مازالت منظومة الأسعار تعد الهاجس الأول بل والأزمة الحقيقية التي تهدد استقرار حياة المواطن رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها كافة الجهات الحكومية للتعامل معها بل وعلاجها من جذورها سواء من خلال تجربة تخصيص سيارات متنقلة ومبردة لبيع الخضراوات والفاكهة والبقوليات والمجمدات بأسعار مخفضة كما لمسنا هذا خلال الأشهر القليلة الماضية، فإعادة المجمعات الاستهلاكية لبؤرة الضوء مرة أخرى من خلال تطوير كافة فروعها وافتتاح المزيد ما بين الحين والآخر يوفر كافة احتياجات المواطنين من السلع الغذائية وغير الغذائية بأسعار مخفضة.

 

 فهل تستطيع أن  تعود هذه المجمعات للعب دورها الملموس في توفير احتياجات المواطن وضبط ترمومتر الأسعار في الواقع، أما أن الرقابة بالأسواق وتلاعب بعض التجار والباعة قد يعوقها عن أداء هذا الدور؟ هذا ما حاولنا معرفته خلال جولتنا التالية..

 

 

 

البداية تأتي مما أعلنه دكتور خالد حنفي - وزير التموين والتجارة الداخلية - عن الاهتمام المستمر حاليا بتطوير كافة فروع المجمعات الاستهلاكية وشركتي الجملة والبالغ عددها حوالي 4 آلاف فرع ومنفذ على مستوى الجمهورية ليتم طرح العديد من السلع الغذائية وغير الغذائية من خلالها بأسعار تقل عن الأسواق بنسبة 30% مع تطويرها في نفس الوقت من خلال أساليب النقل والتداول والتخزين والعرض وكذلك البيع بحيث تصبح أقرب لشكل ومستوى السوبر ماركت ومراكز البيع التجارية الكبرى.

 

ولكن كيف يلمس المواطن التجربة؟

تقول السيدة عواطف جمعة "ربة منزل": توقفت منذ فترة زمنية طويلة عن التعامل مع المجمعات الاستهلاكية لانخفاض مستوى النظافة والنظام بها، هذا بجانب عدم توافر كافة السلع الغذائية وغير الغذائية بها حيث كانت السلع المعروضة بها محدودة، ولم نكن نجد بها كافة احتياجاتنا ولكني علمت مؤخرا مع بدء شهر رمضان على وجه التحديد بطرح كافة مستلزمات هذا الشهر الكريم من خلالها بأسعار تكاد تقترب من نصف الأسعار المعروض بها هذه السلع في الأسواق  العادية، وبالفعل قررت خوض التجربة والشراء منها وأذكر في هذا أني اشتريت كيلو البلح مثلا بخمسة جنيهات فقط في حين كان سعره بالخارج يبدأ من 6,5 أو 7 جنيهات بل ويعد النوع المطروح بهذه الأسعار المنخفضة في الأسواق العادية غير جيد، في حين أن النوع الموازي له بالمجمع الاستهلاكي والمطروح بسعر أقل أكثر جودة بل ويكاد يكون متميزا، لذا فما أرغبه بالفعل أن يتم التوسع في إنشاء هذه المجمعات بل وتطوير القائم منها بشكل فعلي على مستوى الجمهورية مع استمرارها في طرح كافة السلع بأسعار مخفضة طوال العام.

 

لحوم منوعة وخضراوات غير طازجة!

 

في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق قبيل الاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك وكما رصدنا ارتفاعا في أسعار اللحوم بمعدل يصل لـ 5 جنيهات، ليصل سعر كيلو  اللحم الكندوز إلى ما يتراوح مابين 75 و 90 جنيها في  بعض المناطق، وكما توقع عدد من الخبراء بالغرفة التجارية بالقاهرة فإن أسعار الدواجن قد ارتفعت أيضا مع بدء  نفس الشهر بنسبة تصل لـ 20% من سعرها المطروح بالأسواق فيما قبل لتصل لـ 18 جنيها للمعبأ منها و21 جنيها للحي.

 

وتروي سعاد طه "موظفة بإحدى الوزارت"  تجربتها فيما يتعلق بشراء ما طرح من لحوم بالمجمعات الاستهلاكية قائلة: قمت بزيارة لإحدى المجمعات الاستهلاكية بمنطقة وسط البلد بناء على اقتراح من إحدى زميلاتي بعد أن سمعنا عن طرح العديد من السلع المخفضة بها وكان يشغلني الحصول على ما يلزمني من لحوم ودواجن بسعر معقول خاصة وأن استهلاكنا من هذه الكميات يعد مضاعفا خلال شهر رمضان، وبالفعل اشتريت  كيلو الفراخ بما يقرب من 15 جنيها فقط وكيلو اللحم المجمد بما يقرب من 30 جنيها، وما أعجبني بالفعل هو وجود أكثر من نوع من اللحوم بما يساعدك على الاختيار من بينها، ولكن كان مستوى الخضراوات والفاكهة المطروحة رغم انخفاض أسعارها متوسطا حيث كان بعضها غير طازج!

 

توسع في المجمعات

 

وهو نفس ما يؤكده طه عبد العليم "مدرس" قائلا: أثناء قيامنا وزوجتى بجولة الشراء المعتادة قبل شهر رمضان قررنا الابتعاد عن المراكز التجارية الكبرى وتجربة الشراء من إحدى المجمعات الاستهلاكية، وبالفعل وجدنا العديد من السلع المطروحة بأقل من 30% من أسعارها المعتادة في الأسواق خاصة اللحوم والدواجن والمسلي والدقيق والمكرونة والأسماك والزيوت والبيض والألبان، والغريب هنا أنها كانت مطروحة بكميات كبيرة وبعبوات نظيفة رغم انخفاض أسعارها فالأرز مثلا اشتريته بــ3 جنيهات بدلا من 5 جنيهات، وكذلك زيت الذرة بـ 14 جنيها وهو أقل من سعره بـ 4 جنيهات وأكثر في السوق المحلي العادي، ولكننا كنا نتمنى وجود خضراوات وفواكه طازجة أكثر وبتنوع وأنواع أكثر جودة مما هو مطروح، كما أن عدم وجود هذه المجمعات في كافة المناطق يجعل البعض يقطع مسافات طويلة للوصول إليها لذا فلابد حتى تعود لسابق عصرها وتساعدنا بالفعل كمواطنين أن تتواجد بكافة المناطق.

 

تطوير

وعن هذه التجربة بسلبياتها وإيجابياتها تقول د. ليلى البيلي - الخبير الاقتصادي وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة: لاشك أن هذه التجربة مع تضافرها ومع بدء طرح ما يقرب من 20 سلعة غذائية وغير غذائية على البطاقات التموينية من المنتجات المختلفة بحيث يختار المواطن بقيمة الدعم ما يناسب احتياجاته كل شهر، سيقضي مع الوقت على شكاوى المواطنين من غياب بعض السلع، وارتفاع أسعارها، كما سيساعد في توفير هذه السلع في المناطق التي لا تتوافر بها مجمعات استهلاكية.

 

مضيفة أنه إذا كانت السلع المعروضة بهذه المجمعات اغلبها من منتجات الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية فإنه وكما أعلن عن بدء الاهتمام في نفس الإطار بتطوير هذه الشركات حتى تلبي احتياجات السوق سنجد منتجات مميزة من العصائر والألبان على وجه التحديد من منتجات بعض هذه الشركات معروضة بشكل وسعر مميز في هذه المجمعات بل وقادرة على المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية وهو ما كنا نعاني منه من نقص فعلي فيه فيما قبل.

رقابة

ويلفت الخبير الاقتصادي د. حمدي عبدالعظيم - رئيس أكاديمية السادات الأسبق - النظر إلى مشكلة أخرى قد تثيرها هذه التجربة ألا وهي ضرورة وجود رقابة حقيقية ومستمرة على هذه المجمعات حيث إن طرح هذه السلع سيصب في مصلحة المواطن في الأساس بل وسيلعب دورا ملموسا في معالجة مشكلة ارتفاع الأسعار، ولكن بعض التجار الجشعين مع عدم وجود رقابة حقيقية على هذه المنافذ قد يستغلون الوضع ويقومون بشراء هذه السلع مخفضة الأسعار من المجمعات ثم يعاودون طرحها مرة أخرى في السوق بأسعار مرتفعة وبالتالي فلابد من الرقابة على الكميات التي يسمح بشرائها من هذه السلع بحيث يتم إيقاف البيع لمن يشتري كميات كبيرة أو تثير الشبهات حتى تحقق التجربة الهدف من تطبيقها ألا وهو مصلحة المواطن.

 

جودة وأسعار

 

ويؤكد د. هاني وهبة - رئيس المركز الاقتصادي المصري للتنمية - أن استمرار نجاح هذه التجربة يرتبط بالاستمرار في طرح كميات كبيرة تكفي حاجة المواطنين بهذه المجمعات الاستهلاكية، هذا بجانب طرح سلع بنفس جودة السلع المطروحة بالأسواق العادية خاصة فيما يتعلق بالسلع الغذائية بحيث يشعر المواطن أنه يشتري بالفعل سلعا مميزة وكأي سلعة مطروحة بالسوق وبسعر مخفض وبالتالي فهو هنا الرابح.

 

وتشير سعاد الديب - رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك - إلى أنه على الرغم من شكاوى بعض المواطنين من ارتفاع أسعار بعض أنواع اللحوم المطروحة بهذه المجمعات وكذلك بعض أنواع ياميش رمضان إلا أن التجربة ساعدت البعض في لعب دور في مواجهة الأسعار يستدعي خفض أكثر لأسعار السلع المطروحة بهذه المجمعات مع الاهتمام بجودتها.

 

المصدر: سمر الدسوقي -مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 465 مشاهدة
نشرت فى 21 يوليو 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,982,611

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز