هدى إسماعيل
في ظل الأوضاع الاقتصادية المتغيرة والمساعي المستمرة من الدولة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن، جاءت قرارات زيادة المرتبات والمعاشات الأخيرة لتفتح باباً واسعاً للنقاش والتفاعل بين مختلف فئات المجتمع. وفي هذا السياق، استطلعنا آراء عدد من الشخصيات العامة، حيث أجمعوا جميعًا على دعمهم الكامل لهذه الخطوة، معتبرين أنها تمثل بادرة طيبة نحو تحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز العدالة الاجتماعية.
في البداية تقول د. رانيا يحيى، مدير الأكاديمية المصرية للفنون بروما: اهتمام الرئيس بالمواطن العادي له أشكال مختلفة بداية من المبادرات التى تطلقها الدولة من وقت لآخر والتى تعنى مصلحته فى المقام الأول، وتعد الزيادة المتكررة في الأجور والمعاشات أهم أشكال الدعم وأحد القرارات التي يشعر بمردودها المواطن بصورة سريعة، فضلا عن أنها تشعر المواطن دائما أن القيادة السياسية تعمل على دعمه وتقف خلفه وتقدره.
وتقول د. هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع: لزيادات الأجور والمرتبات تأثير إيجابى فى نفوس المواطنين، حيث تشعرهم أن القيادة السياسية لا تتوانى عن التحرك لتخفيف الأعباء المعيشية عن كواهلهم، فالمواطن البسيط يتعامل مع ما لديه من دخل بشكل عشوائى أو بشكل غير مخطط له، فلا يضع ميزانية ولا يحدد بنودا للإنفاق ما يجعل هذه الزيادة محسوسة بالقدر الكاف.
وتنصح د. هالة المرأة المصرية بتحديد أولويات إنفاقها لتستشعر قيمة ما قررته الحكومة من زيادة، مع ترشيد استهلاكها، وإشراك كل أفراد الأسرة فى وضع الميزانية وتحديد أوجه الترشيد، والبحث عن مصادر دخل جديدة من خلال إقامة مشروعات منزلية صغيرة تحسن من دخل أسرتها.
دعم الحكومة
تؤكد عبير الغازي، مقرر سكرتارية السلامة والصحة المهنية بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر أن القيادة السياسية تهتم بالعاملين بالدولة وكذا القطاع الخاص كما تعمل دوما على رفع مرتباتهم بما يتلاءم مع متطلبات الحياة المعيشية، لافتة إلى أن الحكومة خصصت 679 مليار جنيه فى ميزانية الأجور في العام المالي الجديد، ليرتفع الحد الأدنى 7000 جنيه، فى محاولة فاعلة لمواجهة الآثار السلبية لارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم.
وشددت الغازى أن هذا القرار يعكس إصرار الحكومة على دعم الفئات المختلفة من الموظفين ومواجهة تحديات ارتفاع أسعار السلع والخدمات مع التركيز على العدالة في توزيع الموارد المالية، لأن زيادة المرتبات ستؤدي إلى زيادة الإقبال على السلع في الأسواق لوجود الوفرة المادية، الأمر الذى ينعكس بدوره على تنشيط حركة السوق الداخلية والقضاء على ركود السلع بالأسواق.
فيما اعتبرت دلبر جويلي، عضو المجلس القومي للمرأة زيادة المرتبات والمعاشات رسالة من القيادة السياسية للمواطن مفادها "احنا شايفينك وواقفين في ضهرك وحاسين بيك"، وتقول: زيادة المرتبات تجعل المواطن العادي يتنفس من جديد ويشعر أن لديه فرصة لحياة أفضل، وقدرة أكبر على تلبية احتياجات أسرته أو حتى جزء منها، وهو ما ينعكس ايضاً على الحالة النفسية للمواطن، كما أن شعور المواطن بدعم الحكومة له أمر في قمة الأهمية حيث يعد حائط صد أمام الشائعات والأخبار المغلوطة ومن يتربص بنا.
وترى د. عزة فتحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي أن أي زيادة في المرتبات تعزز لدى المواطن الشعور بالرضا على أداء الحكومة التى تسعى دائما لإرضائه وذلك بحكم العقد الاجتماعي بينه والدولة الذي ينص على أن وجود الحكومة من أجل حماية المواطن سواء أكانت الحماية اجتماعية أو مدنية أو عسكرية وتحقيق مطالبه، وفي الوقت ذاته المواطن عليه وجبات يجب أن يقوم بها.
وأوضحت السعيد أنه بقدر أهمية هذه الزيادات في الأجور والمعاشات التي أثلجت قلوب كل المصريين، تأتي أهمية ضبط الأسواق وتشديد الرقابة على الأسعار التي أصبحت ترتفع بشكل يومي، والحد من جشع الكثير من التجار الذين يستغلون الأزمات للتربح.
قيادة حكيمة
تقول رشا متولي، أمين المرأة بالنقابة العامة للبريد: إن مصر خلال السنوات الأخيرة زادت من الحد الأدنى للأجور نحو 5 إلى 6 مرات مواكبة لتداعيات الأزمات الاقتصادية التي عانى منها العالم، وقد اتخذت هذه القرارات في وقت يعاني فيه الشارع المصري حالة احتقان شديدة بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار، خاصة السلع الأساسية وبالتالي جاءت القرارات مرضية للشعب ومساهمة في تعزيز قدرته على مواجهة معدلات التضخم العالية وأعباء المعيشة وخاصة محدودي الدخل، ورغم أن هذا القرار يشكل عبئا على الموازنة العامة في وقت صعب، لكنها دليل على أن الإصلاح الاقتصادي في مصر يضع المواطن ضمن أولوياته، ويسعى لتخفيف العبء عنه.
وتنقل دينا الجندى، المحامية بالنقض وعضو لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة مخاوف المواطن من تبعات زيادة المرتبات والمعاشات قائلة: زيادة المرتبات والمعاشات الأخيرة سعد بها المواطن بصورة كبيرة لكن في المقابل لديه مخاوف من زيادة الأسعار، فنحن لدينا بعض التجار الجشعين، فعندما يكون هناك زيادة بنزين أو ارتفاع سعر الدولار نجد التجار في ذات الوقت يرفعون أسعار السلع رغم أن أغلبهم غير متأثرين بزيادة البنزين أو حتى ارتفاع سعر الدولار، وهو أمر يصيب رجل الشارع بالإحباط، فارتفاع الأجور تترجم لديه أن هناك ارتفاعا قادما بالأسعار بالتالي يظل مرتبه محدودا والزيادة لا تضاهي ارتفاع الأسعار، لذا على الحكومة مراقبة الأسعار حتى يشعر المواطن البسيط بالزيادة في دخله.
ساحة النقاش