كتبت : سمر عيد
شهدت معدلات الطلاق بالأونة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا، فوفق ما سجلته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد شهد عام 2019 225.929 ، حالة طلاق مقارنة ب 211.554 حالة لعام 2018 ، بواقع حالة طلاق كل دقيقتين و 11 ثانية، ما يجعلنا أمام حقيقة أليمة أنه رغم إطلاق العديد من المبادرات التى أطلقت لإعداد المقلبين على الزواج تجنبا لحدوث الطلاق إلا أن الخطر لا يزال يهدد الأزواج بالانفصال والأسر بالهدم..
وهو ما نحاول البحث عن أسبابه رغم وجود هذه المبادرات والبرامج التأهيلية.
مبادرات عدة أطلقت على مدى الفترة الزمنية الماضية لتأهيل وإعداد المقبلين على الزواج بما يؤهلهم لمواجهة العديد من المشكلات التى قد تصادفهم فيما بعد، وذلك معا « ،» مودة « كمحاولة للحد من حالات الطلاق، كان منها وغيرهما. ،» لنبقى حول مدى الاستفادة من هذه المبادرات يقول أحمد لقد استفدت من :» مودة « محسن، أحد المشاركين فى هذه المبادرة كثيرا، فلقد كنت على وشك أن أطلق زوجتي لا لأسباب جوهرية وإنما لقلة خبرة كل منا في التعامل مع المشكلات الزوجية، وبعدما تحدثت مع بعض القائمين على المبادرة تراجعت عن فكرة الطلاق.
وتقول أمنية مهند، طالبة بالجامعة: أفادتنى مبادرة المجلس القومي للمرأة لأن الكثير من الفتيات لا يستطعن التعامل مع الزوج ويخلطن بين حياتهن قبل الزواج وبعده، فعلى أية فتاة تفكر بالزواج أن تكون مستعدة لتحمل مسئوليات الزواج حتى تؤسس أسرة ناجحة.
تدخل الأهل
على الرغم من إطلاق عدد من المبادرات والحملات التوعوية بخطورة الطلاق على الأسرة المصرية إلا أن معدلات الطلاق ما تزال مرتفعة، فهل تفتقر هذه المبادرات إلى أسباب نجاح؟ وما الأسباب الجوهرية التي تدفع أيا من الرجل أو المرأة إلى هدم المنزل وتشريد الأطفال بالانفصال؟
تقول د. دينا الجندي، عضو بالمجلس القومي للمرأة: الطلاق كارثة بكل المقاييس حيث يترتب عليه ضياع الأطفال، فقد أكدت آخر إحصائيات أنه يوجد لدينا 7 مليون طفل ضحايا للطلاق والتفكك الأسري، وعلى الرغم من تكاتف الجهود بين مؤسسات ووزارات الدولة المختلفة إلا أن النسبة ما تزال مرتفعة، وعندما بحثنا في أغلبية حالات الطلاق وأسبابها بالمجلس وجدنا أن على رأسها تدخل الأهل وعقد الزوجات مقارنات بين حياتهن والأخريات، إلا أن السبب الأهم من وجهة نظري والذي تحدثت فيه د. مايا مرسي كثيرا هو خوف الأهل والفتاة نفسها من شبح العنوسة ما يدفعها لقبول الزواج من أي شخص يطرق بابها، فتكون النتيجة الحتمية هي الطلاق والانفصال، ومهما كانت الأسباب فمن المهم أن يقف الإعلام والدراما التليفزيونية مع كل هيئات الدولة للحد من آفة الطلاق المدمرة.
الضغوط النفسية
ترجع د. سولاف درويش النائبة البرلمانية، تزايد نسب الطلاق إلى سوء الاختيار، وتقول: أصبحنا نسأل كثيرا عن إمكانيات الزوج المادية ولا نسأل عن أخلاقه وأهله وتربيته وطباعه، وهذه الأمور في اعتقادي أهم من المستوى المادي الجيد.
وتقول د. ميري عبدالله، أستاذ علم النفس: الاختلاف النفسي الكبير في شخصية كل من الرجل والمرأة أحد أهم أسباب الطلاق، لذا من الضرورى أن يعي كل طرف بسيكولوجية الآخر وهذا ما ينبغي أن تركز عليه كافة الحملات التوعوية للمقبلين على الزواج، وإذا ما ابتعدنا قليلا عن سيكولوجية النساء والرجال العامة في العالم كله وركزنا على المرأة المصرية بشكل خاص فإننا نجد أنها تتعرض لضغوط نفسية غير طبيعية لا يتحملها الإنسان الطبيعى وعلى رأسها مثلا ملاحقة الأهل والمجتمع للفتاة في سن الزواج كي ترتبط وتتزوج بسرعة حيث ما يزال المجتمع ينظر لغير المتزوجة أنها عانس وقد فاتها قطار الزواج، أو لربما يوجد بها عيب لذلك لم تتزوج كمثيلاتها، الأمر الذي يدفعها للقبول بأي شخص حتى لو لم يكن مناسبا لها كي تتقي كلام الناس ونظراتهم، ويأتي الشق الأهم بعد الزواج حيث إن طبيعة وتربية الرجل المصري المدلل الذي تعود أن يلقي بكافة المسئوليات الأسرية والمنزلية على الأم قبل الزواج تجعل زوجات كثيرات يتذمرن من هذه الأعباء التي لا حصر لها، ناهيك عن وجود فئة كبيرة من الرجال الآن أصبحت لا تنفق على الأسر وتلقي بالعبء المادي على الزوجة الأمر الذي يضطر البعض إلى التنازل عن كافة حقوقهن المادية وطلب الطلاق، ولا يخفى علينا الازدواجية التي يعاني منها الرجل العربي بصفة عامة والمصري خاصة حيث يؤمن أغلب الرجال مع الأسف في عصرنا الحديث أن هناك نساء للزواج والحمل والولادة والطبخ وأعمال المنزل وأخريات للحب.
نساء العولمة
تقول د. أميمة السيد، خبيرة التنمية البشرية: كان المجتمع المصري في الماضي بعيدا نوعا ما عن متابعة أخبار العالم الاجتماعية وما يجري فيه وكان يكتفي بمتابعة الأخبار السياسية والاقتصادية فقط من خلال الصحف والمجلات أو نشرات الأخبار المحلية، لكن مع بزوغ عصر الأقمار الصناعية تغيرت أحوال النساء والرجال والفتيات والشباب بسرعة كبيرة، ثم أتت الطامة الكبرى ألا وهي الشبكة العنكبوتية والتى حولت العالم إلى قرية صغيرة وهو ما كان له وقع كبير على الحياة الزوجية والأسرية، فقد أصبح الرجل المصري يقارن زوجته بنساء العالم الافتراضي اللواتي خضعن لعشرات من عمليات التجميل حتى يظهرن بشفاه ممتلئة وخصر نحيل، وظهرت مقاييس جمال عالمية مزيفة ومصنعة ما أدى إلى تمرد رجال كثر على الحياة الزوجية ومن ثم إلى الطلاق، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي فتحت الباب على مصراعيه لمن يريد خيانة زوجته وأغلبية حالات الطلاق الآن تحدث بسبب الدردشة الإلكترونية وما يترتب عليها من خيانة عاطفية أو جسدية، لذا فمن المهم جدا أن تركز دورات المقبلين على الزواج على كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت وما يترتب عليها من كوارث لا تعد ولا تحصى قد تهدم كيان الأسرة وتدمرها.
صراع لم يكن في الحسبان
ترى د. لبنى عبد المجيد، أستاذة تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان أن هناك تنافسا بين الرجل والمرأة لعدة أسباب من أهمها تنافس كل منهما على السيطرة وتولى زمام الأمور بالمنزل، فرغم أن أمهاتنا وجداتنا تربين على أن المرأة هي التي تتبع زوجها في آرائه وتصرفاته وأفعاله وأن الكلمة الأولى والأخيرة في المنزل للرجل إلا أن فتيات هذا الجيل يرفضن التبعية والخضوع لأزواجهن في كل شيء، ومن هنا نشأ الصراع الاجتماعي بين الرجل والمرأة، من ناحية أخرى أصبح الشاب يبحث عن زوجة مثل والدته تكن مطيعة ومسالمة وفي نفس الوقت يود الارتباط بفتاة عصرية تهتم بالموضة والتجميل وتجيد التعامل مع متطلبات العصر فهو يريد الماضي والحاضر معا في إنسانة وهذه معادلة صعبة، كما أن الانفتاح على العالم بوسائل الاتصال المختلفة من جهة والإباحية والانفلات والتحرر الزائد لدى بعض المجتمعات وما يقابله من موجات دينية متشددة بثت مفاهيم مغلوطة للكثير من الشباب جعلتهم يسيئون معاملة النساء والفتيات ويميلون إلى قمعهن والسيطرة عليهن حتى ولو بالعنف.
ساحة النقاش