فى أحد المؤتمرات التى عقدت برئاسة السيدة سوزان مبارك، حرم رئيس الجمهورية الأسبق، طالبت بإصدار قانون يحمى الطفل من أسرته, أثارت مداخلتى موجة من الدهشة والاستنكار، وانتفض أحد الحاضرين متسائلا كيف نحمى الطفل من أمه وأبيه وهما أحن عليه من كل الدنيا؟ وكان ردى أن حوادث كثيرة أثبتت أن الطفل قد يعامل بعنف زائد من أبويه، أو أحدهما, وقد ُيهتك عرضه من أحد أقاربه، خاصة البنات، أو تُنتهك حقوقه الإنسانية دون أن يقدر على الإفصاح أو المقاومة .

إن رعاية الأبناء غريزة فطرية عند كل البشر والحيوانات، خاصة فى مرحلة البراءة والنقاء، حين يكون الطفل فى حالة ضعف "خلقكم من ضعف"، وقبل أن يبلغ أشده ويصبح ذا قوة ويدافع عن نفسه ضد العدوان, كان عرب ما قبل الإسلام يقتلون أبناءهم بسبب الفقر، فلما جاء الإسلام حرم الله قتل الأبناء، واعتبره خطأ كبيرا وضلالا وافتراء على الله لا يقل إثما عن الشرك به .

" قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم" الأنعام آية 151.

وقد تكررت جرائم إزهاق أرواح فلذات الأكباد مؤخرا بشكل ملفت، وذلك أمر جلل يستوجب من الباحثين الاجتماعيين وعلماء النفس والمفكرين وقفة وعمل.

تعودنا أن ترتكب جرائم قتل الأطفال من أغراب، زوج أم أو زوجة أب، أما بسبب الجهل أو الخلافات الزوجية أو الفقر, وسوء خلق الجانى أو المجنى عليه أوعلة ما فى شخصية الجانى، كالمرض النفسى مثلا، أما أن يرتكبها الأب أو الأم، وبعضهم من حملة الشهادات العليا فهذه أكبر من كارثة.

إن أساتذة الاجتماع والقانون يبررون تلك الجرائم بالظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التى تعانيها مصر هذه الأيام, أين المجلس القومي للطفولة والأمومة؟ و"المجلس القومى للبحوث الاجتماعية", هل أجرى أى منهما دراسة وافية حول تفشى جريمة قتل الأبناء؟ فلماذا لا تُعرض نتائج البحث كى يقوم المسئولون بوضع حلول تقضى على تلك الظاهرة المؤسفة نهائيا, وأتساءل متى يقوم التليفزيون المصرى بدوره ويقدم برامج يومية تعيد الأسرة المصرية إلى طبيعتها التى خلقها الله لتكون الحضن الدافئ والحامى الأمين لأفرادها، ويرشد الأب لأن يكون راعيا لأسرته لا ذئبا يفترس صغاره ؟ إن أئمة المساجد يمكن أن يقوموا بدور كبير فى توعية المصلين  بتكرار الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة التى توصى المسلم بالرحمة والتسامح وتهديه إلى وسائل التربية الدينية القويمة، كما أوصانا الرسول "لاعبه سبعا ثم أدبه سبعا ثم صاحبه سبعا".

عزيزتى الأم، احرصى على التربية السوية لأبنائك، فلا ترخى حبل التدليل ولا تشديه بعنف فينقطع, كونى قدوة حسنة لأولادك وحببى إليهم الفنون والآداب وشجعيهم على ممارسة الهوايات النافعة, إن أطفالنا ليسوا عبيدا لنا، لكنهم مواطنون لهم حقوقهم الكاملة, لقد أبدى كل الآباء والأمهات القتلة ندمهم الشديد، وطبقت عليهم العقوبات اللازمة، ودمرت حياتهم، فضلا عن أنهم سيقتاتون الندم حتى آخر العمر ثم سيلاقون جزاءهم عند عزيز مقتدر .

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 750 مشاهدة
نشرت فى 9 أغسطس 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,805,558

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز