كتبت:نبيلة حافظ

نعم الأحلام لا تعرف المستحيل والدليل علي ذلك كل الإنجازات التي تحققت في الحياة علي أيدي العلماء والمخترعين فلو كان يدري أصحابها وقتها أن تحقيق أحلامهم الكبيرة التي يحلمون بها هي درب من الخيال لما كانوا أقدموا عليها وكافحوا من أجل تحقيقها وتحملوا من أجلها متاعب وصعابا كثيرة ...!! هكذا علمتنا الحياة وتفتحت أعيننا علي هذه الحقيقة .. ومنها استقينا أحلامنا الكبيرة وجاهدنا من أجل تحقيقها علي أرض الواقع..ود.شريف أبو النجا مدير مستشفي سرطان الأطفال 57357 واحد من أهم رواد العمل التطوعي والاجتماعي في مصر وهو واحد من هؤلاء الحالمين الذين لم يصدمهم الواقع بكل ما فيه من مآسي وسلبيات وضعف إمكانيات وقرر أن يحلم حلم العمر أن يصبح في مصر مستشفي عالمي لعلاج سرطان الأطفال ووهب حياته كلها من أجل هذا المشروع الحلم وعلي مدار ثلاثين عاما تحقق الحلم وأصبح حقيقة جلية أمام أعين العالم كله ورمزا للإرادة المصرية . وأهم ما يميز هذا الحلم أنه لم يكن حلما فرديا لهذا الطبيب إنما كان حلما جماعيا لمجموعة من الأطباء الذين اجتمعوا علي حب الخير وهدف تقديم العون والمساعدة لأطفال مصر بل لأطفال العالم العربي كله , المصابين بهذا المرض اللعين وذلك ابتغاء مرضات الله دون انتظار عائد... من هنا تحقق الحلم وجاء النجاح المبهر لهذا المشروع العظيم الذي حمل معه آمالا كبيرة في الشفاء بعد أن كان الموت المحقق هو المصير المؤلم الذي ينتظر هؤلاء الأطفال المساكين . هذه كانت هي الحقيقة المخيفة بمصر منذ ثلاثين عاما للأسف الشديد ففي بداية الثمانينات كان القسم الوحيد لعلاج سرطان الأطفال في مصر بمعهد السرطان التابع لجامعة القاهرة وكان هذا القسم يحتوي علي 8 أسر فقط وعلى كل سرير يرقد طفلان بأمهاتهما وضع مخزي ومأساوي والأكثر مأساوية أن معظم هؤلاء الأطفال كانوا يموتون لسوء حالتهم الصحية ولسوء العلاج وأمام هذه الصورة السوداوية تحرك وقتها د. شريف الذي كان يعمل بالقسم هو وزملاؤه من أجل البحث عن مصادر تمويل للقسم فتوجه للشيخ الشعراوي رحمة الله عليه في إحدي المطاعم التي كان يتواجد فيها بصفة دائمة مع مجموعة من أصدقائه وعرض عليه الوضع المتردي للقسم وخرج من هذا اللقاء بتبرعات عينية بقيمة خمسين جنيها شهريا من كل متبرع ...وهكذا بدأت فكرة جمع تبرعات من أجل تطوير قسم الأطفال بالمعهد وفي عام 1991 أصبح بالقسم 120 سريرا...واستمرت مسيرة أطباء مصر الشرفاء وبداخلهم حلم كبير في أن يكون في مصر مستشفي متخصص لعلاج سرطان الأطفال وبدأ الحلم يتتحقق من خلال تبرعات مجموعة من رجال الأعمال في عام 1998 حيث تبرع سبعة من رجال الأعمال ب7 ملايين جنيه لعلاج الأطفال المرضي ...وفي خطوة جريئة من الأطباء الحالمين قرروا أن تكون المجازفة والمخاطرة الكبري وأن يخطوا نحو الحلم بخطوة صحيحة وكان القرار الجريء أن يتم إسناد عمل دراسات جدوي للمشروع لعدة مكاتب عالمية من أجل أن تكون البداية الصحيحة, وعلي الرغم من ضخامة تكلفة هذه الدراسات واستنفاذها لأكثر من ثلاثة أرباع التبرع إلا أنهم قرروا وأقدموا وتوكلوا علي الله الذي أيدهم بتوفيقه ... رحلة طويلة من الكد والكفاح و سنوات مضنية من العمل الشاق ولكن كل ذلك يهون من أجل تحقيق الحلم والوصول للهدف ...تسع سنوات من العمل والأفكار وجمع المال لم يتركوا بابا إلا وطرقوه ...ولم يستبعدوا أية وسيلة تمكنهم من جمع تبرعات , لذلك كانت أفكارهم جريئة وغير تقليدية , من هنا حالفهم النجاح... و في عام 2007 أصبح الحلم حقيقة علي أرض الواقع وتم افتتاح مستشفي سرطان الأطفال علي مساحة أربعين ألف متر وبتكلفة 135 مليون جنيه ... وطوال هذه السنوات يعمل القائمون علي هذا الصرح الطبي الهائل من أجل مسايرة دول العالم المتقدم في علاج هذا المرض اللعين , واستطاعوا بفضل الله أن يحققوا نسبة شفاء للمرض تصل إلي سبعين بالمائة وأن يكون هذا الصرح هو أكبر مستشفي سرطان للأطفال علي مستوي العالم كل هذا تحقق بفضل العمل التطوعي وبفضل الإصرار علي النجاح ابتغاء الله عزوجل ومن أجل علاج أطفال مرضي السرطان. وعلي الرغم من كل النتائج المبهرة التي تحققت داخل هذا الصرح الطبي إلا أنهم مازالوا يحلمون بالمزيد , يحلمون بألا يكون هناك طفل مريض لا يجد له مكان للعلاج .. يحلمون بأن يكون هناك فروع للمستشفي بكل محافظات مصر حتي يجنبوا المرضي وذويهم من مشقة السفر والانتقال للقاهرة .. يحلمون بأن تكون نسبة الشفاء من هذا المرض مائة بالمائة بأمر الله.. الأحلام كثيرة ولكنها علي الرغم من صعوبتها فإنها لا تعرف المستحيل { نــــبــــيلة حــــافـــــظ n

المصدر: مجلة حواء-نبيلة حافظ

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,454,811

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز