نساء مصر خط أحمر
كتبت:ايمان الدربي
"ياسمين البرماوي" فتاة دفعت ثمن مشاركتها في الثورة المصرية باغتصاب جماعي في قلب الميدان ولكنها تحدت الإرهاب الجنسي ومحاولة قمع النساء وتخويفهم من المشاركة المجتمعية والوجود في أي مجال والتعبير عن رأيهم..وقفت "ياسمين" وفضحت فساد المجتمع وتكلمت علنا عما حصل لها أمام العالم كله التحرش الفردي والجماعي وكيف تحمين نفسك منه ونوعية المتحرش سواء كان فردا أو جهة ما .. هو موضوعنا..
البداية من مظاهرة جماعية وقفت فيها حرائر مصر ورجالها في مسيرة حاشدة بعنوان " الشارع لنا " وقف الجميع فيها ينددون ويحذرون الاقتراب من نساء مصر.. فهن خط أحمر .. وأن أي متحرش سينتهك حرمتهن في محاولة لاغتيالهن معنويا من أجل القمع والإبعاد عن المشاركة المجتمعية علي جميع المستويات .. لن يسلم ولن تفلح مقاصده .
تحدثت "سالي ذهني" إحدي الفتيات المشاركات في المظاهرة قائلة " التحرش الجنسي الفردي و الجماعي لن نسكت عليه سواء كان من أفراد استغلوا غياب الأمن أحيانا بالجرأة علي المرأة المصرية أو من جهات أخري تحاول إثناء المرأة عن دورها.. وقد أثار هذا الشارع المصري نسائه ورجاله المحترمين ومن يتورط في هذا التحرش الجنسي لا يقرأ التاريخ ولايعرف من هي المرأة المصرية القوية الأبية التي كانت دائما ولاتزال شريكا دائما للرجل في كل مسيراته الوطنية وكفاحه المجتمعي فلن نتحول لكائنات بلا قيمة ولن يعود الزمن للوراء .
تحرش وإذلال
الطبيبة "سالمة محمود" تحدثت بطريقة أكثر هدوءا مراهنة علي المرأة المصرية وقدراتها وأرجعت انتشار ظاهرة التحرش الفردي ربما - كما تؤكد - لعدم رجوع الأمن كما كان أو لفهم البعض للدين الإسلامي بطريقة خاطئة تحصر المرأة في دور الأم والزوجة فقط رغم الدور القيم والإيجابي للنساء أيام الرسول عليه أفضل السلام فالنساء كن يشاركن في الحروب والتجارة ونشر الدعوة الإسلامية كن يتعاملن مثلهن مثل الرجال. وأضافت .. أما التحرش الجماعي الممنهج الذي ظهر أخيرا في المظاهرات اعتقادا ممن يفعلونه أن هذا سيكسر النساء وسيخيفهن وسيرجعهن عن التواجد في المظاهرات والتعبير عن رأيهن بسلمية والاعتراض عما يرونه من تجاوزات أحيانا ومشاركة الرجل في نهضة مصر.. خاطيء لأن هذه الطريقة غير آدمية و تتنافي مع حقوق الإنسان وتدينها كل الأديان ،فالتحرش الجنسي للمرأة من أجل إذلالها شيء مهين بكل المعايير والأعراف والتقاليد ويدين أي جهة تفعله مهما كانت مبرراتها أما " محمد سالم " محامي تحدث معي عن نقطة أخري قائلا : انتشار ظاهرة التحرش سواء كان من فرد أو جماعة أو جهة ما جعل الكثيرين من الرجال يمنعون نساءهم من النزول للمظاهرات والتعبير عن أرائهن خوفا عليهن ، وللأسف انتشرت ظاهرة التحرش الجنسي مع وجود طوائف دينية تدين المرأة التي تنزل من بيتها وتعبر عن أرائها وتشارك الرجل في اعتراضه ومن يرجع هذه الظاهرة لبطالة الشباب وتأخرهم في الزواج وظهور مواقع إباحية و كليبات خليعة اعتقد أنه يُوجد المبررات لهذا التحرش لأن المتحرش لا يشبع أي رغبات جنسية بهذه الأفعال الخسيسة سواء بالملامسة أو غيرها و إنما هو منحرف سلوكيا والأهم أنه يريد أن يشعر بالقوة لأنه في الغالب لديه شعور بالدونية ويريد أن يشعر بالقوة .
ويضيف أن انتشار التحرش الجنسي المنظم للنساء في المظاهرات من أجل قمعهن يدين هذه الجهات أي أن كانت ليس دينيا فقط ولكن علي مستوي العالم كله لأنها تظهرهن بطريقة تهين كرامة المرأة المصرية وتتعدي علي عرضها أخيرا أؤكد أنه علينا جميعا الوقوف ضد هذه الظاهرة بالتصدي للمتحرش وهذا ماحدث بالفعل في تلك المظاهرة التي خرجت من السيدة زينب إلي ميدان التحرير بها الرجال والنساء وجميعهم ينددون بالتحرش الجنسي للمصريات.
> كيف نواجه ظاهرة التحرش الجنسي..و ماذا تفعل النساء والفتيات تحديدا لمواجهة المتحرش ؟
السفيرة "ميرفت التلاوي" رئيس المجلس القومي للمرأة تحدثت عن مشروع قانون يعده المجلس مع وزارتي العدل والأوقاف يدرج به لفظ التحرش ويتم إدانة مرتكبيه والعقوبة التي يستحقونها وتسهل علي الضابط أو العسكري القبض عليهم .
وأضافت أنه يجب أن يكون هناك اهتمام بإدارة الآداب المعنية بحالات التحرش وأن تعطي لها سلطة وإمكانيات أكبر بالإضافة لوجود وحدات متخصصة في مراكز الشرطة لاستقبال هذه الحالات مع زيادة المراقبة الأمنية في الشوارع والمواصلات وتشجيع المجتمع المدني والشباب الذي يناهض التحرش،ومهم أيضا قيام المؤسسات الدينية بدورها في التوعية وأنه ليس كل ماهو ضد المرأة أمر طبيعي مستساغ . ويجب أن يكون هناك اعتذار لما حدث للمرأة المصرية من تحرش بميدان التحرير في المظاهرات الأخيرة لأن التحرش بالمرأة المصرية في محاولة لكسرها و إهانتها لن يحدث وستستمر المرأة المصرية في مشوارها ونضالها المعتاد .
محضر وشهود
الأستاذة "عايدة نور الدين" المحامية- تحدثت عن نص المواد الخاصة بهتك العرض واستخدام القوة ضد النساء والفتيات وأن عقوبة مرتكبها تصل إلي السجن 15عاما ولكن هذا ليس له علاقة بالتحرش فقد خلا قانون العقويات من لفظ التحرش والعقوبة عليه.
وإنما علي المتحرش بها الإصرار علي الإمساك بالمتحرش وتحرير محضر يظهر فيه هتك العرض إذا حدث وهو غير الاغتصاب حتى لا يهلهل المحضر ويكون هناك منفذ للبراءة وأنه يجب أن يكون معها شهود للواقعة التي تعرضت لها حتي تطمئن المحكمة وتشعر أن كلامها صحيح..
وأضافت" نور الدين" أن الكارثة في العقلية المصرية الرجولية التي لا تقبل هذه القصص الخاصة بالتحرش ولا تدين المتحرش بل وترجع ما تعرضت له الضحية لملابسها المثيرة أو نزولها من المنزل رغم مخالفة ذلك للحقيقية في الغالب .وأعتقد أن النساء يجب أن يخرجن في جماعات أثناء المظاهرات بحيث إذا وجد أي متحرش يتم حصاره وتصويره وتسليمه للأمن وأعتقد أنه علي النساء حماية أنفسهن بحمل "اسبراي" مثلا أو غيره لمواجهة المتحرش..ثم أن هناك جمعيات في المجتمع المدني بدأت بالفعل في تدريب الفتيات علي كيفية حماية أنفسهن من التحرش وتعليمهم الكارتيه والطرق المختلفة للدفاع عن النفس .
> ما هو تصنيف الشباب المتحرش الذي يقوم بهذا الانحراف السلوكي ؟
هذا ما تحدثت عنه د ."صفاء الأعصر" أستاذ متفرغ بكلية البنات جامعة عين شمس- والتي أكدت على أن هناك مجموعة من الصور للمنحرف سلوكيا..فهناك نوع لا يضع أي تصور لنتائج عمله ولا يوجد لديه مستوي من التفكير يجعله يتحمل مسئولية ما يفعله و تجنب نتائجه السلبية أو تجعله يرتدع أو يضع نفسه مكان الضحية .
وهناك نوع آخر مستعد لتحمل مسئولية أية عقوبة لأنه لا يستطيع مقاومة الدافع أو الحافز فهو عاجز عن مقاومة اندفاعه وهناك نوع ثالث للمنحرف سلوكيا ولديه رغبة قهرية علي السلوك المنحرف .
> إذن كيف يكون الحل لعلاج الانحراف السلوكي للمتحرش وما دور المؤسسات التعليمية تحديدا للتصدي لتلك الظاهرة ؟
الحل من خلال خطة قصيرة المدي خاصة بالردع العقابي بحيث لا يتم التعاطف مع المتحرشين من منطلق أن مستقبله سيضيع فتمنع الجريمة أو نحد من حدوثها بأن ترفع الحدود العقابية أما الوقاية تكون انتشار الأمن الفعال بحيث إذا صرخت أية فتاة تجد من يحميها وينجدها وأكرر يجب أن تغلظ العقوبة في القانون مع نشر من يساعد أو يمنع الانحراف السلوكي..
وهناك خطة طويلة المدي بأن نتيح للنظام التعليمي بناء شخصية متكاملة حيث يقضي الشباب اثنتي عشرة سنة بالتعليم يمكن أثناءها أن تتوجه المنظومة التعليمية ببناء الشخصية بذات القدر الذى تهتم به بالجانب المعرفي وهذه سياسة مستقرة وشائعة في النظم التعليمية العالمية التي تقدم برامج متخصصة في المهارات الاجتماعية ومهارات التفكير وتسعي هذه البرامج لبناء شخصية متكاملة ومتزنة .لذلك وحتي يكون التعليم قاطرة الحضارة يجب أن يكون التعليم من أجل تنمية متكاملة للمخ البشري وليس من أجل تعليم المواد التعليمية فقط حتي نقضي علي كل مظاهر الانحراف السلوكي ومنها ظاهرة التحرش الجنسي .
و أخيرا, و فى إطار الجهود المتواصلة التى يقوم بها المجلس القومى للمرأة لمساندة السيدات و الفتيات اللائى تعرضن لحوادث التحرش والاغتصاب أثناء مشاركتهن فى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير المجيدة, التقت السفيرة "ميرفت تلاوى" رئيس المجلس القومى للمرأة بوفد من هؤلاء الضحايا لتأكيد تقديم المجلس المساندة القانونية لهن, و قررت رئيس المجلس مناشدتها لكافة السيدات و الفتيات اللائي تعرضن لحوادث مشابهة بالتواصل مع المجلس لتقديم الدعم القانوني لهن
ساحة النقاش