كتبت منال عثمان
l أزمه طاحنة لا جدال يعيشها الفن المصرى بكافة أفرعه.. مشكلة ذات حواف مدببة جمعت داخل جوفها الفن بمعناه البهيج للروح والنفس ومعناه السامى فى ماهية الشعوب .. والشعب المصرى بالذات يملك راية مرفوعة الهامة جدا فى الوطن العربى فى هذا المجال ورغم ما بدا من إنتاج لا بأس به للدراما فى رمضان ورغم دور السينما التى تحمل أفيشات لأفلام ليس مجالنا سرد معاناتنا منها إلا أنها فى النهاية انعكاس لحال بائس يعيشه شعب يقتات اللقمة و يتجرع شربة الماء يحب الفن فالفن مرآة الشعوب والحال والأرقام تؤكد بما لا يدعو مجالا للشك أن الفن المصرى فى أزمة وبالتحديد أزمه مالية ll
.. فكثير من الأعمال توقفت بسبب أزمة مالية وهناك أعمال أخرى ظهرت للنور بطلوع الروح وعلى مدى سنتين مثلا كلما توفرت السيولة مثل مسلسلات (ذات ، وميراث الريح) وغيرهما .. والحقيقة هذه ليست أول أزمة تصادف الفن .
أزمة الخمسينيات
فكما يقولون (ياما دقت على الرأس طبول) وأقصد بالتحديد أزمة الخمسينيات التى تم حلها سريعا وكان نجوم هذه الفترة - وأحدثك قبل ظهور التليفزيون فى بداية الستينيات - هم أصحاب الحل السريع ووضعوا أيديهم فى أيادى بعض وشدوا إليهم النجوم الجدد وحدث هذا الامتزاج الرائع وظهرت لنا روائع مثل (رد قلبى ، ولا أنام ، ولا تطفئ الشمس ، والناصر صلاح الدين ، و وا إسلاماه) وغيرهم .. وعندما اعتدل الميزان قليلا بعد أن أنشأت الدولة المؤسسة العامة للسينما لم يتوقفوا عن حلهم السحرى " التعاون مع بعض ومد الأيدى للنجوم الشابة".
ودارت العجلة بإنتاج الأفراد وإنتاج المؤسسة وكانت فترة الستينيات الذهبية وغض النجوم الطرف عن أشياء كثيرة والتقت الكبيرات "فاتن ، ومريم ، وهند" ، والكبار "يحيى، و رشدى ، وعماد ، وعمر" فى (لا أنام) مثلا ولم يسأل أحد عن حجم الدور أو وضع الاسم بل كل ما يهم عمل للسينما كان وسيظل أحد أيقوناتها الخالدة ، والحقيقة التى لابد أن نذكرها أن الأجيال الموجودة وإن كانت تغيرت المفاهيم ومعايير تقدير النجم لذاته عن ذى قبل إلا أن الأمر ليس خارج حساباتهم أبدا .. فنجمة مثل "ليلى علوى" بالذات تهوى كثيرا إحاطة نفسها بوجوه جديدة لتقدمهم للشاشة لكن الحقيقة ليس هذا المقصود فإعطاء الفرص للوجوه الجديدة قائم فى أى وقت فنحن نتحدث عن لقاء الإمبراطوريات الفنية يعنى فى المقابل نجم كامل الأهلية فى النجومية لكن من جيل أصغر ، وقد حدث هذا فى الفترة الأخيرة لكن لم يكن بقوة الأعمال المشتركة القديمة التى ضمت جحافل النجوم سبعة أو ثمانية نجوم كبار فى فيلم واحد ، وفى ظل الأزمة لا يسأل أحد عن الأجر أو الاسم ووضعه وتكون رواية كبيرة لروائى مهم وتعاد التجربة دون ملل أوكلل ، وبهذا يضربون عصفورين بحجر واحد .. تستعيد السينما رونقها وريادتها وتدور العجلة بعد فترة عطب طويلة.
سرايا عابدين
فقد هللنا وفرحنا عندما عمل النجم الكبير "محمود ياسين" فيلم الجزيرة مثلا مع "أحمد السقا" ، أو "محمود عبد العزيز" مع نفس النجم فى فيلم (إبراهيم الأبيض) لكن هل هذه المنظومة الناقصة تكفى لأن تشكل تيارا يحمل رياح البزوغ من جديد لسينما كانت تعد الصناعة رقم 2 فى مصر بعد القطن فى وقت من الأوقات ؟ لا أعتقد أبدا فالأمر يحتاج لأطراف كثيرة عاشقة للفن بشكل حقيقى ومتنازلة عن الكثير من أجل الفن المصرى الذى يحتاج إلى أن يمدوا له الأيدى الآن وهو يصارع والأقزام فنيا وإنسانيا يحاولون اعتلاء قمته وطرد عمالقته .. يحاولون منذ سنوات طويلة وهو أبدا لا يلين ولا يقبل ولا يحب إلا أن يعتلي قمته موهوب حقيقى ودارس وعاشق فمهما اختلفت المقاييس وانقلبت الأهرامات يظل للموهوب لمعته الخاصة ووضعه المتفرد ولا يصلح رقم فى صف ملىء بالعاهات الفنية.
وهنا لا يمكن أن أزيح اتهاما عن نجوم حقيقيين لملموا حوائجهم ونزحوا إلى بيوتهم رافضين هذا السيرك المنصوب منذ سنوات .. ألومهم حقا ولكن فى نفس الوقت أعذرهم فما أسخف اللعب مع الصغار .. إن تجربة المخرج "عمرو عرفة" الجديدة مسلسل (سرايا عابدين) الذى سيتولى بطولته كما سمعنا نجوما حقيقيون من أجيال عدة على رأسهم النجمات "يسرا ، وليلى علوى ، ونيللى كريم" وهناك مفاوضات مع الكبار "حسين فهمى ، وعزت العلايلى ، وهشام سليم" والشباب "أحمد عز، و هانى سلامة" أعتقد أنها تجربة ستحرك مياه الفن الراكدة بعمل قوى يتولاه كبار بلا شبهات فنية.. وقد يكون فعلا إجابة السؤال وحل الأزمة وأعتقد أنه حلا سحريا اتبعه كبار الزمن الفائت و صنعوا تاريخا مفعما بالإبداع ، ونتمنى ألا يخذل نجوم الزمن الحالى
ساحة النقاش