الاحتفاء بالكتاب، نساء ورجالا، أحد أبرز علامات النمو والتقدم لأي مجتمع، وأذكر أنى منذ  سنوات عديدة كنت فى المجلس الأعلى للثقافة والفنون والعلوم الاجتماعية بالزمالك، والتقيت برجل مسن أنيق المظهر، قدم لي نفسه: مجد الدين حفني ناصف، وطالبني بالكتابة عن شقيقته: ملك حفني ناصف، وقد اعترفت للرجل يومها أنني أعرف اسم الكاتبة ولكنني لا أعرف الكثير عن صاحبته ولم أقرأ لها، ووعدني الأستاذ مجد الدين بإهدائي كتاب كان قد نشره عن شقيقته معربا عن أسفه لأن الكتاب وموضوعه لم يلقيا الاهتمام الذي كان يتمناه، وقال إن أحدا لن يدرك قيمة ملك حفني ناصف إلا امرأة مثلها، تسير اليوم على الدرب الذي بدأته هي منذ عشرات السنين، ولعلي أكون هذه المرأة، وبعد أيام زارني الأستاذ مجد الدين  بمكتبي في مجلة "صباح الخير"، وقدم لي الكتاب الذي نشرته له "الهيئة المصرية العامة للتأليف والطباعة والنشر" عام 1962م، وكتبت مقدمته الدكتورة سهير القلماوي رئيس الهيئة وقت النشر، وكان أن وعدت الرجل ببذل أقصى جهودي لإحياء ذكرى الأديبة الراحلة. 

  قرأت الكتاب وأعجبت كثيرا بالكاتبة التي رحلت عن العالم وهي في ريعان الشباب بنهاية مأساوية، ومنذ ذلك التاريخ وأنا أقرأ باهتمام كل ما يقع تحت يدي من كتب تصور العصر الذي عاشت فيه ملك حتى تجمع تحت يدي ما يمكن أن يشكل كتابا تستفيد منه الأجيال القادمة، ولكي أفي بوعدي نشرت قصتها في كتابي "المرأة المسلمة فى صراع الطربوش والقبعة"، الذي أصدرته في مناسبة مرور مائة عام على صدور كتاب "تحرير المرأة لقاسم أمين 1899"، وفي افتتاحيتي بمجلة حواء طالبت كل من يهمه الأمر بالاحتفال بمناسبة مرور ثمانين عاما على وفاة الأديبة الراحلة، وناشدت وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت الدكتور حسين كامل بهاء الدين بأن يأمر القائمين على إعداد المناهج الدراسية بإدراج موضوع عن الكاتبة الراحلة، وبعض مقالاتها في كتب المطالعة بمرحلتي الإعدادي والثانوي، كذلك طالبت رئيس هيئة الكتاب الدكتور سمير سرحان بإعادة نشر كتابها الوحيد "النسائيات"، وتقدمت إلى شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات بمعالجة مسلسل عن ملك تمت الموافقة عليها، وفى يناير 1999م وافقت الرقابة على عشر حلقات من المسلسل، ولكن المسلسل لم ينفذ للأسف ولأسباب لا أعرفها، وبعد سنوات انتهزت فرصة رئاسة سيدتين للإذاعة والتليفزيون فعاودت المحاولة معهما ولكنهما لم يتحمسا لتنفيذ المسلسل للأسف! ورغم كل ذلك لم يتملكني اليأس وكتبت رواية عن ملك وعدنى الدكتور هيثم الحاج رئيس هيئة الكتاب بنشرها مواكبة لاحتفالية المجلس بمئوية وفاتها.  

وأخيرا استجاب الدكتور سعيد المصري أمين عام المجلس الأعلى للثقافة لطلبي وقرر إقامة احتفالية بمرور مائة عام على وفاة الأديبة الراحلة  في السادسة من مساء 26 نوفمبر القادم، والدعوة عامة لكل قارئاتي وكل من يهمه أمر المرأة المصرية ومسيرة مصر نحو التقدم والازدهار برجالها ونسائها.