لآل بيت النبى مكانة خاصة بقلوب المصريين حيث يشدون إلي أضرحتهم الرحال، ويحفظون سيرهم ويحتفلون بمولدهم، وفى رمضان تتلهف قلوبهم شوقا للصلاة بمساجدهم، فتعالوا بنا لنعايش سيرهم ونتعرف كيف يحتفل المصريون بموالدهم.

فى ساحاتهم تلقى الهموم، وفى رحابهم ترفع الأيدى ضارعة للحى القيوم، مساجدهم قبلة العاشقين وماذ التائهن، دربهم نهج للسائرين وسيرتهم منهل للمقتدين، هم امتداد لآل بيت سيد الأولين وخاتم المرسلين، إنهم أولياء الله أصحاب الكرامات وذوى المعجزات التى تسكب العبرات على أعتابهم وتتعالى الدعوات فى رحابهم..

يمتلك أبناء الطرق الصوفية أجندة سنوية لمواعيد الاحتفال بموالد أئمة آل البيت، وينظر المتصوفون إلى الاحتفال بموالد الأولياء والصالحن باعتبارها أيام خير وبركة ونفحات، وهم يقيسون الاحتفاء بموالد الصالحن على المولد النبوى الذى جرت عادة المصرين الاحتفاء به منذ العهد الفاطمى.

ويتمثل الاحتفاء بإقامة ليالى الذكر والحضرات، ونذر الذبائح والأضاحى وإطعام الفقراء والمساكين، ويتخذ الاحتفال طابعا شعبيا لا سيما فى المناطق الريفية، ففيه تنصب خيام الباعة وملاهى الأطفال وأدوات الزينة والحلى على مدار عدة ليال حتى الليلة الكبيرة «الختامية » وهى التى توافق مياد أو وفاة الولى صاحب

المقام.

وللطرق الصوفية فى الاحتفاء بموالد كبار الأولياء والصالحن شأن آخر، إذ عادة ما يشد أبناؤها الرحال من مختلف محافظات مصر إلى موضع المقام، فينصبون سرادقات عليها شعارات الطرق «الرفاعية – البرهامية - السادة الشاذلية وغيرها » يسمونها «الخدمة »، وتتمثل مهمتها فى إعداد الطعام للفقراء والمساكين واستقبال زوار صاحب المقام من الأماكن البعيدة وتقديم الطعام والمأوى لهم طوال مدة المولد، بالإضافة إلى استقبال النذور والأضاحى المقدمة على شرف صاحب المولد، كما تعقد فيها حلقات الذكر لأبناء الطريقة ومختلف المحبين على اختاف مشاربهم الصوفية.

عادة ما يزور أبناء الطرق صاحب المقام ويمارسون طقوس الزيارة من قراءة الفاتحة، والتمسح بالضريح من باب التبرك، والطواف بالمقام، والدعاء والتوسل، ثم تصطف الصفوف وتنشد القصائد والمدائح النبوية ليتمايل عليها الذاكرون، ويظل ذلك الحال مستمرا حتى الليلة الختامية للمولد والتى تسمى بالليلة الكبيرة التى عادة ما يحضرها كبار المنشدين كالشيخ ياسن التهامي، وابنه محمود ياسن التهامى لإحياء ليالى المولد بحضرات الذكر والإنشاد، ولكل منهما معجبيهم الذين ينتظرون المولد كل عام للاستمتاع بالذكر على نغماتهم الشجية التى تنتزع منهم التأوهات.

أشهر الموالد

-1 أمير الصعيد: مع حلول منتصف شهر شعبان من كل عام يتوافد آلاف المواطنن من أبناء قنا ومحافظات مصر المختلفة للاحتفال بمولد عبد الرحيم القنائى أحد الأقطاب الصوفية الذى ذاع صيته على مستوى العالم الإسلامى، وتحول إلى مزار دينى يقصدها محبى آل بيت رسول الله.

عبد الرحيم القنائى هو عالم دين، ولد فى المغرب فى الأول من شعبان سنة 521 ه وتلقى العلم على يد والده وكبار العلماء، ذاع صيته بعد إلقائه للدروس الدينية فى العشرين من عمره، وفى موسم الحج التقى بمكة بالشيخ مجد الدين القشيرى الذى أصر على أن يصحبه عبد الرحيم إلى قنا، وخال تلك الفترة صدر قرار من والى مصر بتعيينه شيخا لقنا، توفى فى 19 صفر سنة 592 ه عن عمر 71 عاما قضى منها 41 عاما فى الصعيد ليقام له أكبر مسجد وضريح بوسط مدينة قنا.

فى مولد ولى المعجزات وصاحب الكرامات تتوافد العديد من الطرق الصوفية لمسجد العارف بالله من أبرزها الطرق الرفاعية والعزمية والعزازية والأحمدية والشاذلية والأدريسية الأحمدية والدندراوية وغيرهم الكثير من الطرق، لكن الطريقة الرحيمية القنائية تعتبر نفسها الابن الشرعى له والأولى برعاية شئون مسجد ومقام العارف بالله القنائى.

-2 نصير الفقراء: يعود نسب إبراهيم الدسوقى من جهة أبيه إلى الحسن بن على بن أبى طالب، وجده لأمه أبو الفتح الواسطى خليفة الطريقة الرفاعية، لذلك كانت له علاقة بالصوفية منذ صغره، كذلك تأثر بأفكار أبوالحسن الشاذلي، وكان على صلة بأحمد البدوى بمدينة طنطا الذى كان معاصرا له.

فى شهر أكتوبر من كل عام يقام الاحتفال بمولده فى مدينة دسوق ويستمر لمدة أسبوع يشارك فيه رواد الطرق الصوفية من مختلف أنحاء العالم، ويزور المدينة فى هذا الوقت من العام أكثر من مليون زائر لذا يعد من أكبر احتفالات الموالد الدينية، ومن مظاهر الاحتفال أن يمتطى خليفة المقام الإبراهيمى حصانا يزف به فى معظم شوارع دسوق بعد صاة العصر فى اليوم الختامى للاحتفال.

يُنسب له العديد من الكرامات الخارقة للعادة، وقد انتشرت طريقته فى مصر والسودان بجانب بعض الدول الإسامية والأوروبية، وتفرعت من طريقته العديد من الطرق الأخرى أشهرها: البرهامية، والشهاوية البرهامية، والدسوقية المحمدية.

-3 السيد البدوى: « الله الله يا بدوى جاب اليسرى »، هكذا يتغنى أحباؤه ومريديه، هو أحمد بن على بن يحيى ولد فى 596 ه وتوفى بطنطا 675 ه، إمام صوفى سنى وإليه تنسب الطريقة البدوية ذات

الراية الحمراء، وقد لقب بالبدوى لأنه كان دائم تغطية وجهه باللثام مثل أهل البادية، وله الكثير من الألقاب، أشهرها شيخ العرب والسطوحي، وينسب له العديد من الكرامات، أشهرها ما يتداوله العامة أنه كان ينقذ الأسرى المصرين من أوروبا الذين تم أسرهم فى الحروب الصليبية.

فى شهر أكتوبر من كل عام تحتفى مدينة طنطا بمولده الذى يُعد أكبر الاحتفالات الدينية فى مصر على الإطاق، حيث يزور مسجده أكثر من 2 مليون زائر بهدف التبرك بأثر قدم النبى المحفور على حجر موجود بالمسجد.

يشتهر مولد السيد البدوى بانتشار خيم «الخدمة » التى تنصب فى الحارات والشوارع ليقدم أصحابها الفول النابت الذى يعد نذر الغلابة لمنع الأذى، إلى جانب انتشار بائعى الحمص والحلاوة وألعاب الأطفال كغيره من الموالد الأخرى.

المصدر: كتب : محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1537 مشاهدة
نشرت فى 8 يونيو 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,812,975

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز