كتبت : إيمان عبدالرحمن
لا يمثل شهر رمضان الكريم وقتا للصوم والمغفرة وطلب الرحمة من الله فحسب لكنه بداية جديدة لإعادة أواصر المحبة والود وترميم علاقات أسرية تصدعت بسبب زحام الحياة، فالاجتماع على مائدة واحدة ومشاركة الطعام وتبادل الحديث وحدهما كفيلان على إذابة أى خلافات ودب الفرحة فى النفوس بقدوم الشهر الفضيل.
فوائد عديدة للمة العائلة نستطيع تحقيقها خلال هذا الشهر كما نتعرف على هذا فى السطور التالية.
في البداية تؤكد الأبحاث على أهمية التجمع العائلي لأفراد الأسرة، فقد خلصت دراسة أمريكية درست تأثير التجمع العائلي على المراهقين إلى أن معدل تدخين % السجائرأقل لدى المراهقين بنسبة تصل إلى 20 في الأسر التي تتجمع بانتظام، كما يقل معدل تناول 20 % لديهم ، – المخدرات بنسبة تتراوح بين 10 وتنخفض مشكلات تقدير الذات لدى المراهقين أقل %10 في الأسر التي تتجمع بانتظام لتناول الطعام معا، ،% بينما تقل معدلات الانتحار لدى المراهقات بنسبة 15 وتقل معدلات الاكتئاب بنسبة تصل إلى 15 % لدى المراهقين المنتمين لأسر تتجمع بانتظام.
أما بالنسبة لتأثير الزيارات العائلية على الأطفال فقد خلصت دراسة إلى أنه يقل لدى هؤلاء الأطفال معدل % حدوث اضطرابات الأكل النفسية لنسبة تصل إلى 30 وتزداد معدلات الطعام الصحي المتكامل في الفيتامينات لدى هؤلاء الأطفال بنسبة 24 %، بينما تقل معدلات زيادة الوزن والسمنة لدى هؤلاء الأطفال بنسبة تصل إلى .%12
تقول ضحى عبد الله، خريجة كلية التجارة جامعة كفر الشيخ: اعتادت عائلتنا على الاجتماع على مائدة واحدة فى أحد أيام رمضان حيث نجعل من ذلك اليوم فرصة للتواصل مع الأقارب خاصة وأن تجمعنا يقتصر على المناسبات فقط.
ويقول عبدالظاهر محمد: تحرص عائلتى على تنظيم عزومة رمضانية إلا أننى أراها غير كافية للم الشمل والتواصل فيما بيننا ما دفعنى إلى السؤال عن أقاربى باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
أما سمر إبراهيم، محاسبة فقد اتفقت مع شقيقاتها بعد وفاة والديهن على الاجتماع شهريا في منزل إحداهن، وتقول: في كل مرة نتقابل نقسم الأكلات علينا حتى لا نجهد صاحب المنزل، وبالفعل نتجمع مرة كل شهر ونتقابل دوريا وأولادنا يتواصلون معا حتى لا نقطع صلة الرحم بعد وفاة والدينا وتفرقنا المشاغل عن بعض.
ورغم أن داليا عبد الرحيم، مدرسة تجتمع مع أخوالها وخالاتها في المناسبات العائلية إلا أنها لا تشعر بالقرب من أفراد عائلتها خاصة البنات ممن هن في نفس عمرها بسبب أن تلك المناسبات تكون على فترات متباعدة، وتقول: مواقع التواصل الاجتماعي لم تنجح فى سد هذا الفراغ، وأشعر دائما أننا أغراب للأسف لأننا لم نعتد الزيارات العائلية منذ الصغر ونشأنا مبتعدين عن بعض.
تقارب أفراد الأسرة عن أهمية تجمع أفراد العائلة تقول د. هالة عفت، استشاري العلاقات الأسرية: يضمن التجمع على مائدة واحدة خلال شهر رمضان وغيره من الأيام تقارب أفراد الأسرة خاصة المراهقين، ويحصنهم من المشكلات الاجتماعية كأصدقاء السوء والتدخين
والإدمان، ويضفي جوا من السعادة والألفة عليهم خاصة مع انشغال الأب في عمله أو الأم والأب معا إن كانت عاملة، لذلك يجب التجمع على المائدة مرتين على الأقل أيام الإجازة إن كانت الظروف لا تسمح بذلك لكن يفضل أن تكون عدد مرات التجمع أكثر.
المناعة النفسية للأطفال
تتفق معها د. إيمان عبدالله، استشاري العلاقات الأسرية والنفسية وتقول: يعد شهر رمضان الكريم فرصة على التعود، فكما يتخذه البعض فرصة للانتظام على الصلاة أو الإقلاع عن التدخين، فالمقابلات العائلية للأسرة الصغيرة والكبيرة من الضروريات لذلك يجب أن تستمر حتى بعد الشهر الكريم خاصة للأسرة دائمة الانشغال والتي لا يلتقى أفراها على المائدة خلال أيام الأسبوع، لذلك التجمع على مائدة واحدة لا يحسن الروابط ويقويها فقط بل يقوي الشعور بالأمان وتبادل الحديث والتحدث عن المشكلات والتحاور من أهم العوامل التي تنشئ الأبناء في بيئة نفسية سوية وتمنحهم مناعة نفسية.
وتضيف: المشكلة التي تواجهها الكثير من العائلات عدم الترحيب من قبل الأبناء خاصة في سن المراهقة من الزيارات العائلية، فنجدهم دائموا التذمر ولا يحبون الاختلاط في الحديث أو يقضون أوقاتهم عبر العالم الافتراضى -مواقع التواصل الاجتماعى- رغم تواجدهم وسط أفراد أسرتهم، وللتعامل الصحيح معهم يجب قبل الزيارات التأكيد على عدم استخدامهم الهاتف إلا للضرورة، وتشجيعهم على الانخراط مع ذويهم من نفس الأعمار، ويفضل إعداد خطة للزيارة وترتيب ما يتم التجمع لمشاهدته معا فيتجمع الكبار والصغار معا وتكون فرصة للمناقشة وتبادل أطراف الحديث.
العوامل الاقتصادية
أما عن تلافي أسباب قلة التجمع العائلي مع الأقارب فترى عفاف الملك، خبيرة التنمية البشرية أن العامل الاقتصادي وراء قلة الزيارات العائلية وإقامة العزائم بجانب الانشغال بالحياة والاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي في الود بين الأقارب والاصدقاء، بالإضافة إلى ظروف الحظر الراهنة، وتقترح الاتفاق على الزيارة الشهرية للعائلة على أقل تقدير وإن لم تكن أسبوعيا، وعدم الاكتفاء بالمقابلات خلال شهر رمضان أو المناسبات الخاصة، ولتجنب إثقال الأعباء على الأسرة فتقول: يمكن تقسيم مصروفات الزيارة على العائلة بحيث تدفع كل عائلة مبلغا وبذلك لا تحمل العائلة المضيفة كافة التكلفة، كما يمكن تقسيم المأكولات بحيث تقدم كل أسرة صنفا أو اثنين، فتكون بهذا فرصة لصلة الرحم
ساحة النقاش