- د. سامية خضر: لن يسمح المصريون باستغلال
عواطفهم ثانية!
- أمينة النقاش: صناديق الاقتراع القادمة
لصاحب الوعود الصادقة
- د. عزة هيكل: نمر بمراهقة سياسية
هل يوجد علاقة بين المشاعر الشخصية والتوجهات السياسية؟! سؤال يفرض نفسه منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى الآن..فهذا يعصر على نفسه الليمون ويمنح صوته لمرسي كراهية في مبارك وكل من يمت له بصلة! وتلك تصوت بنعم لدستور 2014 وتتراقص نكاية في الإخوان..وإذا سألت أيا منهما عن الأساس الذي بني عليه اختياره، فوجئت بوابل من المشاعر البعيدة تماماً عن العقل حتى أن الأول لم يقرأ البرنامج الانتخابي لمرشحه والثانية لا تعرف ماهية ما صوتت عليه! فهل تتحكم مشاعرنا في مواقفنا السياسية؟!.. وإذا كان الأمر كذلك فإلى أي مدى يتم استغلالها من قبل الفصائل السياسية المختلفة؟!.. والأهم ماذا عن دور المشاعر في خياراتنا القادمة ونحن على أعتاب انتخابات رئاسية وبرلمانية؟!
لاشك أن النواحي العاطفية تتدخل في خياراتنا السياسية ليس في مصر فحسب بل وكافة بلدان العالم وهو ما أكدته د. سامية خضر أستاذ الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس- وأضافت أن ما حدث في مصر منذ قيام ثورة يناير وحتى هذا اليوم انعكس على المشاعر والتوجهات السياسية، وقد لعبت وسائل الإعلام دورا رئيسيا في التأثير على العواطف تجاه التيارات السياسية سواء بالسلب أو الإيجاب فأصبح الكبير والصغير..المتعلم والأمي..الغني والفقير..جميعهم يتحدث عن السياسة بل ويشارك في صنعها عن طريق صناديق الاقتراع، وقد مر المصريون خلال تلك الفترة بثلاث مراحل كان للمشاعر دور رئيسي فيها. ففي بداية ثورة يناير تباينت الرؤى بين التفكير والعاطفة حيث نظر البعض للأمور بعقلانية شديدة فحدد موقفه السياسي من منطلق التحليل المنطقي لما مضت به البلاد خلال الثلاثين سنة الماضية بينما استغل البعض الحث الديني عند المصريين للتأثير على مشاعرهم فاختلط العقل بالعاطفة لدى الكثيرين..بعدها نشبت أحداث عنف غير مبررة ليظهر "اللهو الخفي" المسمى بالطرف الثالث و معه دخل الشعب في دوامة لا نهائية من التوهان لتطغى المشاعر على التوجهات السياسية فتأتي انتخابات الرئاسة فيذهب الكل ليدلي بصوته وفقاً لمشاعره سواء كانت إيجابية أو سلبية..هكذا وصل الإخوان إلى الحكم لندخل في دائرة جديدة من الصراعات والعنف ومعهما أسقط رداء الدين الذي تخفى الإخوان ورائه فبدأ الجميع يفكر بطريقة عقلانية في إنقاذ مصر بعيداً عن أي مشاعر سابقة لتظهر حركة تمرد التي جمعت ملايين من الأصوات لتجيء ثورة 30 يونيو استكمالاً لما بدأنا منذ 25يناير..فيأتي المشير عبد الفتاح السيسي حاملاً رأسه على كفيه وينقذ مصر..الأمر الذي جعله يتوغل في قلب وعقل المصريين لذا أرى أن اختيارات الشعب في المرحلة القادمة سواء في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية سوف تبنى على مزيج من القلب والعقل. فقد استوعب المصريون الدرس جيداً ولن ينجح أي فصيل سياسي في استغلال مشاعرهم لصالحه..
و يتفق د. إسماعيل يوسف أستاذ الطب النفسي بجامعة قناة السويس مع الرأي السابق ويضيف أن مخاطبة المشاعر جزء لا يتجزأ من نجاح الزعيم السياسي..فهناك شخصية تمتلك الكاريزما التي تساعدها على الوصول لقلب الناس والتأثير عليهم والعكس صحيح بصرف النظر من كونها الأنسب من عدمه والدليل على ذلك أن العديد من الدراسات النفسية كشفت أن الرئيس الأمريكي كان يمتلك معدل مشاعر يفوق معدل ذكائه مما أسهم في انجذاب شعبه إليه.
التجربة الفعلية
وإذا كانت الدراسات النفسية تؤكد على وجود علاقة بين المشاعر والخيارات السياسية على حد قول خبراء علم النفس والاجتماع فماذا عن رأي السياسيين وما هي توقعاتهم لاختيارات المصريين في المرحلة المقبلة؟
تقول الكاتبة أمينة النقاش نائب رئيس حزب التجمع: رغم أننا شعب عاطفي بطبعه إلا أن لدينا الوعي والقدرة على التفرقة بين من يعمل لصالحنا أو يستغل مشاعرنا.. فقد انجذب الناس لبعض الوقت لمن خاطب حثهم الديني حتى جاءت التجربة الفعلية لتنقشع الغمامة عنهم فثار الشعب وأسقطهم..فمن يعتقد أن الطريقة التي حوكِم بها المصريون منذ 1952 إلي 25 يناير 2011 يمكن أن تعود فهو واهم.. فأي تسلط أو طغيان لم يعد مقبولاً وهذا ليس راجعاً للمشاعر بل لوعي المصري بحقوقه ومن ثم أصبحت الكرامة الإنسانية التي نزل الشعب للمطالبة بها يوم 25 يناير في أول قائمة أهدافه.. لذا أرى أن صناديق الاقتراع القادمة سوف تمتلئ باسم من يصدق في وعوده وخطاباته السياسية فتلك هي البوابة السحرية للوصول إلى قلب وعقل المواطن.
وتتفق عضو مجلس الشعب الأسبق ابتسام حبيب مع الرأي السابق وتضيف أن الوعي السياسي الذي اكتسبه المصري نتيجة ما مرت به البلاد منذ ثورة يناير حتى الآن سوف تجعله يجمع بين العقل والعاطفة في خياراته السياسية القادمة.
طغيان العواطف
بينما ترى المحامية وفاء المصري نائب رئيس حزب الكرامة أن المشاعر مازالت طاغية على مواقفنا السياسية ويرجع ذلك إلي قيام ثورة يناير دون قائد يحمل برنامجا واضحاً لخطها فأصبحت الأحاسيس الشخصية هي الأساس الذي من خلاله نحدد خياراتنا، وقد استمر الحال على هذا النحو حتى اليوم لذا نرى الناس تتحدث عن شخص المرشح الرئاسي بدلاً من السؤال عن برنامجه!.. وهو أمر خطير على مستقبل الديمقراطية وعلى النخبة المثقفة الانتباه لذلك والعمل على توعية أحكام العقل في خياراتنا القادمة.
وتشير د. عزة هيكل عضو المجلس القومي للمرأة إلى أننا لازلنا في مرحلة المراهقة السياسية سواء كنا كبار أو صغار أو نشطاء أو حتى النخبة المثقفة والمراهقة تعني تحكم العواطف في توجهاتنا السياسية..وأعتقد أن ما نمر به أمر طبيعي يصاحب سنواتنا الأولي في الديمقراطية. ومع مضي الوقت تقل المشاعر وتهدأ نبرة العواطف لتصبح خياراتنا مبنية على العقل وهو ما أتمنى أن نشهده في المرحلة القادمة.
ساحة النقاش