ابتسام أشرف 

وسط موجة جارفة من الغضب الشعبي جراء قرارات الإخوان كانت المرأة المصرية في الصفوف الأولى لثورة الثلاثين من يونيو، تهتف، تنظم، تشارك، وتُرسي قواعد التغيير، لم تكتفِ بالمشاركة الرمزية، بل كانت صاحبة موقف وقرار، وهو ما جعل منها أحد أعمدة الثورة ومكاسبها.

في هذا الحوار تتحدث د. نسرين حسام الدين، أستاذ الإعلام بجامعة بني سويف عن مشاركتها الشخصية في ثورة 30 يونيو، وكيف رأت تحول دور المرأة  إلى شريك حقيقي في صنع القرار، كما تستعرض تفاصيل المشهد من الميدان إلى المنصات الإعلامية، ونتأمل ما تحقق وما يجب أن يتحقق من أجل مستقبل تستحقه كل فتاة مصرية.

في البداية كيف كانت مشاركتك في ثورة 30 يونيو؟

أعتز كثيرًا بمشاركتي في ثورة 30 يونيو، فقد كنت هناك في الميدان كامرأة مصرية، ومواطنة شعرت بالواجب تجاه وطنها، لم يكن الحراك الشعبي فقط رفضًا لحكم جماعة معينة، بل كان استعادة للهوية المصرية، وكان على كل شخص أن يحدد موقعه من هذا الحدث، فاخترت أن أكون في الشارع مع الناس، أهتف من القلب من أجل وطن لا يختطف، ولا يُختزل في فصيل أو جماعة، وقد شاركت وأولادي الذين كانوا وقتها مجرد أطفال لكنني كنت مصرة أن يشاركوا ويروا كيف تتحرر أرضهم من عدو غاشم أراد هدم وطنهم.

كيف تقيمين المشهد السياسي الذي سبق ثورة 30 يونيو من زاوية مشاركة المرأة؟

كانت المرأة قبل ثورة 30 يونيو في وضع صعب سياسيا واجتماعيا بعد ثورة يناير، لم تُمنح النساء المساحة الكافية للمشاركة الفاعلة، خاصة مع صعود التيارات المتشددة التي كانت تحاول تقليص وجود المرأة في المجال العام، شعرت الكثيرات أن مكتسباتهن معرضة للضياع، وأن الدولة التي حلمت بها النساء في يناير باتت مهددة، لذلك حين اقتربت لحظة 30 يونيو، كانت المرأة أول من أدرك خطورة الوضع، وخرجت بالملايين للدفاع عن حقوقها وهويتها ووطنها، ولا شك أن دور المرأة كان بطوليًا، كانت في الصفوف الأولى، تنزل بوعي وخوف على مستقبل أبنائها ووطنها، لم تكن مشاركة عاطفية فقط، بل واعية ومدروسة، رأينا المرأة تنسّق وتوثّق، وتشارك في وضع الرؤية كان هذا امتدادًا لتاريخ طويل من النضال النسائي في مصر، لكنه جاء في لحظة تجلّى فيها الوعي الجمعي بشكل مذهل.

هل ترين أن مشاركة المرأة في الثورة أثّرت على وضعها في المجتمع بعد ذلك؟

بالتأكيد، مشاركة المرأة في ثورة يونيو أعادت تعريف حضورها المجتمعي والسياسي، لقد أثبتت أنها ليست مجرد صوت انتخابي أو عنصر مكمل، بل عنصر فاعل أساسي لا يمكن تجاهله، هذا الوجود كان دافعًا لإعادة النظر في قضايا تمكين المرأة، وفتح باب الحوار حول التشريعات والحقوق، وحتى التمثيل في المناصب القيادية، كما انعكس هذا الحضور القوي على أوضاعها بعد الثورة، فعلى الصعيد السياسي لدينا الآن تمثيل نسائي غير مسبوق في البرلمان، والمرأة تشغل مناصب قيادية في الحكومة ومؤسسات الدولة، وعلى الصعيد الاجتماعي حدث تحول في نظرة المجتمع للمرأة كقوة فاعلة، أما في الإعلام فقد أصبحت صورة المرأة أكثر حضورًا وتنوعًا، وتم التوقف عن اختزالها في أدوار تقليدية فقط.

من وجهة نظرك، هل الإعلام المصري أنصف المرأة خلال وبعد ثورة يونيو؟

الإعلام المصري قام بدور مهم، لكنه لم يكن دائمًا منصفًا للمرأة، فهناك نماذج رائعة ظهرت خاصة في نقل الصورة الحقيقية من الميدان، وإبراز شجاعة السيدات، ولكن في بعض الأوقات تم حصر صورة المرأة خاصة في الدراما في أطر نمطية، كنا نرى إعلام لا يُبرز عقل المرأة، طموحها، إسهاماتها في العمل العام، فقط عاطفتها أو مظهرها علي عكس ما يحدث الآن، ولا يمكن إنكار أن بعض المنصات الإعلامية المستنيرة سلّطت الضوء على الرموز النسائية، وكرمت حضور المرأة، وساهمت في ترسيخ صورتها كمواطنة كاملة الأهلية والحقوق.

باعتبارك أستاذة إعلام، كيف تقيّمين صورة المرأة في المنصات الجديدة، كالسوشيال ميديا؟

السوشيال ميديا أداة مزدوجة، من ناحية، أتاحت للمرأة مساحة للتعبير بعيدًا عن الوسائط التقليدية، وظهرت أصوات نسائية شابة تطرح قضايا مهمة، لكن من ناحية أخرى، هي ساحة مفتوحة للتنميط والسخرية والمعلومات المغلوطة، المهم هو التمكين الرقمي، وتعليم النساء كيف يدافعن عن أنفسهن، ويستخدمن هذه المساحة بذكاء وتأثير.

ما أبرز التحديات التي لا تزال تواجه المرأة المصرية بعد الثورة؟

التحديات كثيرة، رغم ما حصدته المرأة من مكتسبات في عهد سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي ما زلنا نعاني الثقافة الذكورية وفجوة في فرص العمل، والعنف المجتمعي ضد المرأة، لكن الأمل موجود، الثورة زرعت شجاعة في قلب كل فتاة مصرية، التحدي الآن هو ترجمة هذه الشجاعة إلى سياسات، وتشريعات، وأدوات تمكين حقيقية.

ما الرسالة التي تودين توجيهها للمرأة المصرية اليوم؟

لا تتراجعي عن الحلم، ولا تصدقي من يقول إن دورك هامشي، كنتِ في الميدان، وكنتِ في الإعلام، وكنتِ في كل معركة وطنية، الآن جاء وقت البناء، وحقك أن تكوني شريكًا كاملًا، لا تابعًا، التعليم والعمل والاستقلالية مفاتيح قوتك، فلا تفرّطي فيها، واعلمى أن المرحلة المقبلة تتطلب من المرأة أن تكون أكثر فاعلية، ليس فقط كمطالبة بالحقوق، بل كشريكة في التنمية وصناعة القرار نحن بحاجة إلى نساء في الاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا والتعليم، علينا أن نستثمر هذا الوعي الجمعي الذي صنعته الثورة وأن نحوله إلى طاقة تغيير متواصلة

كيف ترين المستقبل السياسي والاجتماعي للمرأة المصرية؟

أراه مشرقًا، لأنني أؤمن بإصرار المرأة المصرية ودعم القيادة السياسية كل ما نحتاجه هو تغيير الصورة الذهنية عن المرأة، مع وجود قيادات نسائية واعية وشابات لديهن الجرأة والمعرفة والقدرة على إثبات كفاءتهن، فإن المستقبل يحمل كثيرًا من الأمل.

هل تعتقدين أن المرأة حصلت على ما كانت تصبو إليه بعد الثورة؟

المرأة حققت الكثير، لكن الطريق ما زال طويلاً، لدينا الآن بيئة تشريعية داعمة وقيادة سياسية واعية، وتمثيل سياسي مشرف ومبادرات حكومية تستهدف تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، لكن لا تزال هناك تحديات في بعض المناطق الريفية والمهمشة، وتحتاج المرأة إلى دعم مجتمعي أكبر حتى تستفيد من هذه الفرص وتترجمها إلى مكتسبات واقعية على الأرض.

المصدر: ابتسام أشرف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 25 مشاهدة
نشرت فى 30 يونيو 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

26,148,025

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز