بقلم : إقبال بركة
قبل أن ينتهى عام ٢٠١٩ تلقى العالم صفعة مؤلمة كناية عن » كورونا « مع خبر انتشار وباء أطلق عليه اسم فى البداية ظن الجميع أنه قد ،» كوفيد ١٩ « اسمه العلمى يغادرنا بعد ساعات أو أيام مثل الأوبئة التى سبقته، ولكن الرعب انتابنا بعد أن أعلنت وسائل الإعلام أنه فيروس مستجد قد يستمر شهورا أو ربما أعوام! !
أتابع الصحف يوميا بحثا عن أمل فلا أجد إلا أخبارا مزعجة تفيد أن الوباء يلتهم حياة الآلاف يوميا لا يعوق شراهته للحم الآدمى شىء فى أغنى الدول وأفقرها فى الشمال والجنوب وكل القارات، بعد أيام أصبت بخوف أو ما يسمى يلهج لسانى ما أحفظه من آيات ، panic » هلع « القرآن الكريم طول الوقت ويقينى أن الخالق وقل ادعونى فإنى « عز وجل سوف يلبى دعواتى ولا شك أن الملايين فى ،» ألبى دعوة الداعى كل العالم يدعون ربهم اليوم لينجيهم، الحمد الله على نجاة ابنى حاتم من جائحة الوباء التى عصفت بآلاف الأرواح فى نيويورك وأرسله لى سالما معافيا قبل الجائحة بأسبوع، إن شكرى لله عز وجل آلاف المرات فى كل ساعة وكل يوم لا وقال ربكم « يكفى، ألم يقل لنا فى كتابه الكريم غافر - آية ٦٠ -، وقال عز » ادعونى استجب لكم إن الإنسان خلق هلوعا، إذا مسه الشر « : من قائل » جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا، إلا المصلين سورة المعارج.
أتأمل زوجى بإشفاق، ذلك الجنرال الذى أدى واجبه فى جيش البلاد بتفانى وبإخلاص مثل كل ضباط قواتنا المسلحة، وبعد أن أحيل إلى المعاش، بناء على طلبه، عمل مستشارا لإحدى الشركات، كان يحكى لى كل يوم عن غياب الأمانة بين مرؤسيه وتهاون بعض قيادات الشركة، الأوضاع فى الشركة تختلف تماما عما ألفه فى الجيش، فى الجيش انضباط وأمانة وحماس، وهنا تراخى وسرقات وتهاون!!. كأنه انتقل من طريق معبد ومرصوف إلى آخر موحل ومليء بالمطبات، ولكم اشتكى للكبار ونهر الصغار، وقيل له سنحقق فى الموضوع دون أن يتم شىء، ثم ضاق بهم ورفض أن يجدد عقده مع الشركة، ومنذ مكوثه فى البيت وهو يمارس هواية الانضباط والأمر والنهى بين عائلته، لم يفقد روح المرح والسخرية اللاذعة فى أى ظرف، اليوم عيد ميلادى، وقد مر دون أى احتفال، فيما عدا العديد من مكالمات ورسائل التهنئة والتمنيات الطيبة من أصدقائى وأقاربى. ٨ أبريل ٢٠٢٠ مثل كل الأيام السابقة أجد صعوبة كبيرة فى انتزاعى من أحضان الفراش الدافء رغم أن زوجي غادره مع أول خيط للفجر، ينام مبكرا ويصحو مبكرا كما اعتاد طول عمره، أنظر إلى الشارع الخالى من المارة وتساءل متى ستنتهى الغمة ونعود إلى حياتنا السابقة التى تأففنا منها كثيرا ثم ثبت لنا أنها كانت الأفضل؟ كم شكونا وتمنينا التغيير، فهل استوعب الجميع الدرس البليغ من تلك الجائحة وأيقنوا أننا جميعا على متن سفينة إذا غرقت سنهلك كلنا إلا من رحم ربى؟، هل سيتغير العالم إلى الأفضل بعد الجائحة؟ هل سيصبح أكثر حكمة وتعاطفا وتوحدا بعد أن أثبتت له محنة الوباء أن أحدا لن ينجو وحده إلا من شاء خالق الكون؟!.
ساحة النقاش