تتسم مرحلة الطفولة بالكثير من المواقف والأفعال الطريفة التى يقوم بها الطفل دون وعى وإدراك خاصة فى سنوات عمره الأولى، حيث يقلد والديه فى طريقة الكلام وتناول الطعام وغيرها من المواقف التى يقوم فيها الطفل بتقليدهما والتى تمثل مصدر سعادة لهما لسرعة إدراكه ونضجه ، ولكن هل تمثل هذه السلوكيات خطرا عليه؟
فى السطور التالية نتعرف على آراء الأمهات فى تقليد أبنائهن لهن، وكيف يمكنهن تقنين ذلك وماذا عن آراء الخبراء فى تأثير هذا على شخصياتهم فى المستقبل.
فى البداية تقول نرمين عبد العظيم، موظفة: تبلغ ابنتى من العمر ثلاث سنوات ورغم صغر سنها إلا أنها تستخدم أدوات المكياج الخاصة بى في محاولة لتقليدى عند وضعه على وجهى ما يشعرنى بالغضب والضيق لعدم نظافة وجهها وملابسها لكننى أحاول أن أفهمها بهدوء بأنها عندما تكبر يمكنها استخدامها.
وتقول عبلة لاشين، ربة منزل: تفتح ابنتى دولابى وترتدى فستانى الذى أعتاد ارتدائه أثناء خروجى من المنزل ما يجعلنى أضحك على ما تقوم به وأرفع ملابسى فى رف عالى داخل الدولاب بعيدا عن يديها.
وتحكى إيمان زكريا ربة منزل عن مواقف ابنها الذى يبلغ من العمر خمس سنوات فى تقليد والده حيث يقوم بمسك شفرة الحلاقة محاولا حلاقة ذقنه كوالده ما يصيبها بالخوف والقلق عليه من إيذاء نفسه، وتقول: أراقب ابنى جيدا لأننى أعلم بأنه يحب أن يقلد والده وعندما طلبت منه عدم تكرار ذلك رد على قائلا "ما بابا بيحلق ذقنه وأنا كبير زيه"، مما جعلنى أطلب من والده عدم الحلاقة أمامه مرة أخرى.
وتقول كوثر عبد الرحيم، موظفة: تحاول ابنتى ذات الأربع سنوات تقليدى عندما أقوم بتنظيف الشقة فتجرى على مكان وضع المكنسة وتمسك بها وتحاول التنظيف، وكذلك أثناء تلميع أدوات المطبخ، فتأتى بالكرسى وتقف بجانبى لكننى أمنعها حتى لا تكسر الأطباق والزجاج وتتعرض للأذى.
بناء الشخصية
بين الخوف والسعادة تتفاوت مشاعر الأمهات بتصرفات أبنائهن، فكيف يرى المتخصصون التقليد عند الأبناء؟
يقول د. أحمد غنيمى مهناوى، أستاذ أصول التربية بكلية التربية جامعة بنها: من الطبيعى أن يقلد الطفل والديه فى سنوات عمره الأولى وهو يعد ضرورة فى بناء شخصية الطفل عندما يجد تعامل والديه والبيئة التى ينشأ فيها حسنة، لذا على الوالدين أن يعلما طفلهما الاستقلال بذاته وإعطائه حرية الاختيار، لكن يمثل التقليد خطورة بعد العام السادس عندما يكون تقليد الطفل لوالديه صورة طبق الأصل وهنا يجب عليهما التحدث وإجراء حوار مع الطفل للتغلب على التقليد لهما ومناقشته فى كل ما يشاهده على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى .
ويقول د. على محمود شعيب، أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة المنوفية: يراقب الطفل والديه على مدار اليوم خاصة الأم لأنه يقضى معها أطول وقت ما يتطلب ضبط تصرفات الوالدين والكبار أمامه، كما أن الطفل يجد المتعة والتسلية فى التقليد ويشبع لديه رغبة التجربة، لافتا إلى ضرورة مراقبة الأبوين لما يقوم به الطفل حتى لا يتعرض للأذى، وعليهما أن يدركا أن التقليد مفيد فى تشكيل شخصية الطفل حيث يتعلم من خلاله كيف يتصرف عند تعرضه لموقف معين، كما أنه يساعده على تعلم النطق واللغة لذا يجب على الوالدين التحدث أمام الطفل بشكل صحيح لغويا حتى يتعلم النطق بشكل سليم.
احترام متبادل
أما د. هناء المرصف، أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس، فتنصح بضرورة احترام الوالدين لاختيارات طفلهما حتى يحصل الوالدين بالمقابل على احترام الطفل لهما وأوامرهما وأفكارهما وإلا سيتواجد لديه الكثير من التساؤلات فى ذهنه دون أن يجد إجابة تقنعه، وتقول: تفكير الطفل المستمر وانشغاله الدائم بالأشياء التى يسمعها ويراها هو الذى يطور شخصيته وينمى مهاراته وإبداعه ولذلك يجب على الوالدين مساعدة الطفل على تنظيم الحياة اليومية له عن طريق تحديد وقت لمشاهدة التليفزيون ووقت للعب مع تحديد وقت النوم بما لا يقل عن 8 ساعات وتدريبه على الاعتماد على نفسه فى ارتداء ملابسه وتناول الطعام ويجب أن يكون هناك مثل أعلى للطفل يقتدى به .
ساحة النقاش