مسلسل ضرب الأطباء إلى متى ؟
كتبت :فاتن الهواري
أعتقد أن أهم مسلسل نراه الآن فى شهر رمضان وبصفة منتظمة ومستمرة ولم نره من قبل أو نسمع عنه هو «ضرب الأطباء» والتعدى عليهم فى عملهم .. مهزلة بكل المقاييس، هل هذا معقول؟ تصل البلطجة والتخلف والجهل والهمجية إلى هذا الحد .. حتى فى الحروب يكون الأطباء والفريق الطبى فى أمان لا يعتدى عليهم أحد.
فى الحروب الأهلية لا أحد يقترب من المؤسسات الطبية وهذا ما سمعنا عنه فى الحرب الأهلية فى لبنان، كانت المؤسسات الطبية فى مأمن لا يقترب منها أحد وما يحدث من اعتداءات على الأطباء والمستشفيات لم نسمع عنه من قبل ولم نره أبداً حتى فى الدول المتخلفة التى لا تعرف الحضارة ولا تسمع عنها .. لا يقوم أحد فيها بضرب الطبيب أو الاعتداء عليه فى مكان عمله .. فرغم الجهل الذى تعانى منه هذه الدول والفقر إلا أن الطبيب هناك يعامل بكل الحب والاحترام وماذا فعل الطبيب المسكين لكى يعتدى عليه وهو يقوم بعمله فى خدمة جريح أو إسعاف مريض أو إنقاذ حياة طفل؟.. ألا يكفيه المرتبات الهزيلة التى يحصل عليها لكى نكمل عليه بالضرب والإهانة وهو يقوم بتأدية واجبه المقدس فى خدمتنا.
للأسف الشديد الاعتداء على طبيب فى عمله لا يؤثر على الطبيب فقط ولكنه يؤثر على المجموعة كلها التى تعمل معه وعلى بقية المرضى الذين يقوم الطبيب بخدمتهم وعلى المنشأة ككل بسبب ما يحدث فيها من فوضى واضطراب وخلل .. هل هذا معقول؟ بدل من توفير الجو الهادئ لملائكة الرحمة لكى يقوموا بعملهم من أجلنا .. نقوم بأعمال البلطجة والتخلف ونعطى لأنفسنا الحق فى الاعتداء عليهم حتى لو اختلفنا معهم..
بهذا المسلسل الذى نراه نصل إلى قمة الفوضى والكلمات تعجز عن وصف ما وصل إليه حالنا من تخلف وجهل وسلوكيات وحشية بعيدة كل البعد عن الحضارة والرقى والمعاملة الإنسانية الطيبة.. فأصبح الصوت العالى والشتائم هى طريقتنا فى فرض آرائنا وفى حوارنا واقناع الآخر ، أما الضرب وقطع الطرق والمظاهرات فهى اساليبنا فى الحصول على حقوقنا، للأسف جرؤنا فى التطاول على كل شئ حتى الأطباء لم نعفهم من هذا التطاول ومن هذه الفوضى .. ملائكة الرحمــة التى تساعدنا على الشفاء وتخفيف الجراح بعون الله .. امتدت إليهم يد الفوضى دون خجل أو ضمير.
ماذا يفعل الطبيب المسكين الذى لا يملك أى شئ للدفاع عن نفسه أمام هذا السلوك الإجرامى المتوحش إلا أن يجلس فى بيته ويمتنع عن العمل .. هل هذا يرضى الله؟
لابد من تأمين المستشفيات ورجوع الأمن بقوة فى الشارع المصرى وإلى ربوع الوطن، بالإضافة إلى التعامل مع هؤلاء البلطجية بكل حزم وقوة وتوقيع أقصى العقوبة على من تسول له نفسه الاعتداء على الأطباء أو على أى إنسان فى مكان عمله.
لابد من وقفة جادة لنا جميعا حتى ينتهى مسلسل الفوضى والبلطجة من حياتنا وليكن شهر رمضان الكريم فرصة للعودة إلى الأخلاق الحميدة التى اختفت من دستور حياتنا
ساحة النقاش