إشراف: أميرة إسماعيل - سمر عيد أسماء صقر ابتسام اشرف أمانى ربيع

من منا لم يصل إلى مرحلة في حياته كاد لا يعرف فيها نفسه وشكله وربما إحساسه ومشاعره ليقف أمام المرآة ويقول لنفسه هذا ليس أنا الذي أعرفه، ربما يضيع الإنسان حياته وهو يركض خلف هدف معين ينسيه أمورا جميلة، فهل يكون قد فات الأوان لإحيائها مرة أخرى؟ أم أن الإنسان لابد وأن يبدأ من جديد طالما لا يزال يتنفس وعلى قيد الحياة؟ هذا ما حاولنا أن نجيب عليه فى هذه السطور.

 

البداية مع هدى نجيب وتقول: بعدما كبر أبنائي وتزوجوا شعرت بفراغ قاتل، ولم أكن أجد شيئا أفعله طوال اليوم فاقترحت على صديقة مقربة أن نبدأ في عمل مشروع مركز تجميل وتجهيز العرائس، وكنت مترددة في بداية المشروع فقد بلغت 50 عاما وربما لا أقوى على مباشرة المشروع، لكن رويدا رويدا تشكلت الفكرة جيدا في رأسي، وبدأت المشروع مع صديقتي والحمدلله الآن هو أفضل مركز تجميل في منطقتي ويدر علينا دخلا جيدا وكان هذا أفضل فكرة لملأ وقت فراغى فيما يفيد.

 

وتقول راندا مصطفى، معلمة محالة على المعاش: تغير شكلي كثيرا بعدما تقدم بى العمر وتقاعدت عن العمل، فقررت تغيير دولاب ملابسي كاملا وغيرت الألوان القاتمة التي كنت أرتديها وقمت بعمل عملية تجميل بسيطة أعادتني للوراء لعشرين عاما تقريبا، وهو ما جعل زوجى وأبنائى يفخرون بى وأننى لم استسلم للزمن وقد تقبلوا هذا التغيير الذي جعلني أقبل على الحياة من جديد.

 

أما صفاء سيد، ربة منزل فترى أن الزواج والحمل والإنجاب من أكثر الأمور التي يمكن أن تؤثر في نفسية أي امرأة وتجعلها محبطة، وتقول: نظرت إلى نفسي في المرآة بعدما أنجبت طفلين فوجدت جسدي قد ترهل ووزني قد زاد فقررت الذهاب إلى صالة رياضية "جيم"، واتبعت حمية غذائية وبالفعل فقدت الكثير من الوزن واستعدت رشاقتي، الأمر الذي جعل علاقتي بزوجي تتحسن كثيرا وأصبحت أكثر نشاطا مع أبنائى وأكثر حبا ورضا عن نفسي.

 

وترى غادة رؤوف، محاسبة بإحدى البنوك أن أي امرأة تتزوج وتنجب تنسى صديقاتها وخاصة في فترة الشباب والمراهقة لذا قررت استعادة فترة الشباب بعدما بلغت عمر الأربعين، وتقول: انقطعت عن صديقاتي بعدما تزوجت وأنجبت وانشغلت بتربية أبنائي، لكن بعدما بلغت سن الأربعين انشغل أبنائي كل بحياته ودراسته فقررت معاودة الاتصال بصديقات الصبا في مدرستي الثانوية، حيث كنا نشكل فريقا يعزف الموسيقى، وأصبحنا نلتقي مرة كل أسبوع في منزل واحدة منا لنعزف الألحان التي كنا نعزفها بالمرحلة الثانوية، وهذا الأمر قد جعل نفسيتي تتحسن وشعور الوحدة يختفي.

 

البدايات تحتاج للإصرار

يوضح الدكتور السيد عبد القادر زيدان، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن البدايات الجديدة والعودة لمراجعة النفس واكتشافها من جديد تحتاج إلى عزيمة وإصرار ومن يساندها، ويقول: تستطيع المرأة أن تعود لهواياتها التي كانت تعشقها وتستعيد رشاقتها وتصبح أفضل امرأة في العالم بفضل مساندة ومساعدة بقية أفراد الأسرة لها؛ فمن غير الممكن أن توفر المرأة وقتا لنفسها دون أن يساندها زوجها وأولادها ويشاركونها تحمل أعباء المنزل والقيام بالمهام والمسئوليات، ولا يمكن أن يكون العمر عائقا مطلقا أمام البدايات الجديدة فمن حق أي إنسان أن يعيد اكتشاف ذاته ومواهبه ويطور من نفسه في أي وقت.

 

لا تكوني عدوة نفسك

 

تقدم زهراء رفعت، خبيرة التنمية البشرية خطة لاستعادة الثقة بالذات التي تبث القوة في نفس صاحبتها كي تحررها من إهمالها لنفسها وتخلصها من شوائب الزمن التي لحقت بها جراء تحمل المسئوليات الكثيرة قائلة: ربما نحتاج لاكتشاف ذاتنا مرة تلو الأخرى، وأنا أدعو حواء ألا تتردد مطلقا في أن تغير لون شعرها ودولاب ملابسها، وتجدد من طاقتها الداخلية والخارجية معا في أي عمر، وهذا الأمر هو نوع من أنواع مكافأة الذات، وكأن الأم التي ربت وتعبت وسهرت وتحملت المشاق لأجل أبنائها دهرا تصفق لنفسها، وتكافئ ذاتها على كل هذه التضحيات بمنح نفسها فرصة للاهتمام بشكلها، وتتواصل مع صديقاتها وتمارس هواياتها التي أهملتها كي تهتم بالأسرة والزوج، وهي بذلك تتخلص من الطاقة السلبية التي كانت تحيط بها وتجعلها شاحبة الوجه والبشرة، وعليها أن تتجاهل تماما كل الصديقات اللواتي يرفضن التجديد والتغيير بدافع أنهن قد تقدمن في العمر وأن اهتمامات الأشخاص تختلف باختلاف السن، ولا مانع أن أبدأ بدايات تتفق مع عمري ومجتمعي ولكن لا أستسلم مطلقا للروتين الذي يمكن أن يجعل حياتي رتيبة ومملة.

وتتابع: نجد كثيرا من النساء يبدأن مشاريع تجارية أو خيرية بعدما كبر أبنائهن وأصبح لديهن وقت فراغ، ونجد الكثيرات يردن إزاحة الحزن والألم بعد فقد الزوج والأهل، لذا أنصح حواء ألا تكون عدوة نفسها فهى قادرة على استعادة روحها، وأعتقد أن تمرينات مثل اليوجا والعد العكسي تفيد جدا في السيطرة على المشاعر السلبية وكسر حالة الغضب من شخص ما أو الملل من الروتين اليومي، كما أن سماع الموسيقى مهم جدا لكن أرجو الابتعاد عن الأغاني السلبية.

 

الوقاية خير من العلاج

تتساءل د. نورا رشدي، أستاذة الخدمة الاجتماعية ووكيلة معهد الخدمة الاجتماعية السابقة لماذا تهمل حواء نفسها منذ البداية؟ وتقول: إن أكبر جريمة في حق النفس هو ظلمها من أجل أشخاص آخرين، لذا على المرأة أن تحب نفسها أولا كي تحب أسرتها وزوجها فيما بعد، لكن مع الأسف نجد الكثير من الأمهات المصريات يهملن في مظهرهن من أجل توفير ما تحتاجه الأسرة والأبناء، وهذا في حد ذاته أكبر ظلم للنفس، والبدايات الجديدة تبدأ من الداخل للخارج بمعنى أنه لا يمكن الاهتمام بالشكل أو بداية مشروع أو هواية جديدة إلا إذا بدأت المرأة بتحسين معنوياتها والتخلص من اليأس والحزن، وعلى حواء حين تبدأ بداية جديدة ألا تستمع لأية انتقادات في الحياة سواء من جارتها أو صديقاتها أو زميلاتها في العمل لأنها ربما تتعرض للنقد إذا ما جددت في شكلها أو ألوان ملابسها، لكن عليها أن تفعل ما يسعدها ويحقق لها الرضا والقبول للنفس غير آبهة بانتقادات الأخريات.

 

كيف تعيدي بناء نفسك؟

يقول د. مصطفى يونس، خبير علم النفس: للبداية الجديدة عدة مراحل أولها ترتيب الأفكار فقد تكون حواء قد عاشت لسنوات كثر أسيرة لفكر واحد أو تجارب ربما عرضتها لأزمات نفسية ومعنوية وهزت ثقتها بنفسها؛ لذا من المهم جدا إعادة ترتيب الأفكار والأولويات في الحياة، أما المرحلة الثانية فهي التخلص من الأفكار السلبية مثل فكرة التقدم بالعمر وعدم استطاعتها على بذل مجهود أو استسلامها لمرض مزمن، كذلك ينبغي محو كل التجارب السلبية وتجارب الفشل التي مرت بها من قبل، أما ثالث هذه المراحل هي وضع نقاط جديدة للبدايات وكأنها تقول لحياتها قفي، نقطة ومن أول السطر، لكن مع الأسف قد تكون في أحيان كثيرة تحتاج لحرق دفتر أوراقها كاملا كي تستطيع الوقوف على قدميها من جديد كأن تتخطى أزمة عاطفية أو إساءة من أحد الأبناء أو تجارب حياتية جعلتها تحيط نفسها لأعوام داخل شرنقة لم تكن تود الخروج منها سواء نفسيا أو من ناحية الشكل، وآخر هذه المراحل هي الموازنة بين القلب والعقل أي بين ما تحبه وما يفضله عقلها، وفي النهاية على حواء أن تعيش دور المؤلف الذي قد ينتهي من رواية قد ألقت بظلالها على شخصيته وأفكاره ليعود بروح وشخصية وأفكار جديدة ويبدأ رواية أخرى قد تختلف في أحداثها وأبطالها عن الرواية الأولى شكلا وموضوعا.

المصدر: إشراف: أميرة إسماعيل - سمر عيد – أسماء صقر – ابتسام اشرف – أمانى ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 564 مشاهدة
نشرت فى 16 ديسمبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,918,293

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز