كتب : محمد الشريف

فى خضم أزمة كورونا التى تعصف بالعالم وتبعث الرعب فى نفوس البشر تظهر ومضات من نور تثبت أن من الألم يولد الأمل ومن المحن تأتى المنح، هذا ما أثبته المصريون خلال الأيام الأخيرة حيث أظهروا معدنهم الأصيل وتكاتفهم وتكافلهم من أجل عبور الأزمة.

كعادة المصرى الأصيل سارع المواطنون إلى إطلاق حملات لمد يد العون للمتضررين من فيروس كورونا شعارهم فى ذلك "تكافلوا ترحموا".

إجراءات حكومية ومبادرات أهلية ودعوات فردية شهدتها الأيام الأخيرة لمساندة العمالة اليومية وغير المنتظمة والتى تعد أكثر الفئات تضررا من القرارات الحكومية للحد من انتشار فيروس "كورونا" متمثلا فى إغلاق المحال بشقيه الكلى والجزئى والذى تسبب فى "قطع عيش" الكثيرين.

البداية من وزارة القوى العاملة التى أعلنت عن صرف منحة استثنائية قدرها 500 جنيها للعمالة غير المنتظمة من خلال طرحاستمارة تسجيل البيانات على الموقع الإليكترونى للوزارةwww.manpower.gov.eg وذلك في إطار خطة الدولة الشاملة لحماية المواطنين لصرف التعويضات اللازمة لهم خلال هذه الفترة، وفى استجابة فورية قررت النقابة العامة للعاملين بالخدمات الإدارية والاجتماعية دعم صندوق رعاية العمالة غير المنتظمة بوزارة القوى العاملة بمبلغ 200 ألف جنيه، واستكمالا لدعم العمالة المتضررة من تداعيات فيروس "كورونا"خصصت وزارة الأوقاف 50 مليون جنيه للعمالة غير المنتظمة من عمال اليومية ومن في حكمهم من العاملين بالمجالات التي تأثرت بالظروف الحالية،فيما أعلن شيخ الأزهر مضاعفة الإعانة الشهرية التى يصرفها بيت الزكاة والصدقات لمستحقيها خلال شهرى يناير ومايو لمساعدة المستحقين على تلبية احتياجاتهم فى ظل التحديات التى تواجهها البلاد جراء فيروس كورونا.

ومن الجهود الحكومية إلى الحملات والمبادرات الأهلية،حيث أطلقت الجمعيات الأهلية مبادرات خيرية كان فى مقدمتها "رزقك فى بيتك" التى أطلقتها إحدى الجمعيات الاقتصادية العاملة تحت مظلة جامعة الدول العربية،كما بدأ عدد من البرلمانيين حملات شعبية لمساعدة الأسر الأكثر احتياجا والعمالة غير المنتظمة فى ضوء الإجراءات الاحترازية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا تأكيدا منهم أن تلك الإجراءات يجب دعمها بتحرك مجتمعى كبير يقوده النواب ورجال الأعمال والمشاهير لمواجهة الأزمة، وتنوعت المبادرات البرلمانية بين التبرع بمكافأة شهر مارس لصالح هذه الفئات على أن يجرى إيداعها فى صندوق "مواجهة كورونا"، فيما تكفل آخرون بمساعدات مالية وكراتين سلع غذائية للأسر الأكثر احتياجا فى عدد من المناطق.

وسرعان ما انتشرت عدوى الخير بين أفراد الشعب المصرى الذى أظهر أصالة معدنه وقت الأزمات حيث أطلق لاعب النادى الأهلى والمنتخب الوطنى سعد سمير مبادرة "تحدى الخير" والتى أعلن خلالها إعاشته لـ 20 أسرة فقيرة معلنا عن تحديه لزملائه اللاعبين لتكفلهم بعدد أكبر من الأسر، وقد لاقت دعوة سمير استجابة عدد كبير من الفنانين والمشاهير ورجال الأعمال، كما دشن الاتحاد العام للمصريين بالخارج مبادرة "معاكي يا مصر" جمع التبرعات من العاملين بالخارج لصالح صندوق تحيا مصر لمساندة الدولة خلال هذه الفترة الحرجة.

ولأن "مصر فيها حاجة حلوة" لم يقتصر تكافل المصريين على المساعدات المالية بل وصل إلى حد تكاتف المواطنيين فى مختلف أنحاءالجمهورية لمواجهة انتشار "كورونا"،فمن بين أفكار الخير ظهرت الصفحات الإليكترونية للاستشارات الطبية التى ضمت مجموعة من الأطباء، فضلا عن مبادرات الشباب لتوزيع الكمامات والقفازات الطبية، كما حرص المصريون فى مختلف المحافظات على جمع التبرعات لتطهير وتعقيم الشوارع، وإعلان الكثيرين عبر صفحاتهم الشخصية بفيس بوك استعدادهم تقديم المساعدات المتمثلة فى الشنط الغذائية للأسر الفقيرة والتى تضررت بتبعات القرارات الاحترازية لمواجهة الوباء.

 

صندوق دعم المتضررين

أشاد النائب البرلمانى محمد وهب الله، عضو لجنة  القوي العاملة بمجلس النواب بقرار وزارة القوى العاملة بطرح استمارة يمكن من خلالها صرف منحة استثنائية للمتضررين من إجراءات الحكومة لمواجهة انتشار الفيروس، مؤكدا أن المبلغ يسهم فى تخفيف المعاناة عن فئة كبيرة من الشعب المصرى، مثمنا استجابة وزارة القوى العاملة إلى دعوته بإنشاء صندوق لدعم العمالة الصناعات - الغرف « غير المنتظمة بالتعاون مع اتحادات ووزارتي » التجارية - نقابات عمال مصر - النقابات المهنية التضامن الاجتماعي والمالية، ووضع قواعد تعويض هذه العمالة عن تعطل أعمالهم وطرق تمويل ذلك الصندوق.

وقال وهب الله: على الجميع أن يتكاتفوا ويكونوا يدا واحدة لتجاوز هذه الأزمة، وعلى القادرين مساعد المتضررين كعمال اليومية والعمالة غير المنتظمة والعاملين في الورش والمقاولات والباعة الجائلين والعاملين بالفنادق والأماكن السياحية، داعيا هذه الفئات إلى سرعة التسجيل بموقع وزارة القوى العاملة ليتم حصرهم، مناشدا رجال الأعمال والمشاهير والمواطنين القادرين بتحمل المسئولية مع الدولة من خلال تقديم الدعم والمساندة للمحتاجين الواقع عليهم ضرر جراء تعطلهم عن أعمالهم.

مبادرات برلمانية

من جانبها أطلقت البرلمانية سولاف درويش، وكيل اللى « لجنة القوى العاملة بمجلس النواب مبادرة بعنوان لمساعدة العمالة غير المنتظمة التى » في بيتى في بيتك اضطرتهم الظروف للبقاء فى منازلهم تفاديا لانتشار وباء فيروس كورونا، داعية رجال الأعمال وأهل الخير إلى مد يد العون للعمالة اليومية خلال هذه الفترة القاسية، وتقول: على الجميع أن يتكاتف حكومة وشعبا للخروج من هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن عن طريق التبرع للأسر المتضررة والفقيرة والعمالة غير المنتظمة من خلال الجمعيات الأهلية التي لديها معرفة بهذه الأسر المستحقة للدعم.

وراهنت درويش على وعى الشعب المصرى وإدراكه لجسامة الأزمة قائلة: يظهر معدن الشعب المصري دائما فى  الأوقات والمحن الصعبة ولا يستطيع أي مواطن أن يتخلى عن مساعدة بلده وأهله من منطلق الحرص على المشاركة المجتمعية بالاصطفاف حول الوطن وخلف كل الجهود المبذولة من كافة المؤسسات في سبيل تجاوز هذا الظرف الصعب.

كما أطلقت النائبة هيام حلاوة، عضو مجلس النواب مبادرتها للتضامن مع العمالة غير المنتظمة فى مواجهة خطر فيروس كورونا المستجد من خلال جمع المستندات المطلوبة لصرف المنحة الاستثنائية من مديرية القوى العاملة بالجيزة بمجرد تقديم صورة البطاقة، فضلا عن للمرأة المعيلة والأسر » سلع غذائية « تقديم مساعدات عينية الأكثر احتياجا داخل محافظتها، داعية نواب البرلمان ورجال الأعمال بضرورة المساهمة في تفعيل المبادرة كل فى دائرته بهدف دعم من لا يملك دخلا ثابتا، ويسعى للرزق اليومي.

قرار حميد

يقول خالد الشافعي، الخبير الاقتصادى: عملت الدولة فى الأيام الأخيرة على توسيع مظلة الحماية الاجتماعية للعمالة غير المنتظمة الأمر الذى يساهم بشكل كبير في حصار الفيروس ومنع انتشاره ويدفع المواطنين إلى البقاء في منازلهم، وقد تعاملت الدولة مع الأزمة باحترافية شديدة وبشهادة منظمة الصحة العالمية وهو ما يضعنا أمام حقيقة أن القيادة السياسية تولي صحة المصريين اهتماما كبيرا رغم تأثر الاقتصاد العالمي والمحلي بانتشار الوباء وتوقف عجلة الإنتاج في أغلب الدول، واصفا قرار الدولة بصرف منحة استثنائية للعمالة غير المنتظمة بالقرار الحميد الذى يراعى الأبعاد الاجتماعية والظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

تعجيل الزكاة

تساؤلات عديدة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعى ورجال الأعمال حول جواز التبرع بالزكاة والصدقات لدعم العمالة غير المنتظمة ومواجهة فيروس كورونا، ما دفعنا إلى طرح السؤال على د. خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء فأجاب قائلا: يجوز التبرع من أجل الإسهام فى مواجهة وباء كورونا ومساندة جهود الدولة فى البحث العلمى اللازم لذلك وتوفير التدابير اللازمة للوقاية والعلاج باعتبار هذه الأوجه من مصارف الزكاة الشرعية والقربات التى يؤجر فاعلها ويضاعف ثوابه سواء أكان ذلك من الصدقات المستحبة أم من الزكاة الواجبة والمتمثلة فى زكاة المال، ولا يخفى أن القضاء على الأمراض والأوبئة الفتاكة من أهم مقومات حياة الإنسان ومعيشته، وفيه تحقيق لأعظم مقاصد الشريعة وهو حفظ النفس البشرية.

المصدر: كتب : محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 839 مشاهدة
نشرت فى 9 إبريل 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,465,673

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز