كتبت : أمانى ربيع

جاءت جائحة كورونا لتثبت ما عني به القائمون و المعنيون بتطوير المنظومة التعليمية من ضرورة سواء بالنسبة للتعليم الجامعي أو ما قبله، حيث ساعد » التعليم أون لاين « الإهتمام بالتعليم عن بعد الإعتماد عليه خلال الفترة الزمنية السابقة فى إجتياز طلابنا للعام الدراسى السابق بنجاح، فماذا عن تطبيقه خلال العام الدراسى المقبل بالجامعات كما يرى الأمر الطلاب وخبراء التعليم؟

هذا هو ما نحاول بحثه فى جولتنا التالية.

البداية مع جامعة القاهرة التى كان لها دور كبير فى مواجهة الأزمة وتخفيف آثارها السلبية على طلابها حيث حرصت إدارتها على اتخاذ كافة التدابير الاحترازية لضمان استكمال العام الدراسى وعدم تفويته على الطلاب مع ضمان سلامتهم وكافة العاملين بالجامعة.

وعن هذه الإجراءات يقول د. محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة: منذ انتشار فيروس كورونا اتخذت الجامعة العديد من الإجراءات العاجلة لمواجهته على مستوى الكليات المختلفة وفق خطة إستراتيجية شاملة ومتكاملة كان من بينها تطبيق منظومة التعليم أون « عن بعد وإتاحة المقررات الدراسية وإعفاء الطلاب من مصروفات ،» لاين المدن الجامعية طوال فترة تعليق الدراسة بعد إخلائها، وعلى مستوى الامتحانات كان المجهود الأكبر فى توفير محيط آمن للطلاب لإجراء الاختبارات حيث عقدت الجامعة الامتحانات الحضورية ل 80 ألف طالب في السنوات النهائية والدراسات العليا، وتم وضع خطة دقيقة تضمن سلامة منتسبي الجامعة من طلاب وأساتذة وعاملين، وخفض احتمالية الإصابة بالفيروس كورونا، كما أصدرنا دليلا للدعم والإرشاد النفسي للطلاب لتقديم المساندة النفسية لهم خلال فترة الامتحانات.

ويتابع رئيس الجامعة: وجهت بتشكيل لجان طبية متخصصة لمكافحة العدوى داخل الحرم الجامعي ولجان الامتحانات والكليات للتعامل الطبي السريع مع أي حالة اشتباه وفق الإجراءات الطبية المقررة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، كما وفرنا سيارات الإسعاف بالحرم الجامعي والكليات خارج الحرم، وتم تشكيل لجنة عليا في إدارة الجامعة لمتابعة تنفيذ القواعد والإجراءات الاحترازية المقررة يوميا من خلال اللجان العليا المشكلة بكل كلية، وتم تجهيز المدن الجامعية لاستقبال وتسكين طلاب الفرق النهائية المغتربين ممن كانوا يقيمون سابقا بالمدن للإقامة بها خلال فترة انعقاد الامتحانات، حيث تم تسكين طلاب كل كلية قبل بدء امتحاناتهم بيومين، ويتم تعقيمها بشكل يومي، مع مراعاة كافة التعليمات والإجراءات الاحترازية والوقائية والصحية سواء على مستوى التسكين أو التغذية.

والجامعة.. تناقش رسائل الماجستير لم يكن طلاب الدراسات العليا ورسائل الدكتوراه والماجستير بمنأ عن اهتمام الجامعة وعن ذلك يقول د. محمود علم الدين، المتحدث الرسمى باسم الجامعة: بالتزامن مع إجراء امتحانات الفرق النهائية بكافة الكليات تمت مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه بالكليات وسط إجراءات احترازية مشددة للوقاية من فيروس كورونا المستجد، حيث تم مناقشة 8 رسائل ماجستير ودكتوراه بكليات الهندسة والطب البيطري ودار العلوم والدراسات العليا للتربية الأسبوع الماضى. أون « ويتابع: على الرغم من اعتماد الجامعة التعليم خلال الأشهر الماضية إلا أنه لم يكن هناك بديل » لاين لإجراء الامتحانات الحضورية خاصة لطلاب الفرق النهائية،__

لذا اتخذت الجامعة كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير اللازمة لحماية الطلاب أثناء تواجدهم داخل الجامعة من حيث الالتزام بارتداء الكمامات الواقية واستخدام الكواشف الحرارية قبل دخول الامتحانات والحفاظ على التباعد الاجتماعي والمسافات البينية بين الممتحنين، وإجراء عمليات التهوية والتطهير والتعقيم يوميا في كافة الأماكن والقاعات قبل وبعد عقد الامتحانات، كما تم إعداد اللجان الخاصة للطلاب ذوي القدرات الخاصة ووجود من يعاونهم.

تنسيق ومتابعة

لم يكن خفيا على أحد التزاحم الشديد التى تشهده الجامعة خلال أيام الامتحانات خاصة للكليات ذات الكثافة الطلابية العالية فكيف تعاملت الجامعة مع المشكلة؟

يقول المتحدث الرسمى للجامعة: تم التنسيق بين كافة كليات الجامعة لوضع جداول الامتحانات لتتم بالتبادل بشكل يضمن عدم حضور طلاب الكليات ذات الأعداد الكبيرة مع بعضهم البعض مثل كليات التجارة والحقوق، حرصا على تقليل الكثافة الطلابية وتحقيق التباعد الاجتماعي وفقًا لأقصى درجات الاحتراز الممكنة، وتم إعلان جداول الامتحانات وأرقام الجلوس لكل كلية على حدة قبل بداية الامتحانات بها بعشرة أيام، كما تم التأكيد على ترك مدة كافية بين امتحانات المواد تيسير اً على الطلاب، وإجراء الامتحانات بنظام البابل شيت والتصحيح إلكترونيا، ومراعاة تحقيق المخرجات التعليمية، وبالنسبة للامتحانات الشفوية والإكلينيكية والمعملية تم استبدالها بطرق تقييم أخرى عادلة تحقق نفس المخرجات التعليمية والهدف الموضوعي من التقييم مع الحفاظ على سلامة الجميع والوقاية من العدوى.

وينهى د. محمود على الدين حديثه مؤكدا على اتخاذ الجامعة كافة الإجراءات التى تحفظ سلامة الطلاب الجدد الملتحقين بالجامعة قائلا: بدأنا الاستعدادات للعام الدراسي الجديد بإجراءات غير مسبوقة حيث يتم استقبال تحويلات الطلاب وتقديم طلبات التسكين بالمدن الجامعية إلكترونيا وذلك لتجنيب الطلاب الزحام أمام معامل الحاسب الآلى بالجامعة والأفرع التابعة لها.

آراء وتخوفات

أثبتت جامعة القاهرة نجاح تجربتها فى التعليم "أون لاين" لكن ماذا عن آراء طلاب التعليم ما قبل الجامعى وأولياء أمورهم؟

يقول محمد مصطفى، طالب بالصف الأول الثانوي: إن التجربة كانت جديدة عليوزملائى لكنها كانت مفيدة كثيرا خاصة وأننى التحق خلال الإجازة الصيفية بكورس لغة إنجليزية عبر إحدى جروبات فيسبوك واستطعت اجتياز أكثر من مستوى، فضلا عن أن التجربة تجنبنى الضغط الذي أواجههداخل الفصل، كما تجعل التواصل مع المدرسين أمرا مستمرا وليس محدودا بوقت الحصة.

وترى سها مصطفى، طالبة بالصف الثاني الثانوي أن التعليم عن بعد يوفر الوقت الضائع في المواصلات، ولا يجعل التلاميذ مضطرين للاستيقاظ مبكرا، بل يأخذون كفايتهم من الراحة والنوم من أجل الاستذكار ومتابعة الدروس، كما تجعل الطلبة أكثر اعتمادا على أنفسهم.

وترى سعاد عبد الله, والدة عبد الرحمن الطالب بالصف الثاني الإعدادي أن المشكلة تكمن في أن الطلبة أحيانا يفقدون تركيزهم أمام المادة التعليمية بخلاف وجودهم في الفصل الذي يجعلهم مضطرين للانتباه للمدرس، كما أنبعض المدرسين لم يكونوا قادرين على توصيل المعلومة بشكل جيد للطلبة خلال الفيديو، لكن فكرة اعتماد الطلبة على أنفسهم وبحثهم عن المعلومة من أهم إيجابيات التعليم عن بعد الذىيجلعهم يتحملون المسئولية بشكل مباشر.

ضوابط للتطبيق

تعلق د. شيرين حسن صادق، مدرس طب وجراحة العيون بجامعة الفيوم على التعلم عن بعد قائلة:يمكن تطبيق هذا النظام بشكل أفضل في الكليات النظرية، لكن الأمر يختلف في المجالات العملية كالطب والصيدلة والهندسةوالتي تحتاج إلى جزء تفاعلي بين الطلاب والأساتذة، وكذلك مشاهدة التجارب العلمية داخل المعامل, لأن مهما كانت المعرفة النظرية فالتجربة الفعلية تختلف، وعلى الرغم من التعليم عنبعد يوفر مصدرا مستديما للمعلومة يجعل المعلومات والمناهج متاحة في أي وقت، وكذلك يجعل الطلبة في سن ما قبل التعليم الجامعي قادرين على التعامل مع لغة العصرلكن على مسئولي التعليم أن يؤسسوا لذلك من المرحلة الابتدائية ووضع ضوابط له خاصة فى الأبحاث والتى جعلتالبعض عرضة لاستغلال المكتبات وبعض المدرسين.

استكمال العام الدراسى

ترى د. نرمين توفيق، المحاضر بجامعة الفيوم أن أزمة كورونا أدت إلى مجموعة من التغيرات بسبب ضرورة التباعد الاجتماعي وأهمها استخدام التكنولوجيا الحديثة للتواصل سواء في العمل أو التعليم، وأصبح التعليم عن بعد بديلا لحضور الطلاب في المدراس والجامعات، ومن إيجابيات هذا النظام أنه لم يفوت العام الدراسي على الطلاب وساعدهم على متابعة دروسهم بالمنزل والتواصل مع أساتذتهم، لكننا واجهنا مشكلة فى ضعف شبكات الإنترنت في بعض المناطق خاصة القرى، بالإضافة إلى أن بعض الطلاب لم يكن لديهم الأجهزة التي تساعدهم على متابعة الدراسة أو حتى الخبرة في التعامل مع التطبيقات الإلكترونية، لذا أعتقد أنه من الضروري فى الفترة المقبلة أن تساعد الدولة الطلبة الذين لا يملكون أجهزة كمبيوتر كما فعلت بتوفير التابلت للطلاب في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي، وأن يتم الاهتمام بتعليم مادة الكمبيوتر وتدريب الطلاب والأساتذة على التعامل مع هذه التقنيات، كما أننا لا يمكن أن ننكر أيضا أن التفاعل المباشر بين الطالب والأستاذ يكون أفضل في الفهم، لكن في كل الأحوال فقد أنقذت تجربة التعليم عن بعد ضياع الفصل الدراسي الثاني على الطلاب، ومن ثم يجب أن يتم تلافي السلبيات التي حدثت ومعالجتها في المرحلة المقبلة.

ثقافة جديدة

تقولد. جيهان عبد السلام، مدرس الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية: فرضت جائحة كورونا تطوير النظم التعليمية والتدريسية بما يضمن استمرار العملية التعليمية دون الإضرار بصحة المواطنين فكان التعلم عن بعد الخيار الأفضل فى ظل ظروف استثنائية تواجه العالم أجمع، بالطبع هو ثقافة جديدة على مجتمعنا لكن الأساتذة حاولوا التواصل مع الطلاب بطريقة أسهل عبر مواقع التواصل وتطبيقات الفيديو، أو بإنشاء مجموعات على "واتساب"، يتم من خلالها إرسال المواد التعليمية ومقاطع فيديو لشرح المحاضرات مع جلسات حوارية لمناقشة المواضيع محل الدراسة، ويفضل الطلاب بالطبع هذا النظام لأنه أسهل في التواصل ولا يضطرهم للالتزام بمواعيد محددة للحضور، لكن الوضع صعب على بعض الطلبة الذي يحتاجون إلى التواصل المباشر مع الأساتذة، بجانب ضعف خدمات الإنترنت التي لا تسمح أحيانا بالتواصل الفعال، بالإضافة إلى أنه ليس معظم الأساتذة الجامعيين لديهم القدرة على توصيل المعلومة عن بعد، والتكلفة الإضافية على الطالب والأستاذ لضمان كفاءة الإنترنت والتواصل الدائم.

وعن الطرق المثلى لتطبيق النظام تقول: علينا أن نضع في الاعتبار أن التحول الرقمي في مجال التعليم بات ضرورة حتى بعيدا عن وجود أزمات أو أوبئة، لكن الأمر بحاجة لتجديد البنية التكنولوجية خاصة في القرى النائية، وتدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم، توفير الأجهزة الإلكترونية للطلبة والمعلمينبأسعار زهيدة وغير مكلفة، وتبني الجهات المعنية نمط التعليم الإلكتروني بصورة فعالة حتى بعد انتهاء الجائحة، لتصبح طريقة بديلة يمكن اللجوء إليها في حالات مستقبلية مع توفير خطط للطوارئ قبل حدوث الأزمات.

 

صعوبة فى التطبيق

يعتقد د. يوسف بدر، أستاذ اللغة الفارسية بجامعة قناة السويس أن التجربة يمكن أن تنجح في مصر خاصة وأن تعامل الشباب مع التكنولوجيا أصبح موجودا بصورة كبيرة لدى مختلف القطاعات، وبدلا من توجيهه في اللهو والترفيه فحسب يمكن الاستفادة منه علميا في ظل وجود برامج وتطبيقات توفر عنصر التفاعلية في العملية التعليمية بين الطالب والمعلم، ويقول: تطبيق التعلم عن بعد صعب خاصة في الكليات العملية التي تحتاج لتواجد الطلبة والأساتذة بالمعامل والتعلم عن طريق التجربة، كما أنهلا يعني الاستغناء بشكل كامل عن التعليم النظامي لأن الأخير له جزء تربوي واجتماعي ويعمل على تنمية المهارات الفردية لدى الطلاب والتفاعل مع المجتمع عبر ممارسة الأنشطة المختلفة وهو أمر غير موجود في التعليم الإلكتروني.

مكمل للتعليم النظامى

أما د.إقبال السمالوطى, عميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية بالقاهرة سابقا فترى ضرورة توافر بعض الضوابطحتى يمكن الاستفادة من تجربة التعليم عن بعد أهمهاتدريب المعلمين والطلاب على آلياته,والتعامل مع التكنولوجيا الحديثةوتوفير بنية تحتية تكنولوجية بمايضمن وصول الخدمة التعليمية لجميع الطلبة على مختلف مستوياتهم الاجتماعية، وتحويل المناهج المكتوبة إلى محتوى بصري تفاعلي يمكن التعامل معه عن بعد لضمان توصيل المعلومة بصورة أفضل للطلبة، ويمكن تلافي أزمة الإنترنت عبر توفير المحتوى التعليمي للطبة في الأماكن النائية عبر القنوات التلفزيونية، لافتاإلى أن التعلم الإلكترونى يمكن أن يكون مكملا للتعليم النظامي وفرصة لتطويره لكنه بحاجة لخطوات مدروسة قبل تعميمه.

تقسيم الطلاب

حول كيفية التوليف بين النظامين الإلكترونى والفصل الدراسى للاستفادة من إيجابياتهما يقول د. محمد صالح الإمام، مستشار وزير التربية والتعليم: يمكن تقسيم الطلاب لمجموعات لتقليل الكثافة في الفصول على أن يقوم المدرس بالشرح بوجود وسيط تفاعلي، هذا التدرج في تطبيق النظام سيجعله أكثر كفاءة ويمنح الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين الفرصة لاستيعابه والتعامل معه بشكل جيد.

وتقول د. بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية: أثبتت التجربة أن التعليم عن بعد ليس مجرد رفاهية بل ضرورة ملحة خاصة في أوقات الأزمات، ويجب أن تكون المنظومة التعليمية في مصر مهيئة لذلك، لكن لا يلغي هذا التعليم التقليدي الذي يمكن الدولة من فرض قيم موحدة على الطلبة ويوفر جانبا تربويا للطلبة بجانب التعليم. ومن هنا سيمكن الجمع بينهما.

المصدر: كتبت : أمانى ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 763 مشاهدة
نشرت فى 27 أغسطس 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,291,251

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز