يا بنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى الجميلة السيدة آمال 53 سنة التى حكت أنها من خريجات المدارس الفرنسية, وأنها كانت تسكن وأسرتها فى حى مصر الجديدة فى مساكن (الشركة) المتسعة الجميلة التى ما زالت تحتفظ بتماسكها حتى اليوم, وقالت إن والدها كان موظفا بالحكومة ووالدتها ربة بيت, ولها أخوان يكبرانها وأخت تصغرها, وإنها كانت صديقة لفتاتين من جيرانها من أهل الصعيد وأخيهما المعيد بالجامعة, وإن أخوهما كان يرعاهما فى غياب والدهما صاحب الأراضى بالصعيد, وكان شقيقهما (كريم) دائماً يطرى جمالها, فهى البيضاء بين أختيه الصعيديتين السمراوتين وكان دائماً يسمعها كلاما رقيقاً جميلاً فكان أن أحبته وتعلقت به كثيرا وصار كل حياتها وكانت فى تلك السنة فى (الباشو) أى الثانوية العامة الفرنسية, وذات يوم طلبت من صديقتيها أن تصحباها إلى النادى فاعتذرتا ولاحظت أنهما ذهبتا إلى الكوافير لأول مرة ولما سألتهما قالت الكبيرة: إنها مناسبة سعيدة وكنا نريد أن تحضرى معنا بعد إذن والدك ووالدتك, قالت لها: خيرا إن شاء الله.. إيه المناسبة؟ قالت: خطوبة أخى كرم على بنت عميد الكلية, وهما بعد كتب الكتاب يسافران معا فى بعثة إلى الخارج لكى يأخذ كرم الماجستير والدكتوراه !

***

وتستطرد السيدة آمال.. تماسكت بصعوبة وكدت أقع من هول الصدمة فقد كان كرم قد أصبح كل شيء فى حياتى, وجريت إلى فراشى وأغلقت الباب ولم أدر بدموعى المنهمرة كالسيل وقلبى الذى يوجعنى, حقيقة كانت آلامى شديدة, وجاءت أمى وسألتنى قولت لها إنهم "شوية مغص بسيط ويروحو لحالهم" وإننى بخير, ولم أستطع أن آكل أو أشرب أو أنام أو أذاكر لعدة أيام والله وحده كان هو العالم بحالى .

***

واستطردت السيدة آمال ولم تكن تعرف بحكايتى سوى زميلة لى بالمدرسة وهى الآن شخصية معروفة فى مصر وقالت لى:

-  إنها فرصة لكي تثبتى ذاتك وتذاكرى وتتفوقى وتصبحى أحسن من بنت العميد التى تزوجها وسافر معها.. اجعلى هذه الحكاية تحدى للجميع وتفوقى واهتمى بصحتك وجمالك ولا يهمك بكرة تتجوزى أحسن منه ألف مرة فأنت جميلة ومحترمة وأسرتك محترمة!

***

وفعلا .. أخذتها تحدى وذاكرت ونجحت والتحقت بالجامعة وأكملت دراستى على خير ولا أكذب عليك كان الألم يعاودنى بين الحين والآخر, وتقدم لى مهندس محترم من أسرة طيبة وكان أكثر وسامة وأناقة من كرم بكثير! وتزوجنا وسعدنا بحياتنا وأنجبت له ولدين, وكانت صديقتاى أختا كرم قد سافرتا إلى الصعيد والتحقتا بالجامعة القريبة من قريتهما, أما كرم فقد تزوج من ابنة عميد كليته وحصل على الدكتوراه وعاد ليقيم فى شقة الأسرة بمصر الجديدة لكننى كنت قد تزوجت وانتقلت إلى شقة زوجى بالمهندسين, وكبر ابناى وتخرجا من كلية الهندسة مثل والدهما وتزوجا زواجا سعيدا, وللأسف مات زوجى فى سن مبكرة إثر إصابة فى الرئة من كثرة التدخين, وأيضاً مات والدى ووالدتى, أما أختى الصغرى فقد تزوجت فى نفس شقة والدى بمصر الجديدة, ومنذ عدة شهور ذهبت لزيارة أختى وقالت لى: عارفة إيه اللى حصل للدكتور كرم؟ قلت: خير.. إيه اللى حصل؟ قالت: زوجته الدكتورة ابتسام هانم تعيشى أنت؟ ماتت بسكتة قلبية مفاجئة وحالته وحشة جدا لازم تعزيه!

وذهبت لتعزيته هو وأولاده, ومرت عدة شهور وفوجئت به يطلبنى تليفونيا ويطلب مقابلتى, فاعتذرت له, فأعاد الاتصال وفهمت منه أنه يريد أن يتزوجنى, فوجدت عقلى وقلبى يقولون لى لأ.. لأ.. لأ.. ألف مرة هل أنا مخطئة؟ نعم قلبى أسود ولن أنسى الإساءة والصدمة!

***

اتبعى إحساسك! وأنت لست فى حاجة مادية أو معنوية لأى أحد وما زلت تذكرين تفاصيل صدمتك بكل ألم فخيرا فعلت أن اعتذرت له وأظن أنك باعتذارك قد أعد إلى نفسك الثقة وانتقمت لكرامتك وإنسانيتك!

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 365 مشاهدة
نشرت فى 1 نوفمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,463,711

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز