حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى الجميلة أميرة -29سنة- المحاسبة فى الشركة التى يملكها والدها والتى تعيش مع أسرتها فى حى المهندسين, والتى روت أنه كان لهم جار يعمل رجل أعمال أيضاً وصديقا لوالدها هو وأسرته المكونة من زوجته وابنه تامر الذى يكبرها بثلاث سنوات وأخته التى تصغره بأربع سنوات, وقالت إن المهندس عبد الحكيم جارهم تعرض لمشاكل فى تجارته وأنه اصطحب أسرته وهاجر إلى كندا وظلت شقته التمليك المجاورة لشقتهم مغلقة لأكثر من 15 سنة حتى فوجئوا بشقيقه يجددها من الألف إلى الياء ويزف إليهم خبر عودة شقيقه وأسرته بعد أن انتهت المشاكل فى القاهرة, وقال إنه وابنه تامر الذى أصبح مهندسا مع بعض المستثمرين الكنديين سوف يبدأون عملا جديدا فى مصر, وقالت أميرة إنها قابلت تامر فى مدخل العمارة وأنها وجدته شابا وسيما محترما وتذكرت طفولتهما معا وكيف كان يحنو عليها ويلاطفها, وفوجئت به يهمس فى أذنها بأنه تمنى أن يجدها غير مرتبطة, ونذر نذرا لله وأنه يحبها منذ أن كان غلاما صغيرا, وطارت أميرة من الفرحة فلم يكن قلبها قد نبض بالحب إلا ساعة رؤيتها لتامر, ولما عادت وقالت لوالدتها إنها رأت تامر ردت أمها سائلة إياها:
- هي مراته الكندية جت معاه! ودارت الدنيا بأميرة وكادت تسقط على الأرض!
***
واستطردت أميرة.. لم أدر بالدنيا فقد كنت فى حالة وجد وحب وسعادة لأول مرة فى حياتى.. وتماسكت وسألت أمى:
- هو تامر اتجوز كندية يا ماما!
قالت والدتها وهى سيدة مجتمع معروفة:
- الله أعلم.. لكن طانت خيرية عمته كانت معى فى الجمعية الخيرية وأرتنى صوره وكانت معه فتاة كندية ولم أسألها عما إذا كانت زوجته أم لا؟
***
واستطردت أميرة.. لم أذق أى طعام بل أدرت رقم تامر الذى أعطانى إياه على البوابة وسألته:
- أنت اتجوزت فى كندا يا تامر؟
قال: لا يا حبيبتى.. دى بنت كانت صديقتى فى الجامعة واتصورت معايا وأرسلها والدى لأخته ضمن عدة صور أخرى, وقال صدقينى يا أميرة أنا جيت مصر علشان أتجوز مصرية, ولو كنت أتجوزت كنت قلت لك بصراحة, ثم استطرد.. أنا طول عمرى بحبك يا أميرة ومافيش غيرك فى قلبى وغدا نزوركم لكي أطلبك من والدك ووالدتك!
***
واستطردت أميرة.. وجاءوا لكن فرحتى كان يشوبها قلق لا أدرى لماذا؟ أنهم ليسوا هم الذين نعرفهم من قبل أن يسافروا؟ عمى عبد الحكيم تغير وكذلك زوجته, أما تامر فقد تغير تماما أصبح يتكلم بسرعة ويتحرك بسرعة ولا يعجبه العجب ولا الصيام فى رجب, وعلمت أنه لا يصلى ولا يصوم بل قال لى: إن الدين المعاملة, إنه لا يسرق ولا يكذب ولا يزنى وهذا هو الدين عنده, كما قال إنه أحيانا ما يشرب زجاجة (بيرة) إذا كان فى وسط أصدقائه, ونحن يا سيدتى لم نسمح بدخول أى شيء مسكر أو فيه كحول أو مخدر بيتنا, والكل يؤدي الصلاة والصيام والزكاة, ووالدى يؤمنا فى الصلاة عندما يكون موجودا فى المنزل إذا أذن للصلاة فى المغرب أو العشاء, لكننى يا سيدتى اكتشفت أننى أحبه من كل قلبى فهو إنسان محترم وصادق ووسيم وخفيف الظل ومتحضر ويحبنى حقيقة إذ قال لى إنه سعيد بأننى محتشمة فى ملابسى وأننى أؤدى الصلاة فى مواعيدها وأنه يعتبر ذلك مكسبا وضمانا لحياته ومستقبله القادم, وإنه لن يتدخل فى حياتى ونفقاتى على ألا تدخل أيضا فيما يحبه من أشياء أحبها وهو فى الخارج, فهل ينفع أن تتعارض طباعنا ونفقاتنا وينجح زواجنا؟ أنا أحب تامر وهو يحبنى فهل يشفع لنا الحب فى أن يتغاضى كل منا عن بعض الطباع والنفقات التى لا تعجب الطرف الآخر؟ بماذا تنصحيننى أنا فرحانة به وأعدك أن أتحمل أن أقنعه بما أحبه وأريده؟
***
أقول للابنة الجميلة أميرة تزوجى بعريسك المحترم على بركة الله, وإذا حاولت أن تجعليه يصلى ويصوم فسوف يكتب ذلك فى ميزان حسناتك, وأيضاً لا أنصحك أن تعارضيه منذ البداية فى ممارسة الأشياء التى يحبها بل ربما بعد أن يرزقكما الله بالخلف الصالح يكون ذلك مبررا.. لقد خطبت مرتين وفسخت خطبتك ولم تكونى تحبين أيا من الخاطبين وأنت تحبين تامر وتشجعينه على العمل فى مصر وجلب المستثمرين الكنديين إلينا ويساعده والدك أيضا لأنه ووالدتك يحبانه مثل ابنهما تماما ولا يعتبرانه غريبا عنهما, فقط أرجوك ألا تتحكمى فيه منذ البداية وتأكدى أنه بمرور الأيام سوف ينسى الحياة فى الخارج ويتأقلم ويعود إلى طباعنا وتقاليدنا.
ساحة النقاش