تطرقت العديد من الأبحاث والدراسات بل والأقلام التحليلية لمشكلة الزيادة السكانية وتبعاتها بل وآثارها المباشرة على حياتنا، وبعيدا عن معدلات تزايد السكان والتي تتضاعف يوما بعد يوم كما نطالع هذا جميعا، دعونا نقترب أكثر من آثار هذه المشكلة المباشرة على حياتنا، ولن أتحدث هنا عن الإزدحام الشديد في كافة المناطق والمحافظات وبالتالي صعوبة الحركة بل والإنجاز بالوصول إلى مقار العمل أو الخدمات، ولا عن التكدس في قلب العاصمة والذي عنيت القيادة السياسية بمواجهته من خلال إعداد وتأسيس مشروعات قومية عملاقة خارج هذا الإطار كالعاصمة الإدارية الجديدة، ولا عن الهجرة الداخلية وترك الأراضي الزراعية دون رعاية سعيا وراء البحث عن فرصة عمل بالمدن الكبرى والعاصمة نتيجة لقلة فرص العمل وهذا أيضا نتيجة لتضاعف معدلات الزيادة السكانية يوما بعد يوم.
لكنى سأتحدث عنك أنت وعن حياتك وأبنائك ومستقبلهم بل صحتك وعلاقتك الاجتماعية أيضا بكل أفراد أسرتك وبخاصة زوجك، ودعونا نعيش هذه الرحلة معا, في رأيي أنه وفقا لطبيعة الحياة والظروف الاقتصادية الراهنة من الصعب أن تستقيم أوضاع أسرتك اقتصاديا مع وجود أكثر من طفلين، والأمر يبدأ من مصروفاتهم منذ الميلاد, فمصروفات المدارس والدروس الخصوصية والمجموعات إذا وجدت، وكذلك الملابس والطعام وغيرها من سبل الحياة المتعددة كالترفيه واللعب والسفر إلى غيره، فكيف يمكنك التغلب على كل هذه المتطلبات والتي تتضاعف نفقاتها يوما بعد يوم مع وجود أكثر من طفلين، ثم ماذا عن الرعاية ومتابعتك لتحصيلهم العلمي بل وإعدادك لهم تربويا ونفسيا بشكل جيد خاصة إذا كنت امرأة عاملة وهو أمر بالتأكيد سيكون مطلوباإذا كان لديك أكثر من طفلين لمساعدة زوجك في تحمل أعباء المعيشة ونفقاتها، والأخيرة هذه ستكون وبالتأكيد محورا للعديد من الأزمات بل والمشكلات بينك وبينه, فأين هو الدخل الذي يمكنه أن يفى بمتطلبات أسرتك وأولادك وعدد أفرادها 5 أو 6 أفراد على سبيل المثال، فما يمكنه أن يكفي حاجة فرد واحد لن يكفي حاجة فردين أو ثلاثة، والأمر هنا ينطبق على الطعام والملبس والشراب وغيرهم وبالتالي فإذا كان لديك طفل واحد أو طفلان فسيمكنك وبكل تأكيد أن تتعاملي مع متطلبات أسرتك بيسر وسهولة, في حين أن العكس يعني أنك ستعيشين مشكلة حقيقية لن تتوقف آثارها عند عدم القدرة على الإيفاء بهذه المتطلبات ولكنها ستجعل من حياتك الأسرية جحيما لا يطاق من كثرة المشكلات والخلافات حول هذا، والأمر لن يتوقف عند هذا الحد فهناك أيضا علاقتك بزوجك والتي ستتعرض للعديد من الهزات والأزمات من جراء كثرة المسئوليات والأعباء عليك, فمن ترعى فردين غير التي ترعى ثلاثة أو أربعة أفراد، فكيف يمكنك الاهتمام به ومتطلباته بل ورعايته هو أيضا مع تضاعف مسئولياتك وكثرة ضغوط الأبناء عليك, وكثيرات كما نرى يوميا عشن هذه التجربة, فما كان من الزوج في بعض الأحيان سوى أن فر من هذا الوضع وبحث عن امرأة أخرى تمنحه ما يحتاجه من رعاية واهتمام، وبالتالي انهار كيان الأسرة ككل، ثم ماذا عن اهتمامك أنت بنفسك وصحتك ومظهرك, هل تعتقدين أن كثرة الأبناء لن يكون لها آثار سلبية على صحتك واستقرارها بل وعلى قدرتك على الاهتمام بنفسك وعدم ظهور علامات التقدم في العمر عليك مبكرا, وهو ما يعني أيضا أنك قد تفقدين اهتمام زوجك بل وربما وجوده معك بمجرد أن تستطيع امرأة أخرى أن تلفت انتباهه، والأهم هنا أيضا وبالتاكيد أنك ستفقدين صحتك وأنت لم تتجاوزي بعد مرحلة الشباب، ودعينا ننظر بعد كل هذا إلى مستقبل أبنائك لندرك أن عدم اهتمامك بتحديد عدد أفراد أسرتك منذ بداية الزواج سيكون له تبعات مستقبلية عليهم تتعلق بعدم تمتعهم بكل سبل الحياة بطريقة سهلة وبسيطة بل وصعوبة حصولهم على فرصة عمل مستقرة في المستقبل مهما كانت الجهود التي تبذل لتوفير هذه الفرص لهم فلاشك أن تزايد معدلات السكان تلتهم كل جهد وكل عائد.
النتيجة في النهاية أنك ستعانين وستفتقدين فرصة الاستمتاع بحياتك بل والقدرة على رعاية أسرتك ودعم ذاتك بشكل جيد، فلماذا لا نضع جميعا أيدينا معا ونواجه هذا الوضع من خلال تقنين الإنجاب وتحديد عدد أفراد أسرتنا المتوقع قبل الزواج في حد ذاته، أعتقد بهذا أننا سنضمن أن نعيش حياة هادئة ومستقرة وآمنة بل وسنضمن مستقبلاأفضل لأبنائنا.
ساحة النقاش