«القرش الأبيض ينفع فى اليوم.. »، هكذا ربانا آباؤنا وأجدادنا على أهمية الادخار لمواجهة صعوبات الحياة، وقد انتقلت هذه الثقافة من جيل إلى آخر حتى أصبح الآباء يحرصون على تعليم أبنائهم قيمة ادخار المال وعدم إسرافه دون جدوى، فما الأسلوب الصحيح الذى يمكن من خلاله تنشئة أطفالنا على الادخار؟
البداية مع ناهد منصور، موظفة بالسجل المدني، والتى حرصت على اتباع نهج أمها فى تعويدهم على الإدخار، من خال تدريب ابنائها عليه فكانت تمنح كلا منهم مصروفا إضافيا على كل جنيه يقوموا بادخاره ما جعل لكلا منهم حسابا خاصا فى دفتر التوفير يستخدمه فى شراء ما يحتاج إليه سواء من ألعاب أو ملابس.
أما ريتاج ممدوح، طالبة بالصف الرابع الابتدائي، فلم تكن تنفق جنيها واحدا من مصروفها اليومى وظلت تدخره إلى أن وصل إلى 5000 جنيه لشراء خاتم من الذهب.
بينما ترى فاطمة محمد، ربة منزل، أن أساس التربية الصحيحة تعليم الأبناء إدارة شئون المنزل والحياة والادخار منذ الصغر، لذا تصطحب ابنيها إلى السوق لشراء الخضار وكافة الأغراض اللازمة للمنزل، وتعرفهم على كيفية المفاضلة فيما بين هذه السلع بحيث يقومون بشراء الأرخص ومن ينجح فى هذا يحصل على فارق السعر ويستخدمه كمدخرات له .
أما سلوى مصطفى، مدرسة رياضيات فتقول: يعمل زوجى مهندسا بإحدى الدول العربية، ويرسل لى وابناى مصروفا شهريا يكفى احتياجاتنا ويزيد، لذا شجعت ابناى على فتح دفتر توفير بالبنك، وأدخر لهما مبلغا شهريا حتى يتمكنا من امتلاك ما يرغبان به فى شبابهما سواء شقة زوجية أو سيارة.
الأم قدوة لأبنائها
عن هذا تقول د. عزة فتحي، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، وعضوة ببيت العائلة المصري: من المهم أن نعلم أطفالنا كيفية إدارة الوقت والحياة والمال، فمعظم حالات الزواج الفاشلة التي نراها الآن تعود إلى عدم تعليم الأبناء فن إدارة الحياة فى صغرهم، فإذا كانت الفتاة مدللة في بيت أبيها ولم تتعود على الادخار وإدارة المنزل فإنها بالتأكيد ستفشل كربة منزل فيما بعد، أما عن مواجهة الإعلانات التليفزيونية التى تصعب تحقيق ذلك فيمكن مكافأة الابن عند ادخاره مبلغا صغيرا من المال بشراء ما يحبه أو لعبة كان يريد الحصول عليها، وعلى الأم أن تخبره أنه لولا ما ادخره من مصروفه اليومي لما تمكن من شراء ما يريد.
وتابعت: على الأم أن تعى جيدا أن الأبناء يتعلمون من تصرفاتها ويحرصون على تقليدها، لذا عادة ما ترث البنت سلوكيات والدتها فلتبدأ الأم بنفسها فهى بمثابة القدوة لأبنائها، فمن الصعب أن تعلم الأم المبذرة أولادها الادخار، فإذا كنت من هواة اقتناء العطور وأدوات التجميل وتنفقين عليها أموالا طائلة فلا داعي أن تصطحبي أبناءك معك أثناء التسوق لأنهم سيقلدونك فى كل شىء، وأنصح الأمهات أن يضعن إدارة المنزل ولو لإسبوع واحد شهريا في يد الطفل إذا كان أكبر من 9 سنوات، فهذا من شأنه أن يدربه على إدارة ميزانية المنزل بعد زواجه، وكذا إدارة شركته أو مشروعه الخاص.
ثقافة مجتمع
يقول د. إيهاب سيد أحمد، الأستاذ بكلية التربية جامعة المنيا: لا شك أن الادخار أسلوب حياة ومنهج تربية، لذا يختلف السلوك الاستهلاكى من طفل مصرى إلى آخر أجنبى، فإذا أطلق العنان للأول يمكن أن يكبد أهله مبلغ 10 آلاف جنيه، بينما يكتفى الثانى بشراء شيء بعشرة دولارات أو أقل حتى إذا كان بيده مبلغا كبيرا، وهذا يعود إلى الأم لأنها لم تربِ ابنها على الادخار والاحتفاظ بالأموال وصدرت له الثقافة الاستهلاكية، كما أن المدارس فى المجتمعات الشرقية لا تشجع الأطفال على الادخار ففي كل مدرسة يوجد مطعم أو (كانتين)، وبعض المدارس الدولية بها مطاعم عالمية للوجبات السريعة تغرى الأطفال بشراء الأطعمة والمشروبات ما يشجع الطفل على التبذير والاستهلاك.
ويقدم د. إيهاب روشتة لتعليم الأطفال الإدخار قائلا: علينا أن نعلم الأطفال في سن 3 سنوات أهمية الإدخار من خلال عمل حصالة بالمنزل، وبعد هذه السن نعودهم على عمل دفتر التوفير في البنوك ومكاتب البريد أو من خلال عمل حساب بنكي لكل طفل حتى يتعلم الطفل كيف يكون له ذمة مالية مستقلة كما نذكر له فوائد الادخار، وأخيرا نشرح للطفل بطريقة مبسطة حقيقة أن المال يجلب المال، بينما التبذير وإنفاق المال لن يجلب إلا الفقر والإفلاس.
ساحة النقاش