يميل المصريون إلى حب فصل الصيف ، ويعتبرونه أحد أجمل فصول السنة، ففيه الإجازة الدراسية الصيفية وما يصاحبها من التخفف من أعباء المذاكرة والاستيقاظ المبكر و"الدوخة" حول "سناتر" الدروس الخصوصية، وهم الامتحانات وترقب النتائج، وتعقب الأبناء في ذهابهم وإيابهم، يتحرر الآباء ـ وبصفة خاصة الأمهات بصفتها عامود خيمة الأسرة ـ من كل هذه الأعباء الثقيلة، وتبدأ الأسرة في لم شملها مرة أخرى بإجازة ولو قصيرة، يتجمع فيها الأبناء مع الآباء حول رحلة مصيف ونزهة على شاطئ البحر، والمثير أن كثيرا منا يقول إنه يستنشق هواء المصيف عند مجرد التفكير فيه، ما هذا السحر.. ما هذا الخيال، هل ما نستنشقه ويؤتي بسحره هو "يود البحر"، أم أن هناك سحرا آخر يجعل ذكرياتنا مع بعض الأماكن على هذا النحو من المتعة والبهجة، فماذا يحدث لنا عندما نسحب شهيقا عميقا من هواء البحر عند "بئر مسعود" في الثغر الجميل، أو ونحن نقف على رمال شاطئ عايدة في الساحل الشمالي، أو عندما تتدلى أقدامنا من فوق صخرة شاطئ الغرام في مرسى مطروح الساحرة في ليل صيفي يضيئه القمر، أي سحر هذا الذي يجعلنا نستمع إلى نفس الأغنيات التي نحفظها عن ظهر قلب بمشاعر مختلفة: "فين حبيبي يا بير مسعود.. فين حبيبي"، ما الذي يحث بناتنا المراهقات على البحث عن روايات إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله وقراءتها تحت المظلة في مواجهة بحر ممتد لا نهائي يملكنا ولا نملكه قادر على تطهيرنا من الأعماق، تتجلى فيه الشمس بإرسال أشعتها الذهبية بكامل طاقتها لتمنحنا الأمل وكثيرا من التفاؤل، تنعكس أشعتها على سطح البحر فتشرق ألوان الحياة، حتى الورد نراه أكبر وأجمل، تحتويه أوراق الأشجار، والليل يصبح أكثر دهشة وبريقا وقديما قال لنا الأدباء: لا تصدقوا حب الصيف لأننا ندخله باستدعاء داخلي من جانبنا وسرعان ما يذوب مع أشعته الحارقة، التي بدأتها الأشجار والأزهار, كما يزيد من تفاؤلنا أنه في فصل الصيف تكثر الأفراح والمناسبات، كما يعود فيه المغتربين إلى أرض الوطن، ولا أجمل من سهرات فصل الصيف الممزوجة بضحكات أسرة في إجازة من كل شيء إلا الفرحة.. قراءة ممتعة.