أماني ربيع
كان للمرأة المصرية حضور لافت وريادي في ثورة الثلاثين من يونيو، حيث شاركت بكثافة في المظاهرات والفعاليات الشعبية، مؤدية دور سياسي واجتماعي محوري عكس وعيها وإرادتها في الدفاع عن هويتها وحقوقها ومستقبل وطنها.
في هذا الحوار الخاص تفتح د. رشا مهدي، رئيس لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة قلبها لـ "حواء" لتروي تجربتها الشخصية في هذه الثورة، وتسلط الضوء على الحضور التاريخي للمرأة المصرية في تلك اللحظة الفاصلة، وما أعقبها من مكتسبات سياسية وتشريعية ومجتمعية، وصولًا إلى الحديث عن أدوار المرأة المرتقبة في الجمهورية الجديدة.
كيف كانت مشاركتك في ثورة 30 يونيو؟
كانت مشاركتي في ثورة 30 يونيو نابعة من إحساس بالمسئولية الوطنية، كمواطنة أولًا، وكامرأة تؤمن بأن مصر تستحق مستقبلًا أفضل، كنا نشعر وقتها أن البلد مغتصبة ونريد استرجاعها، كنا رافضين لاستبعاد الدولة الوطنية وتقييد الحريات، وقتها كنت في محافظة المنيا، وشجعت أسرتي وأولادي على النزول مثل أي امرأة مصرية تملكها الخوف على وطنها المسروق، والثورة شملت كل ميادين المحافظات المصرية، ونزلت مع أسرتي وجيراني وتجمعنا عند مبنى محافظة المنيا، كانت لحظة مفعمة بالمشاعر، رأيت فيها مصر الحقيقية رجالا ونساء، شبابا وكبارا، جميعنا على قلب رجل واحد.
ما الذي دفعك للنزول والمشاركة؟
دفعني للنزول إحساس عميق تجاه بلدي وتجاه أولادي وطلابي، وتجاه السيدات اللاتي يقع عليهن العبء الأكبر في الحياة، كنت أشعر أنه لابد أن أشارك لأني قدوة لأولادي وطلبتي في الجامعة والنساء اللاتي ألتقي بهن خلال عملي فى المجلس القومي للمرأة، كلنا كان لدينا حلم هو أن نسترد مصر، وكنا نحلم برسم مستقبل جديد للوطن، دعوت كل سيدة أعرفها للنزول، وشجعتها على أن تدعوا بدورها جيرانها وأقاربها وكل من تعرفهم، لأن البلد كانت بحاجة لنا جميعا.
هل تتذكرين موقفًا أو مشهدًا من ميدان الثورة ظل محفورًا في ذاكرتك حتى الآن؟
صورة السيدات اللاتي كنّ يقفن صفًا واحدًا يحملن الأعلام ويهتفن "تحيا مصر"، كانت دموعهنّ ونظرات العزيمة أقوى من أي خطاب سياسي، خاصة المسنات، أتذكر سيدة مسنة كانت تسير بصعوبة على عكازها وتقول لي: "دي مصر مش هنسيبها تضيع"، كان صوتها يعبر عن مدى رسوخ الوطن في قلب كل امرأة مصرية، وأن مصر مزروعة في وجداننا، وأن المرأة هي ضمير الأمة وقادرة دائما على أن تصنع التاريخ.
كيف تقيّمين حجم ودور مشاركة المرأة في الثورة؟
أعتبرها من أكثر المحطات إشراقًا في تاريخ النضال النسائي، كانت المرأة المصرية في الصفوف الأولى، ليس فقط بالعدد، لكن بالفعل والكلمة، لم تكتف بالدعم أو التشجيع بل كانت عنصرًا فاعلًا ومحركًا أساسيًا للمشهد، شاركت المرأة بمختلف فئاتها وطبقاتها سواء الريفية أو الأم والطالبة والموظفة، وحتى العاملة، وكانت هذه الوحدة النسائية أحد أسرار نجاح الحراك الشعبي، فقد تجاوزنا الفروق الاجتماعية نحو هدف وطني جامع، ولم تكن المشاركة عشوائية، بل نابعة من وعي سياسي عميق ورغبة حقيقية في التغيير، فالمرأة شريك فاعل في الوطن وهي ليست مجرد 50% من المجتمع، لكنها أيضا تقوم بتربية الـ 50% الأخرى.
ما الرسائل التي وجّهتها المرأة المصرية من خلال وجودها القوي في ميادين الثورة؟
أنا وكل النساء اللاتي نزلن وقتها أردنا أن نسترد الوطن من جديد، كنا نشعر أنه مسروق، أردنا الرئيس السيسي أن ينزل وأن يقول كلمته، كنا واثقين فيه بقوية.
في رأيك ما أبرز المكاسب التي حققتها المرأة المصرية بعد ثورة 30 يونيو؟
بعد 30 يونيو أصبحت المرأة حاضرة بقوة في كافة المجالات، وعاشت عصرا ذهبيا، وتبوأت مناصب قيادية عليا ظلت حكرا لعقود على الرجال، وشاهدنا زيادة نسبة تمثيل المرأة في البرلمان، وتوليها حقائب وزارية مهمة، فأصبحت محافظة ورئيسة محكمة وقاضية ورئيسة جامعة ومستشارة للأمن القومي، الحقيقة أن الرئيس وضع ثقته في المرأة وكانت حقا أهلا لهذه الثقة، حيث سجلت أعلى نسبة حضور فى التصويت على الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ما فتح مجالات جديدة لدعمها وتمكينها اقتصاديا، وكذا من الناحية التشريعية، كما كانت هناك تعديلات في قوانين حماية المرأة سواء من العنف أو التمييز أو تغليظ عقوبة الختان والتحرش، بالإضافة إلى زيادة وعي المجتمع بدور المرأة وقدرتها على القيادة.
كيف ساهم المجلس القومي للمرأة في تحويل هذه المكاسب من شعارات إلى واقع؟
المجلس كان دائمًا في قلب الحدث، وقام بدور كبير جدا وهو لا يزال يقوم بدور رئيسي في تفعيل أجندة تمكين المرأة، ولدينا خارطة الطريق، هي إستراتيجية المرأة 2030، كما أطلق القومي للمرأة برامج تدريبية ومبادرات قومية، بالإضافة إلى الرصد التشريعي، والتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة، ويلعب المجلس دورا كبيرا في الدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها وتمكينها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وقد أطلق العديد من المبادرات التوعوية، وتدريب السيدات على المشاريع الحرفية التراثية، بالإضافة إلى التثقيف المالي، وبرنامج "تحويشة"، وقد أصبحت المرأة أكثر وعيا بدور المجلس الذي تنتشر فروعه في جميع محافظات مصر، حيث يقدم أنشطة مركزية تقام في جميع الفروع في نفس الوقت، بالإضافة إلى أنشطة أخرى تخص كل فرع بحسب طبيعة كل محافظة.
هل ترين أن الصورة النمطية عن المرأة المصرية تغيرت لدى الرأي العام والدولة بعد 30 يونيو؟
بالفعل، بعد 30 يونيو تغيرت الصورة النمطية عن المرأة سواء لدى الدولة أو الرأي العام وأصبح ينظر لها باعتبارها شريكًا حقيقيًا في التنمية، في ظل وجود قيادة سياسية داعمة لها ومؤمنة بدورها.
ما الدور الذي تتطلعين أن تؤديه المرأة في الجمهورية الجديدة؟
أتوقع أن تلعب المرأة أدوارًا أكبر في رسم السياسات، وبناء اقتصاد منتج، وفي ترسيخ قيم العدالة والوعي والتسامح أتخيلها صانعة للسلام وقائدة للوعي في كل مكان سواء في بيتها أو خارجه، وأن نرى قريبًا امرأة رئيسة وزراء، فنحن نمتلك كوادر نسائية على أعلى مستوى من الكفاءة، وما نحتاجه هو إيمان المجتمع الكامل بقدراتها.
ما الرسالة التي تودين توجيهها إلى الفتيات المصريات اللاتي يحلمن بصنع التغيير في مجتمعهن؟
أقول لكل فتاة أنتِ تعيشين عصرا ذهبيا في عهد فخامة الرئيس السيسي، لا تضعي حدودا لأحلامك، الوطن بحاجة لكِ بحاجة لفتاة واعية قادرة على صناعة التغيير، صوتكِ يصنع الفارق، لا تنتظري من يمنحكِ الفرصة، اصنعيها، كوني حاضرة في كل دائرة من دوائر الحياة لأن الوطن لن ينهض إلا بمشاركة نسائه كما رجاله.
ساحة النقاش