زمان كان الأب يسود وجهه عندما تعلن له الداية أن زوجته أنجبت بنتا.. اليوم أصبح الكثير من الآباء مولعين ببناتهم.. ذكاء البنت الفطرى وحيويتها ومشاعرها الدافئة تجاه أبيها وكل العائلة تفرض عليه أن يحبها بل قد يفضلها عن أشقائها البنين.. فهى تختلف عنهم فى هدوئها وطاعتها لأمها واستقبالها الحافل لأبيها وتعاونها مع الجميع.. إنها ملاك يرفرف على العائلة، عندما تكون هناك مقارنة بينها وبين إخوتها الذكور.. ولكن! من حق الأب والأم أن يتطلعا للمختلف.. إلى ذكر أو عدة ذكور لكى يملأون البيت فوضى وضجيجا..

كان الآباء زمان لا يتورعون عن إلقاء يمين الطلاق على الزوجة إذا ما تكرر إنجابها للإناث.. أما اليوم وبعد أن أصبح معلوما أن العلم قد أثبت أن الأب هو المسئول عن نوع الجنين وليست الأم، فلماذا تستمر ظاهرة تفضيل الذكور على الإناث؟

وبعد أن توصل العلم الحديث إلى معرفة نوع الجنين بعد عدة أسابيع من الحمل، أصبح من الشائع إجراء جريمة قتل للجنين الأنثى وهى فى بطن أمها.. الإجهاض جريمة قتل يحرض عليها الأب وقد ترتكبها بعض الأمهات بعد تردد، خاصة فى المستويات الاجتماعية الدنيا، وقد يكون لدى الوالدين وازع ديني فيرفضان اغتيال جنينهما ويتواصل مسلسل الإنجاب بلا توقف، هذه الظاهرة تعانى منها دول أخرى غير مصر، فمثلا فى الهند والصين لا يتورع الوالدان عن إصدار الحكم بإعدام الأنثى بعد ميلادها أو تركها فى الشارع  تصارع المجهول، وقد أصدرت الأمم المتحدة بيانا خاصا بهذه الظاهرة المؤسفة فى الصين حيث وصل عدد الضحايا إلى عدة ملايين.‍

كم من ذكر قوبل بالترحاب ودُلل ولقى معاملة الملوك والأمراء ثم إذا به حين يكبر يتحول إلى وحش لا يرضيه إلا امتصاص دماء كل من حوله.. وجرائم قتل الشبان لآبائهم وأمهاتهم وإخوتهم تعددت منذ سنوات حتى بات البعض يخشى أن تصبح ظاهرة.. وقد يقتل الشاب العاق أمه أو أباه نفسيا لدرجة شذوذهما عن القاعدة الثابتة التى تجعلهما حريصين على حياته، وقد قرأنا مؤخرا عن أكثر من أب قتل ابنه المدمن، ثم أخيرا تلك الأم التى سكبت الكيروسين على ابنها العاق الذى كان يضربها كثيرا، فأحرقته.. إلخ.

فمتى يرتدع “عشاق الذكور“ عن اضطهاد زوجاتهم لأنهن لم ينجبن الذكر! وبعد أن أصبحت المرأة تتبوأ أعلى المناصب فى كل بلاد العالم وفى مصر أيضا وشاعت حكايات نجاح البنات وتفوقهن الذى يغشى الأبصار ويظهر لكل ذى عينين بصيرتين وعقل غير متحيز!! متى نعيد للأنثى كرامتها ونعلم الناس أن يرتضوا قضاء الله وأن يثوبوا إلى رشدهم ويتوقفوا عن إيذاء النفس بالإكثار من التناسل!! بل إن السؤال الذى ينبغى أن يشغلنا هو كيف نعيد الثقة والاعتزاز بالنفس إلى الأنثى المصرية، فتقف شامخة ترفض الضغوط عليها وتعلن: أن البنت والولد كليهما هدية من الله الخالق العليم، وأنها ترضى بقضائه ومن الأجدى لها أن تبذل أقصى جهودها لرعاية أبنائها، سواء كن بنات أو بنين.. بدلا من أن تدخل فى سباق الأرانب!  

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 631 مشاهدة
نشرت فى 28 مارس 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,742,835

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز