حوار : منار السيد

كغيرها من بنات جيلها استطاعت بإصرارها ومثابرتها من اقتحام أحد المجالات الهامة ألا وهو قسم القوى الكهربائية، بل نجحت بقدراتها فى تولى رئاسة القسم وتصبح وكيل لكلية الهندسة ونائب رئيس إحدى المؤسسات العربية المعنية بالعلوم والتكنولوجيا ، ليتم تصنيفها من أكثر الشخصيات تأثيرا في مجال العلوم، واستمرارا لطموحها الذى لم يعترف بحدود حصلت على زمالة أكاديمية ناصر العسكرية لدعم استراتيجية الأمن القومي بالبحث العلمي.

د. غادة محمد عامر، وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحث العلمي وزميل أكاديمية ناصر العسكرية وأحد النماذج المشرفة للمرأة المصرية بمجال البحث العلمي.. تتحدث لحواء عن مسيرتها العلمية والعملية والتى تمكنت من خلالها من خدمة الوطن.

فى البداية كيف نمت بداخلك روح التحدي والإصرار والمثابرة؟

استلهمت تفوقي في حياتي من والدي ووالدتي، حيث كانت والدتي أول سيدة في قريتها تحصل على مؤهل عالٍ، حيث كانت تذهب يوميا من طنطا لجامعة عين شمس، ووالدي كان يحفزني للتقدم والتميز وأعطاني حرية الاختيار بشرط تحمل المسئولية، وكان دائما يذكرني  بأن كل شيء زائل إلا الأعمال النافعة فهي الباقية حتى بعد فناء الإنسان نفسه، ليأتي دور زوجي الذي يدعمني دائما ويدفعنى للنجاح.

لماذا اخترتِ الالتحاق بقسم القوى الكهربائية دون غيره؟

اخترت كلية الهندسة قسم القوة الكهربائية من قبيل التحدي، فكنت الفتاة الوحيدة التي تدرس في القسم وهذا كان دافعا أكبر لي للتحدي والتفوق حتى أصبحت من أوائل الدفعة وتم تعييني بالكلية، وفي هذا التوقيت تزوجت وأنجبت ابني الأكبر محمد وكان أمامي تحدي أكبر وهو حصولي على رسالة الماجستير وقررت اجتاز هذه المرحلة بالتوفيق بين أسرتي ورسالتي العلمية حتى حصلت عليها وأنا في عمر الـ 25، ثم حصلت على رسالة الدكتوراه في عمر الـ 29، وبدأت رحلة شغفي في مجال البحث العلمي من خلال أبحاث تأثير المجالات المغناطيسية على جسم الإنسان خاصة التليفون المحمول وتأثيره على الأماكن الحساسة في جسم الإنسان "كالمخ - الكبد والقلب وباقي أعضاء الجسم"، حتى حصلت على رئاسة قسم القوى الكهربائية بكلية الهندسة بجامعة بنها في عمر الـ 33 بعد منحي "أستاذ مساعد".

هل كان رئاسة قسم القوى الكهربائية هو التحدي الأكبر بالنسبة لك؟

كان من التحديات الكبيرة التي واجهتها في رسالتي العلمية خاصة وأنه تم اختياري كرئيس قسم بين 40 عضوا من هيئة التدريس من بينهم أساتذتي وزملائي، بالإضافة إلى تدريسي لمدرج يغلب عليه الطابع الذكوري لأنه كما سبق ووضحت أن قسم القوى الكهربائية من التخصصات التي كانت تقتصر من قبل على الرجال ما جعل الجهد مضاعفا، ولا أنكر أنه قد قابلني العديد من العقبات والمشاكل وكنت دائما أتغلب عليها بالإرادة في النجاح والتفوق.

تم تنصنيفك ضمن أكثر الشخصيات الإسلامية تأثيرا في مجال العلوم، فكيف استقبلت هذا الخبر؟

كان التكريم له مكانة كبيرة بقلبي وذلك لوضع اسمي بجوار اسم العالمة "سميرة موسى" ما أشعرنى بفرحة عارمة لتكريمي من مصر ودبي والسعودية والأردن والمغرب، وبالرغم من ذلك شعرت بتعاظم المسئولية على عاتقى لتوسيع نطاق أبحاثي بعد هذا التكريم والتي قد تكون مرجعا لبعض الشباب، لذلك  عملت جاهدة لنهج مسار علمي سليم لأن تنمية مجتمعاتنا العربية لن تتم إلا بالتقدم العلمي والتكنولوجي.

ماذا أضافت لكِ زمالة أكاديمية ناصر العسكرية؟

خلال دراستي بأكاديمية ناصر استطعت استكمال رؤيتي في مجال البحث العلمي من خلال المعرفة والمفاهيم التي درستها وتأكدت أن البحث المتكامل لن يتم دون ربطه بقوى الدولة الشاملة وتحديد أهداف وأساليب الأبحاث العلمية حيث يتم ذلك بناء على دراسة القدرات والإمكانيات المتاحة من خلال الاستراتيجية الشاملة للأمن القومي وما نواجهه من حروب الجيل الرابع وغيرها من الأسس والمبادئ والمفاهيم التي اكتسبتها بدراستي بالأكاديمية وحصولي على الزمالة.

تولت المرأة خلال السنوات الماضية العديد من المناصب القيادية بفضل دعم القيادة السياسية لها، فما تقييمك لوضع المرأة الحالى؟

دائما أقول إنني "نجحت لأن لدي أب وأم رائعين وأنتمي لوطن جميل"، فالوطن هو الذي منحني القدرة على الدراسة والنجاح والتفوق خاصة فيما يخص المرأة بعد عام 2013 ودعمها في كل المجالات والعمل على تمكينها ما يجعلنى وغيرى نؤكد أننا نعيش عصرنا الذهبي، وإذا تحدثنا عن المجال الجامعي فعلينا أن نؤكد أن قيادة المرأة في المناصب الجامعية لم يكن بالأمر السهل سابقا لكن بعد استراتيجية الدولة ودعمها لتكافؤ الفرص بين الجنسين أصبح الفيصل في القيادة هو الكفاءة وليس للجنس وهذا أعطى الفرصة للنساء لإثبات كفاءتهن وحقهن فى التدرج في المناصب الوظيفية والقيادية، وكان تتويج سيادة الرئيس للمرأة ولقدراتها بتخصيص "عام للمرأة " لاستكمال مسيرة الدعم والتمكين على كافة الأصعدة.

البحث العلمي من أبرز المجالات التى اقتحمتها المرأة، فكيف تناولت رؤية القيادة السياسية تمكين المرأة بهذا المجال؟

كان للبحث العلمي نصيب كبير من دعم القيادة السياسية، وهناك طفرة في مسيرة المرأة بمجال البحث العلمي خاصة وأن السيدات في مصر منذ زمن بعيد لديهن الشغف بمجال العلوم مثل العالمة الراحلة سميرة موسى ولطيفة الناي وغيرهما من العالمات الجليلات في مجال العلوم، وقد كان للقيادة السياسية رؤية لتمكين المرأة تكنولوجيا وذلك بفتح المجال لها للدراسة في كافة التخصصات وتوفير الإمكانيات للبحث والنجاح والابتكار وإطلاق المبادرات الخاصة بتعليم التكنولوجيا ودعم التعليم الفني بالإضافة إلى إتاحة الدورات للدراسة من خلال المنزل لترتبط المرأة التي لا تعمل بالتكنولوجيا وتواكب ما يدور حولها، بل ومنح فرصة لربات البيوت للمشاركة في المجال التكنولوجي من خلال الأفكار وإقامة المشروعات لتمكينها اجتماعيا واقتصاديا وتكنولوجيا.

وكيف يمكن للمرأة فى مواقعها المختلف دعم وطنها؟

كل امرأة مبتكرة في موقعها وقادرة على دعم نفسها وأسرتها ووطنها، فإذا تحدثنا عن الأم ودورها في تنشئة أبنائها فيجب عليها أولا أن تعلمهم معنى "المواطنة" وتنمي الهوية الوطنية بداخلهم وتغرس روح الولاء والانتماء بنفوسهم وذلك لما نعيشه حولنا من ثورة تكنولوجية لها إيجابيات وسلبيات على أبنائنا، لذلك علينا أن نضعهم على مسار المسئولية ويكون الدين والوطن نصب أعينهم حتى لا ينساقوا وراء الأفكار الهدامة، كما يمكن للمرأة تقديم أفكار مشروعات تدعم من خلالها الدولة وعمل مشروعات صغيرة ومتوسطة لرفع المستوى المعيشى لأسرتها.

مواكبة الذكاء الاصطناعي بات ضرورة ملحة، فكيف يمكن تحقيق ذلك؟

إن الابتكار في الذكاء الاصطناعي أداة للتطوير وهيكلة الوظائف ومبادرات التعليم والتكنولوجيا، وللأسف هناك جهل باستخدامها مثل ما يحدث في السوشيال ميديا وترويج الشائعات والانسياق في حروب الجيل الرابع، ومحاولات الجهات المعادية لمعالجة البيانات الخاصة بالأفراد عن طريق الألعاب على مواقع التواصل الاجتماعي فكل هذا يندرج تحت خطورة الجهل والاستخدام السيئ للذكاء الاصطناعي بالرغم من أنه يمكن استخدامه للعمل وتسويق الأفكار الإيجابية والمبتكرة.

هل سيستكمل أولادك من بعدك مسيرة البحث العلمي؟

هم بالفعل نشأوا على حب الهندسة والبحث العلمي، فابني الكبير محمد معيد بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، وأحمد طالب بهندسة حاسبات ومعلومات، ولدي توأم إيلاف ومصطفى هما حاليا بالمرحلة الثانوية وأعدهم أيضا لاستكمال المسيرة.

المصدر: حوار : منار السيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 433 مشاهدة
نشرت فى 18 ديسمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,911,547

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز