كتبت : أماني ربيع
مع استعداد أبنائنا للامتحانات بالجامعة يعيش الطلاب مرحلة عصيبة مختلفة عن امتحانات المدرسة نتيجة لاختلاف طبيعة الدراسة بهذه المرحلة عما قبل المرحلة الجامعية، فكيف تستطيعين معهم تجاوزها بنجاح؟
هذا هو ما نعرفه من خلال جولتنا التالية..
البداية مع سهير عبدالله، ربة منزل وتقول: لدي ثلاثة أبناء منهم اثنين تخرجوا في الطب والهندسة وتبقت نهلة طالبة في السنة الأولى بكلية الإعلام، كان التحاقها بالجامعة حلما لكن بسبب كورونا تدمر هذا الحلم، فهي تشعر أنها لم تعش الحياة الجامعية كما كانت تتخيلها، فلا تستطيع الخروج مع زميلاتها بحرية أو حضور المحاضرات حسب جدول معين ولهذا نفسيتها منذ البداية مكتئبة، ومع أي امتحان مثل "الميد تيرم" تشعر بالخوف والضياع كونها أول مرة تخضع لمثل هذه الامتحانات، لذا قمت بعمل جدول معها للاستذكار خاصة وأن دراسة الإعلام سلسة وغير مملة واعتبرنا أننا نقرأ للمتعة وليس للمذاكرة واقترحت عليها أن تنشئ جروبا مع بعض زميلاتها لوضع ملخصات للمواد الدراسية وهو ما ساعدها كثيرا.
ويقول محسن محمود، مهندس: لدى ابن بالسنة النهائية بكلية الهندسة ورغم اجتيازه السنوات السابقة بتقدير جيد جدا إلا أن هذا العام لاحظت متابعته لمواقع التواصل الاجتماعى باستمرار ويتعامل وأصدقائه مع الأمر بسخرية ويعتبرون أن هذا العام سوف يمر بأي طريقة حتى لو أهملوا بعض المواد ولم ينجحوا فيها، ما تسبب فى شجار بيننا ومنعته من استخدام الهاتف وجهاز الحاسب الآلى، لكننى سرعان ما اكتشفت خطأ تصرفى فغيرت أسلوبي معه وبدأت في الحديث معه بعقل كأصدقاء باعتبار أن نجاحه مسئولية تخصه أولا قبل أي شخص، وأن على الإنسان تحمل مسئوليته بشجاعة وإخلاص وهو ما كان له تأثيره الإيجابى.
مسئولية الأسرة
تعلق د. أمنية عزمي، استشارية الصحة النفسية، على تأثير انتشار كورونا على نفسية الطلاب قائلة: إن وباء كورونا ظرف استثنائي تعيشه الأسرة بأكملها وعلى الوالدين إفهام أبنائهما أن كورونا أثر على الجميع ماديا وأحيانا صحيا، ويجب على الأسرة منذ البداية أن تشرك أولادها في الحديث عن أي وضع أو مشكلة، وأن يعلم الطلبة جيدا أنهم ليسوا بمفردهم وأن الامتحان للأسرة بأكملها لاجتياز هذه المرحلة بنجاح، لذا يجب محاولة تخفيف الضغط عنه سواء بالحوار المرح أو بالأجواء المريحة، وبالنسبة للطلبة التي تعاني توتر الامتحانات فيجب مساعدتهم على الاسترخاء ومنعهم تماما من تناول المنبهات التي تزيد من هذا الشعور، ويمكن تشغيل موسيقى هادئة أو أغاني يفضلونها، أو تفصل الأم بين ساعات المذاكرة ومساعدتهم على تلخيص المواد النظرية ما يشعر الطالب أنه ليس وحده.
دور الجامعة
تقول سعاد عبد الحليم، الخبيرة التربوية: تحاول الجامعات المصرية باستمرار أن تكون على مستوى الأزمة الراهنة من حيث تطبيق التعليم عن بعد وتغيير بعض أنظمة الامتحانات، وفي يوليو الماضي أصدر مركز الدعم النفسي وبناء الذات بجامعة القاهرة دليلًا للدعم والإرشاد النفسي لطلاب السنة النهائية والذى تضمن إرشادات نفسية وتدريبات للتخلص من الأفكار السلبية والمخاوف، ورغم أهمية دور الجامعة إلا أن الأسرة عليها الدور الأكبر خاصة بعدما أحدثه كورونا من تقارب بين أفرادها والذى يجب استغلاله في نقل الخبرات عن طريق حكايات عن أقارب أو أصدقاء استطاعوا اجتياز امتحاناتهم بنجاح في أوقات الأزمات كوفاة شخص عزيز أو أي ظرف سيئ، مع مراعاة توفير أجواء إيجابية بالمنزل، مع أهمية استخدام عبارات تحفيزية دوما خلال الحديث، وخلق بيئة داعمة تشجع على النجاح، ولا بأس بوعد بهدية قيمة عند النجاح ليس كرشوة وإنما محبة وتقدير.
الصحة الجسدية
ترى د. هبة رضا، خبيرة التغذية أن الصحة الجسدية خلال الامتحانات ضرورية مثل العقلية والنفسية، وتنصح بتجنب تناول المنبهات لأنها تعزز القلق والتوتر وتسبب الأرق، وتقول: الحصول على قسط كافى من النوم يقوي الذاكرة ويصفى الذهن، ويفضل تناول العصائر الطازجة والفواكه بدلا من السكريات، وعلى الأم إعداد وجبة صحية متكاملة تعزز من نشاط الطالب، مع الاهتمام أكثر بالأسماك لاحتوائها على أوميجا 3 التي تساعد في تقوية الذاكرة وتحسن متسوى الذكاء، ومن فواكه الشتاء المفيدة البرتقال الغني بفيتامين سي، من جهة يعزز المناعة، ومن جهة يساعد في زيادة نشاط الجسم، ولزيادة التركيز يمكن تناول الكبدة والعسل الأسود والسبانخ والجرجير، ولا بأس بقطعة شيكولاتة من وقت لآخر لتعزيز هرمون السعادة وتحسين المزاج، وينصح بتناول كوب من اللبن الدافئ أو المضاف إليه الشوفان قبل النوم فالحبوب الكاملة مفيدة وغنية بالبروتينات.
دعم الأصدقاء
يؤكد د. أمجد مصيلحي، أستاذ علم الاجتماع أن البيئة المحيطة بالطالب عنصر فعال جدا وليست الجامعة والأسرة فقط، فهناك الأصدقاء أيضا حيث يميل الطلبة في هذه المرحلة لتقليد وأحيانا اقتباس شخصية الصديق المفضل فلو كان الصديق مهملا ومستهترا، يمكن بشكل لا إرادي أن يقلده، حتى لو كانت تربيته جيدة، لذا يجب على الأسرة معرفة من يصادق أولادها، ومن المفضل التقليل من استخدام السوشيال ميديا خلال فترة الامتحانات، ويمكن الاتفاق مع الطالب أن البيت بأكمله سيشترك فيما يسمى بـ "ديتوكس" حيث يمتنعون عن استخدام الهواتف في الدخول إلى حسابات السوشيال ميديا إلا للتواصل الضروري للابتعاد عن أي توتر أو أجواء سلبية، كما يمكن إحضار صديقا أو اثنين مع مراعاة اتباع الإجراءات الاحترازية من تباعد وكمامات أو عمل جروب مذاكرة بتقنية الفيديو، وبالطبع الوقت كله ليس للمذاكرة، فهناك بعض المرح كمشاهدة فيلم سينمائي أو إعداد وجبتهم المفضلة، وأهم شيء على الأهل أن يدركوا أن الأوامر لن تجدي مع طالب الجامعة الذي أصبح يعتبر نفسه شخصا ناضجا غير خاضع لسطلة أحد ويجب اعتماد استراتيجية "المسايسة".
ساحة النقاش