء

وعن رأي الشرع في هذه الزيجة يقول د.عبدالغفار هلال مفكر إسلامي وأستاذ بجامعة الأزهر: للأرملة الحق في الزواج بعد أن مات عنها زوجها بشرط أن تنقضي عدتها الشرعية وهي أربعة أشهر وعشرة أيام أما إذا كانت حاملا فعدتها تكون حتى تضع حملها ،ويجوز أن تقضي عدتها التي وردناها من قبل وأيهما أبعد زمنا وبعد أن تنقضي عدة الوفاة تكون الأرملة حرة ولها الحق فى أن تتزوج وأن تتزين حتي يخطبها الرجال .

وعن رفض الأبناء زواج والدتهم بعد وفاة والدهم يضيف د.هلال أنه ليس من حق الأبناء منع والدتهم من الزواج بعد وفاة والدهم فالله هو الذي أعطاها الحق في ذلك فهي تملك أمر نفسها وتستطيع أن تختار الزوج المناسب ،ويعتبر رفض أولادها تعطيلا لتنفيذ شرع الله ،ولكن إذا أرادت الأم البقاء مع أبنائها لتربيتهم ورعايتهم بمحض إرادتها فلها الثواب في تربية الأيتام حيث قال صلوات الله وسلامه عليه (بينما أدخل الجنة إذ امرأة تزاحمني فأقول لها من أنت.. فتقول أنا امرأة كنت قائمة علي أيتام لي ) صدق رسول الله صلوات الله عليه وسلم ..مع العلم أن اليتيم يتيم الأب وليس الأم لأن الأب هو الذى ينفق والشخص اليتيم هو الذي لم يتجاوز الخامسة عشر عاما.

 

المصدر: مجلة حواء- سماح موسى

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,207,203

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز