تتعدد أسباب الانفصال ويبقى الأطفال ضحايا قرار خاطئ من قبل الأبوين فى لحظة غالبا ما يغيب فيها العقل وينتصر كل منهما إلى ذاته وكبريائه متناسيا الحال الذى سيؤل إليه الأبناء بعد انفصالهم من شعورهم بالوحدة والرفض المجتمعى ما يدفعهم للتفكير فى الهجرة حتى داخل المنزل كنوع من الهرب من الواقع الأليم..

فى جولتنا التالية نحاول إلقاء الضوء على هذا النوع من الهجرة وكيف نحمى أبناءنا منه..

فى البداية تقول نادية سليم، 45 عاما موظفة: رغم انفصالى عن زوجى إلا أننى حرصت على احتواء ابنى الوحيد الذى كاد أن يتحطم نفسيا إثر الخلافات المستمرة بيننا فى المحاكم من قضايا نفقة وحضانة وغيرها من المنازعات القضائية، وبعد تخرجه فى كلية التجارة نجحت فى القضاء على فكرة الهجرة لديه تماما من خلال توظيفه فى الشركة التي أعمل بها ما جعله يصرف النظر عن السفر ويخطط لمستقبله فى بلده وبين أهله.

وتقول هيام محمد، 50 عاما ربة منزل: يفكر الكثير من الشباب فى الوقت الحالى فى السفر للخارج بسبب الطاقة السلبية التى يصدرها البعض إليهم مثل عدم وجود فرص عمل داخل مصر، لذا أحرص دائما وزوجى على حث أبنائى على البحث عن عمل أثناء دراستهم بالجامعة والتدريب فى الشركات التى تحتاج إلى تخصصاتهم الدراسية، ومع ذلك ندخر مبلغا من المال لعمل مشروع خاص بهم يساعدهم على مواجهة صعوبات الحياة.

أما عبد الفتاح محمد، 60 عاما فقد نجح فى صرف تفكير ابنه عن الهجرة من خلال استغلال المبلغ الذى ادخره للسفر فى أحد مشروعات تأجير السيارات، وبعد نجاح المشروع اختفت فكرة الهجرة لديه وبدأ يفكر فى بناء مستقبله والبحث عن شريكة حياته ليتزوج ويحقق الاستقرار الأسرى الذى يفكر أى شاب فى السفر للخارج من أجله.

دور الأسرة

يعلق د. شحاته زيان، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية على الآراء السابقة ويقول: انفصال الأبوين وما ينتج عنه من شعور الأبناء بالوحدة أو الغربة ليس السبب الوحيد وراء تفكيرهم فى الهجرة بل قد تكون الأسرة سببا فى انتهاجهم هذا الفكر، فهناك بعض الأسر توفر الأموال من أجل سفر أبنائها للخارج بعد تخرجهم فى الجامعة لإيجاد فرصة عمل جيدة وتحسين أوضاعها الاقتصادية، لذا يجب توعية الشباب بمخاطر الهجرة خاصه غير الشرعيه والتى تتسبب فى خسارة الأموال والأرواح، لافتا إلى وجود حالات للهجرة غير الشرعية بين الأطفال ما دون السن القانونى وقد لا تتعدى التسع سنوات وفقا لأحد الأبحاث التى أجراها المركز عام 2016.

ويتابع: قد لا تكون الهجرة هروبا من الأحوال الاقتصادية الصعبة فأغلب الشباب الذين يسافرون للخارج يعيشون حياة كريمة لكن رغبتهم فى الهجرة لزيادة رأس مال الأسرة أو تقليد نماذج أخرى خاصه وأن معلومات وأوراق الهجرة أصبحت متداوله بين المعارف وعبر شبكة الإنترنت بجانب مكاتب الهجرة أو السماسرة, وعلى الرغم من وجود الكثير من فرص العمل داخل مصر إلا أن تطلعات الشباب غالبا ما تفوق إمكانياته لذا يجد صعوبة فى إيجاد فرصة عمل تتناسب معها، بالإضافة إلى رغبتهم فى تحقيق الثراء السريع ما يجعل رغبتهم فى الهجرة مستمرة.

إغراءات الحياة المترفة

تقول هند فؤاد، خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: يعد عدم الترابط الأسرى أحد الأسباب التى تدفع الشباب للتفكير فى الهجرة، بالإضافة إلى الفقر وعدم الصبر والرغبة فى المكسب السريع، ولعلاج ذلك لابد من العمل على تقوية العلاقات الأسرية وتنبيه الأباء والأمهات بخطورة النزاع والتفكك الأسرى، مع وجوب مراعاة الإعلام لما يعرضه من مظاهر حياة الرفاهية فى الوقت الذى يعجز معظم الشباب على عيشها ما يدفعه للتفكير فى الهجرة لتحقيق أحلامه فى الوصول إلى ذلك المستوى.

الأباء قدوة

ترى سارة ممدوح، استشارى العلاقات الأسرية أن هجرة الأب أحد وأهم عوامل زعزعة الاستقرار الأسرى قائلة: لا شك أن الغربة تأخذ أكثر بكثير مما تعطى، فمقابل إعطائها الإنسان المال تأخذ الود والألفة والمحبة وتعزله وحيدا عن أسرته لا يشعر بوجوده أبناؤه وكذلك هو، ومع  تربية الأبناء فى ظل غياب الأب لسفره للخارج يفكرون فى الهجرة لأنهم وجدوا المثل والقدوة التى تشجعهم على ذلك, لذا أنصح الأباء والأمهات بمشاركة أبنائهم كافة التفاصيل والتقرب إليهم ومعرفة ما يدور بأذهانهم وطرق تفكيرهم حتى لايقعوا فريسة سهلة لأى مغريات مادية قد يجدونها فى غير ذلك .

 

المصدر: كتبت: أميرة إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 615 مشاهدة
نشرت فى 30 أغسطس 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,456,760

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز