أسماء صقر
تنشأ الرغبة فى الادخار لدى الطفل منذ الصغر لشراء ما يود من ألعاب خاصة عند تشجيع الوالدين له على ذلك، لكن كيف يمكن توظيف ذلك السلوك الفطرى لدى الأبناء فى ترشيد استهلاك الطاقة كالكهرباء والكمبيوتر والمياه وتحويله الى ثقافة عامى وأسلوب حياة؟
فى هذه السطور نناقش مجموعة من أساتذة علم نفس الطفل لنقدم لك روشتة تعويد الأبناء على الترشيد والادخار لتستكملى دورك فى دعم الوطن من خلال تنشئة جيل لديه من الوعى الكافى للحفاظ على مختلف مصادر الطاقة وكذا الاقتصاد فى احتياجاته وإدارته فى المستقبل.
في البداية تقول هبه جمال، موظفة: ابني عمره تسع سنوات، يحب شراء الألعاب بشكل مستمر، لذا حددت له مصروفا شخصيا وطلبت منه أن يدخر جزءا منه ليشتري اللعبة التي يريدها وبذلك أحاول تدريبه على التوفير.
وتقول نرمين عبد الحميد، ربة منزل: يريد ابني شراء هاتف محمول ذكي وحديث وفي ظل الغلاء الذي نعانيه طلبت منه ادخار جزء من مصروفه الشخصي منذ بداية العام وبالفعل ادخر مبلغا ماليا مناسبا وسوف أشترى له الهاتف بعد شهرين.
وتقول جيلان مصطفي، ربة منزل: يستهلك ابني باقة الإنترنت بشكل كبير خاصة في فصل الصيف حيث يقوم بعمل فيديوهات ويشاركها مع متابعيه على تيك توك، ويشاهد اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، ويمارس الألعاب الإلكترونية، وأنا أعتاد على إعطائه مصروفه الشخصي كل شهر ولكي أعلمه الادخار طلبت منه مشاركتنا في سداد فاتورة الإنترنت.
تحمل المسئولية
يعلق د. أحمد خيري حافظ، أستاذ علم نفس الطفل بجامعة عين شمس على كيفية تعليم الطفل ثقافة الادخار قائلا: التوفير هو سلوك يجب أن يعتاد عليه الأبناء وكل شخص في حياته، وتربية الأبناء على الادخار تبدأ من مرحلة الطفولة، فالادخار يجعل الطفل يعتمد على نفسه وتزداد ثقته بالنفس، فعندما يرى الطفل أن ادخاره لأمواله يتيح له تحقيق الكثير من رغباته وأمنياته البسيطة بشكل مستقل تتولد لديه الرغبة فى الادخار، كما أنه يعد خطوة أولى فى تكوين شخصيته المستقلة وتعويده مواجهته الأزمات والقدرة على اتخاذ القرار، فضلا عن أن الادخار يجعل الطفل يقدر أكثر قيمة النقود وكيفية استغلالها وبهذا تتطور أفكاره الاقتصادية ويتعلم كيف يدير موارده ويستغلها.
ويتابع: يعد الادخار ثقافة لشعوب الدول الصناعية الكبرى، وفي بعض الدول العربية التي تعرضت للأزمات الاقتصادية، ويعتقد بعض الخبراء أن سبب عدم اتباع البعض ثقافة الادخار هو عدم موازنة الدخل بالمصروف، لأن الدخل يعد أصلا محدودا لا يغطي الاحتياجات في بعض الأسر التي تعتمد علي العمالة غير المنتظمة، وهنا على الوالدين إعطاء الطفل مصروف محدد يوازي دخل الأسرة، وتوضيح ميزانية الأسرة له وتوجيهه لشراء احتياجاته على قدر مصروفه كي يتعلم ثقافة التوفير، ففى عصرنا الحالي ومع المغريات الكثيرة وتنوع الاهتمامات فإن تسليط الضوء على تعزيز ثقافة الادخار ضرورة ملحة وقيمة أساسية، وقد وجد بعض الخبراء ضرورة ضمها في المناهج الدراسية وبذلك ينشأ الإحساس بالمسئولية المالية بالتدريج عند الأبناء، إذ يؤكد علماء تربية الطفل على أهمية بدء تثقيف الأطفال عن مفهوم المال عند سن الرابعة من عمرهم لبناء وتطوير الوعي المالي لديهم منذ الصغر ما يساعدهم على التخطيط الفعال واتخاذ قرارات مالية أفضل فى الكبر.
التشجيع الأسرى
تقول د. هناء جلال، أستاذ أصول التربية بكلية التربية بجامعة المنوفية: يمكن أن تكون منافسة الطفل في الادخار وسيلة جيدة لتشجيعه، كما أن أحد الأمور الأساسية التي تساعد الطفل على توفير المال هو البحث عن العروض الجيدة عند تسوق الآباء مع الأبناء، لذا على الوالدين إطلاع أبنائهم على قائمة أسعار المحلات التجارية والأسواق وكذلك متابعة العروض عبر التطبيقات أو البرامج الإلكترونية عند ذلك سيلاحظ الوالدان أن أبناءهما لديهم شغف ومهارة في ادخار المال للاستفادة من هذه العروض.
وتتابع: تعليم الطفل ادخار المال خطوة مهمة وأساسية في تدريبه على تحمل المسئولية المالية لما لذلك السلوك بعد تربوي وأخلاقى عندما يمارسه الوالدان بشكل صحيح، حيث يرى الصغار فى النقود وسيلة للمتعة وتحقيق رغباتهم المباشرة إلا أن الادخار يعلمهم تقدير قيمة الأشياء التى يرغبون بشرائها والمفاضلة بين المهم والأهم، فضلا عن تجنيبهم التبذير.
تقديم قدوة فعلية
أما عن الأسلوب المناسب لتعويد الأبناء الادخار فيقول د. حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إذا أردنا تعليم أبنائنا ثقافة الادخار والترشيد علينا عدم توجيه التعليمات والإرشادات لهم لأن الأطفال مقلدين جيدين بمعنى أنه يكتسب من المحيط الأسري الذي يعيش فيه جميع القيم والعادات والتقاليد والميول وبالتالي فإن سلوك الأب والأم يعد نموذجا يحتذى به من الأبناء، ومن هنا يمكن إشراك الأبناء عند عمل ميزانية الأسرة وتوزيع ميزانية الأسرة وطريقة الإنفاق والألويات التي يتم وضعها في الاعتبار تدريجيا حسب أهميتها ما يجعلهم ينشأون على تحمل المسئولية وبذلك يمكن أن نجعل الأطفال يمارسون منذ الصغر عملية التخطيط والتنظيم والتدبير لأمور حياتهم وأيضا إكسابهم مهارة إدارة حياتهم بصفة عامة، وهو ما يمكن تحقيقه بشراء الحصالة للأطفال والتى من شأنها غرس ثقافة الادخار فى نفوسهم مع مراعاة تعويدهم وضع جزء معين من مصروفهم حتى لا يشعروا بالحرمان، وهناك خطأ شائع يقع فيه بعض الأطفال وهو صرف ما تم ادخاره مرة واحدة فى مناسبة معينة فيلجأ إلى الوالدين عند قدوم أى مناسبة أخرى، وهنا على الوالدين التحدث مع الطفل وإقناعه بخطئه بهدوء ومساعدته فى إدارة وصرف النقود التي سوف يدخرها ومشاركته فى وضع جدول لأهدافه وكيفية تحقيقها.
وينصح د. حسن الوالدين بتقديم نماذج إيجابية للطفل فى مختلف السلوكيات المرغوب تعليمه إياها وتقول: لابد من الحديث مع الطفل عن أهمية الادخار، وعلى الأم أن تحكى لطفلها أنها تدخر جزءا من مصروفه فى دفتر توفير أو شهادة استثمارية فى البنك وبهذا تعلمه معنى وأهمية الادخار في حياته، فضلا عن طلبه رسم صور الأشياء التي يريد شراءها لاحقا بالمال المدخر لتشجعه على ادخار المال لشراء ما يريد.
ساحة النقاش