أين نحن من التغيير؟

بقلم :أمل مبروك

منذ أن وعينا على الدنيا ونحن نسمع عن هدى شعراوى وصفية زغلول وسهير القلماوى وأمينة السعيد وغيرهن كثيرات, كلهن نساء فاضلات مناضلات من أجل قضايا الأمة , منهن من حاربت من أجل تنوير العقلية المصرية , ومنهن من حاربت وناصرت وساهمت فى إنجاح الثورات المصرية من عبودية الفرد الأوحد والاستبداد بالرأى فى حكم البلاد .

كما لعبت المرأة المصرية - بلاشك - دورا بارزا وحيويا وتاريخيا فى إنجاح ثورة 25 يناير 2011 , فكانت مساوية للرجل فى كل ما أنجز نحو الثورة , وكانت مشاركة معه مشاركة فعلية منذ اللحظات الأولى لاندلاع الثورة, وإلى الآن لم يخبُ صوتها مطالبة بتحقيق مطالب الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية .

أمام أنفسنا وضمائرنا

وبالرغم مما وصلت إليه المرأة المصرية من مناصب وأعمال إلا أن الشراكة بينها وبين الرجل مازالت أقل من المتوسط بكثير، لذا أصبح من الضرورى أن نعيد النظر فى طريقة تفكيرنا ـ كدولة وكمجتمع ـ بشأن المرأة التى يصل عددها إلى نصف عدد السكان تقريبا بينما تمثيلها فى كل مجالات الحياة العملية وخاصة المجالس النيابية والمناصب القيادية يشير إلى عكس ذلك تماما, وأن نراجع الأفكار والآراء التي ظللنا نرددها لنصف قرن وأقنعنا أنفسنا بها لتفسير وتبرير تدنى هذا التمثيل , وأن نتعرف على ما يحدث فى العالم والمنطقة حتى ندرك أين نحن من التغيرات الحاصلة من حولنا .

والحقيقة الآن هى أن تدنى تمثيل المرأة في البرلمان- مثلا- لم يعد من الممكن تفسيره أو تبريره أو الاقتناع به أمام أنفسنا وضمائرنا كمواطنين مصريين فى دولة ينص دستورها على مبدأ المواطنة , كما أننا لا نستطيع تفسيره إزاء مجتمعات أخرى كانت تفصلنا عنها هوة كبيرة استطاعت هى أن تعبرها وأن تتقدم علينا بينما ظللنا نحن محلك سر نعيد اجترار التبريرات والتفسيرات نفسها .

ولننظر إلي ما يحدث فى العالم ، ففى آخرتقرير عن المرأة فى البرلمان الذى يصدره الاتحاد البرلمانى الدولى أشارت الأرقام إلى أن عدد البرلمانات التى ترأسها امرأة بلغ 35 برلمانا، ووفقا لقاعدة المعلومات الموجودة فى جامعة استكهولم السويدية عن وضع المرأة فى البرلمانات على مستوى العالم التى تشمل 112 دولة تأخذ ـ أو أخذت فى مرحلة سابقة ـ بنظام الكوتة للمرأة فإن هناك 97 دولة تأخذ به إما من خلال الدستور أو إلزام القانون للأحزاب بتخصيص نسبة معينة من مرشحيها للسيدات . وتوضح المعلومات المتاحة أن متوسط نسبة تمثيل المرأة فى برلمانات هذه الدول وصل إلى 19.8% ، وتتصدر هذه القائمة دولة أفريقية هى رواندا بنسبة 48.8% تليها السويد من أوروبا بنسبة 47.3% ثم كوستاريكا من أمريكا اللاتينية بنسبة 38.6% وبخصوص الدول الإسلامية فقد بلغ تمثيل المرأة فى أفغانستان 27.3% وباكستان 21.3% ، وفى البرلمانات العربية تشغل الإمارات المرتبة الأولى بنسبة 28% وتأتى مصر فى المركز الخامس عشر بنسبة 2%. ! وبطبيعة الحال فإن الصورة التي تشير إليها تلك الأرقام مخجلة .

إرادة سياسية ومجتمعية

من الضرورى أن نوقن ونقتنع بأن تفعيل دور المرأة داخل المجتمع سيؤدى إلى النهضة الشاملة، فنحن لا نتحدث عن مشكلات المرأة فحسب , وإنما عن مستقبل مصر وعن كيفية أن يتم تمكين المرأة باعتبارها نصف المجتمع من أداء دورها وواجبها فى صنع هذا التقدم لأن الاستثمار فى المرأة هو حجر الزاوية فى التنمية والتقدم، وأن زيادة مشاركتها فى مختلف مجالات الحياة هو أحد العناصر الرئيسية اللازمة للتغيير الحقيقى، وأن تدنى مستوى التمثيل البرلمانى لها وندرة تقلدها للمناصب القيادية هو إفراز لواقع اجتماعى وسياسى ينبغى مواجهته وكشف آليات استمراره والعمل على تغييره من خلال إرادة سياسية ومجتمعية وتحالف اجتماعى عريض يضم كل القوى التي تؤمن بمبدأ المواطنة . . وهذا يعنى ضرورة القضاء على الانفصال الحادث بين ما يقال عن المرأة على لسان عدد من صانعى القرار فى وسائل الإعلام وبين واقعها الحالى وما استطاعت أن تحرزه، وتغيير الصورة النمطية لعمل المرأة وتدريبها فى مجالات العمل غير التقليدية خاصة وأن خمس الأسر المصرية تعولها المرأة وأغلبهن غير مؤهلات لعصر جديد له متطلباته التكنولوجية.. مع الوضع فى الاعتبار أن أولويات المرأة للتنمية تختلف باختلاف مستوى التعليم والثقافة والعمر الزمنى وطبيعة العمل والموقع الجغرافى تبعا لكل محافظة

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,897,486

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز