بعد انفصال الزوجين وانهيار العلاقة الزوجية، يقف ثمار تلك العلاقة طرفا ثالثا يتنازع عليه الأبوان لينتقم كل منهما من الآخر فيهم متناسين مصلحتهم التي أعلاها القانون وحاول الحفاظ عليها من خلال قانون الرؤية والحضانة ليمتنع أحدهما عن تنفيذ الحكم القضائي كنوع من التنكيل بالآخر أو الضغط عليه وفى النهاية يقع الأبناء ضحية نزاعهما..
معاناة الأبناء من الرؤية والحضانة، وتخوف الأمهات من مطالب الآباء بحقهم في الاستضافة موضوع جولتنا التالية..
على الرغم من ضمان القانون حق سميحة عبدالوهاب في رؤية ابنتها التي انتقلت حضانتها لأبيها بعد زواجها إلا أن طليقها يمتنع عن تنفيذ حكم الرؤية وتقول: أصبت بالإحباط من محاولة رؤية ابنتي، فمنذ ستة أشهر أذهب للمكان الذي حدده القاضي إلا أن والدها لا يأتي.
أما شيماء محمود سيد فلم يكتف زوجها بطردها من منزل الزوجية الذي ألزمه القانون بتوفيره لها لحضانتها لكنه خطف أبناءه، ورغم تحريرها محضرا بالواقعة إلا أن الزوج ينكر تواجد الأبناء لديه ويتهمها بالإهمال وعدم تفرغها لرعايتهم.
وتحكى إسراء عطية معاناتها مع جدي ابنتها وعماتها الذين يحرصون على الحضور لجلسة الرؤية بصحبة الأب، وتقول: هددني جد ابنتي بخطفها إذا امتنعت عن الحضور في المواعيد المقررة، أو حالة تقديمي شكوى في قسم الشرطة، لذا أتخوف من تطبيق مادة الاستضافة إذا عدل قانون الأحوال الشخصية لأنه في هذه الحالة يمكن للأب أن يخطف ابنتي أو يحاول تشويه صورتي أمامها خلال الأيام التي تقضيها بصحبته.
وترفض نيرمين اقتراح حق الأب في استضافة الابن أسبوعيا أو شهريا بسبب ما تجده الأمهات من تعنت من قبل الآباء، إلى جانب وقوع حالات اختطاف من قبل الآباء أو السفر بالأبناء وحرمان الأمهات من رؤيتهم.
وتلفت عزة صادق إلى خطورة تعديل سن الحضانة قائلة: خفض سن الحضانة إلى 9 سنوات يمثل مشكلة كبيرة خاصة إذا لم يعطِ القانون حق الاختيار للطفل.
تغليظ العقوبة
يعلق عادل حافظ، مستشار قانوني، على معاناة الأمهات من قانون الرؤية الحالي وتخوفهم من تطبيق حق الأب في الاستضافة قائلا: في ظل ما تعانيه الأمهات بات تعديل قانون الرؤية أمرا ضروريا لكن بأساليب مختلفة تبعا لسن الطفل، فإذا حدث الطلاق في العامين الأولين للطفل يتبع النظام المذكور في قانون الرؤية الحالي وهو قضاء غير الحاضن ثلاث ساعات في أحد الأماكن العامة كل أسبوع، على أن يجتمع غير الحاضن مع طفله في منزل أحد الأقارب بطريقة مؤمنة حتى سن سبع سنوات، حيث إن تواجد الأطفال بالأماكن العامة مع الأمهات والآباء لساعات طويلة يؤثر بالسالب على العلاقة العاطفية، لكنني أرفض خفض سن الحضانة إلى 9 سنوات وأدعو بزيادته خاصة للفتاة لاسيما خلال فترة المراهقة.
ويتابع: تواجه الكثيرات مشكلة في تحديد موعد الرؤية الذي قد يتعارض مع طبيعة عملها الأمر الذي يستغله بعض الآباء لانتزاع حقها في الحضانة لامتناعها عن الحضور في المواعيد المحددة، وفي بعض الحالات وبسبب قلة التأمين يختطف الابن من قبل الأب وهو ما يعتبره القانون جنحة، لذا أرى ضرورة تغليظ عقوبة اختطاف الابن من الطرف الحاضن عند تعديل القانون.
عقوبة غير رادعة
يقول محمد شهاب، محامى: على الرغم من تضمن القانون عقوبة للامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية واختطاف الطرف غير الحاضن للمحضون إلا أنها غير رادعة لكثير من الأبناء الأمر الذي يثير مخاوف الأمهات من تطبيق حق الأب في استضافة ابنه عدة أيام أسبوعيا أو شهريا، موضحا أن القانون الحالي ينص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تتجاوز 1500 جنيه أي شخص لم يسلم الصغير إلى من له الحق في طلبه بناء على قرار من الجهة القضائية المختصة صادر بشأن حضانته أو حفظه، وكذلك إذا خطف أحد الوالدين أو الجدين بنفسه أو بواسطة غيره الصغير ممن له بمقتضى قرار من الجهة القضائية المختصة حق حضانته أو حفظه ولو كان ذلك بغير تحايل أو إكراه.
ويقول محمد مدبولي، المحامى: يتلاعب الكثير من الآباء بحق الرؤية الذي يكفله له القانون الحالي حيث يستخدمه كأداة تنكيل وعقاب للأم والطفل على حد سواء، ففي معظم الحالات يتعنت الأب في إجبار الطفل والأم على الالتزام بموعد الرؤية إلا أنه لا يحضر فعليا حسب الاتفاق أو يحضر في نهاية الفترة المحددة وبعد انصراف الأم والطفل ليحرر محضرا بحضور وتغيب الأم.
ويلفت محمد سعيد، محامى النظر إلى معاناة أخرى للأم أثناء جلسات الرؤية وهو حضور عمات الطفل أو بعض الأقارب ممن يوجهون اللوم أو السباب للأم أمام طفلها أو إجبارها على الجلوس بعيدا عنه، داعيا إلى مراعاة مثل هذه الحالات التي تؤثر بالسلب على الطفل عند إجراء أي تعديل على القانون الحالي.
تأمين الجلسات
يعد المجلس القومي للمرأة أحد الجهات التي تهتم بقوانين المرأة وتوصيل معاناتها ومطالبها إلى المشرع لوضعها في الاعتبار عند سن القوانين، فكيف يرى المجلس القانون الحالي والتعديلات التي يمكن إدخالها بما يراعى مصلحة المرأة والطفل؟
تقول د. رانيا يحيي، عضو المجلس القومي للمرأة: هناك العديد من المشكلات التي تأتي للشكاوى بمقر المجلس بسبب ثغرات قانون الرؤية والتي نعمل على حلها وفى مقدمتها تأثر الأطفال نفسينا وتغيبهم عن المدارس بسبب سوء معاملة الأب أثناء جلسات الرؤية أو ارتباطهم بمواعيد محددة تتعارض مع مواعيد دروسهم أو رغباتهم، بالإضافة إلى ما تشهده الأم في بعض الحالات من تعنت الأب في معاملتها ينعكس بالسلب على الطفل، لذا أطالب بضرورة تأمين الجلسات للأم الحاضنة بطريقة جيدة لكي لا يستغلها الطرف الآخر في اختطاف المحضون أو ممارسة أي من أشكال التعنت ضدها وطفلها.
تأثيرات سلبية
بعد استعراض معاناة الأمهات من قانون الأحوال الشخصية الحالي وتعليق المختصين على ما يتضمنه من مواد انتقلنا إلى د. سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث للتعرف على تأثير القانون السلبي على نفسية الأطفال وسلوكهم، وتقول: لا شك أن اختطاف الابن من قبل الأب أو سوء معاملته للأم أثناء الجلسة ينعكس على سلوك الطفل حيث يظل انطباع الأوقات السيئة التي قضاها أثناء فترة الحضانة بين الأب والأم مترسخا بالذاكرة، لافتة إلى أن حلول تلك المشكلة لا تكمن في القانون فقط بل تحتاج إلى تكاتف منظمات الدولة ومؤسساتها من تعليم وإعلام ونشر الوعي بخطورة مثل هذه التصرفات على نفسية الأطفال، داعية وزارة التربية والتعليم إلى التركيز على الجانب الاجتماعي والنفسي بالمناهج للأطفال، كما دعت وسائل الإعلام إلى إظهار مخاطر الانفصال والحديث بصوت مرتفع أمام الأبناء، وتأثير الخلافات التي تنتج بعد الطلاق على الحالة النفسية للطفل.
برواز
ينص قانون الأحوال الشخصية الحالي على أنه ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة والصغيرة اثنتي عشرة سنة، ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة دون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحتها تقتضي ذلك، ولكل من الأبوين الحق في الرؤية وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقاً نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير نفسيا، ولا ينفذ حكم الرؤية قهراً، ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضي نقل الحضانة مؤقتاً إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها.
ويثبت الحق في الحضانة للأم ثم للمحارم من النساء، مقدماً فيه من يدلي بالأم على من يدلي بالأب، فإذا لم توجد حاضنة من النساء، أو لم يكن منهن أهل للحضانة أو انقضت مدة حضانة النساء، انتقل الحق في الحضانة إلى العصبات من الرجال بحسب ترتيب الاستحقاق في الإرث مع مراعاة تقديم الجد الصحيح على الأخوة، فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء انتقل الحق في الحضانة إلى محارم الصغير من الرجال غير العصبات "الجد لأم ثم الأخ لأم ثم ابن الأخ لأم، ثم العم ثم الخال ثم الشقيق، فالخال لأب فالخال لأم".
ساحة النقاش