كتبت : سمر عيد

 

طالعتنا الصحف والمواقع الإلكترونية في الآونة الأخيرة بالكثير من الحوادث المؤلمة والجرائم الأسرية غير المبررة التي تودي في النهاية بحياة أحد أفرادها الأمر الذى يدفعنا للتساؤل حول أسباب تزايد حدة العنف داخل الأسرة، والدوافع النفسية التى تجعل زوجة تقتل زوجها، أو أبا يقتل فلذات أكباده،

حواء تناقش أسباب العنف الأسري وإلى أي مدى يمكن أن يتطور ويهدد المجتمع ككل، وتسأل خبراء علم النفس والاجتماع والتربية عن كيفية مواجهته والحد من أشكاله حتى لا تصل إلى جرائم قتل..

البداية مع د. أحمد البهي، عميد كلية التربية النوعية وأستاذ التربية بجامعة المنصورة الذى يرى أن التنشئة والتربية الصحيحة هى السبيل للحد من ظاهرة العنف الأسري ويقول: افتقدنا الحديث مع أبنائنا في المنزل، ربما نجلس معا في غرفة واحدة لكن كل منا له عالمه الخاص وهو ما نسميه الخرس العائلي والزوجي وهو بداية الانهيار لأية أسرة، كما أن الطلاق الصامت أكبر كارثة تهدد المجتمع حيث يستمر الزوج والزوجة في الزواج دون علاقة زوجية أو حتى مشاعر الحب بين الزوجين لأجل تربية الأطفال أو خوفا من اللوم على الطلاق اجتماعيا لكلا الطرفين، وإذا أخطأ ابني أو ابنتي وقمت بضربه وتعنيفه بطريقة مبالغ فيها أكون بذلك قد شجعته على العنف واستخدامه في أي موقف يتعرض له دون استخدام العقل، وكان من المهم جدا أن تلعب المدرسة دور تفعيل جرس الإنذار لدى الطالب كي يتحكم في انفعالاته وتقوي لديه الشعور بالضمير الإنساني حتى يميز منذ صغره بين الصواب والخطأ، لكن مع الأسف أصبحنا نركز في مدارسنا على ضرورة التعليم والاستيعاب للمواد العلمية دون التركيز على التربية التي هي أساس التعليم، لذا أدعو إلى توحيد جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع والنوادي والإعلام للحد من ظاهرة العنف ومحاسبة من يروجون لذلك سواء في صناعة السينما أو الدراما أو البرامج أو غير ذلك.

 

ثقافة الاختلاف وتقبل الآخر

ترجع د. ميري عبد الله، أستاذة علم النفس العنف الأسري إلى سوء اختيار شريك الحياة وعدم دراسة جوانب شخصيته جيدا قبل الزواج، والاختلاف الثقافي والاجتماعي بين الزوجين، وتربية بعض الأسر لأبنائها على عدم تحمل صعاب ومشكلات وضغوط الحياة، وتقول: لو كان هناك عقاب رادع دون عنف لكل من يحاول فرض سيطرته ورؤيته على الآخرين دون استماع للرأي الآخر لنشأ أبناؤنا وهم يقدرون قيمة الحرية والمسئولية والاختلاف والرأي الآخر.

 

الإعلام في قفص الاتهام

يلقي الآباء والأمهات اللوم على الأفلام السينمائية والدراما التلفزيونية والمشاهد العنيفة التي تعرضها برامج الأخبار كعنف حقيقي ليل نهار، ويرجعون سبب تفشي العنف بين الشباب والفتيات إلى تشجيع السينما والدراما والإعلام لأبناء وبنات هذا الجيل على التعامل بالأسلحة المختلفة وتمجيد البطل البلطجي تاجر السلاح أو بائع المخدرات أو الذي يقتل المزيد من الأشخاص في أي عمل يقدمه، فهل هذا الاتهام صحيح؟

تقول د. سهير صالح، أستاذة الإعلام التربوي بجامعة القاهرة: ينقل الإعلام يوميا مشاهد مروعة حقيقية من خلال نشرات الأخبار، كما تقدم الدراما التلفزيونية العربية والأجنبية نماذج سيئة جدا مع الأسف للشباب، لذا فإن هذا الاتهام صحيح، وقد كانت رسالة الماجستير التي تقدمت بها عام 1997 عن "تأثير أفلام العنف على الشباب" والتى خلصت إلى أن بعض الأشخاص تعتبر مشاهد العنف في السينما والدراما بمثابة تنفيس لطاقتهم وتفريغ لشحنة العنف بداخلهم، بينما يكون تأثير هذه المشاهد مختلفا لدى البعض الذي يقلد الجريمة ويحاول تنفيذها خاصة إذا ما قدم له السيناريست أو المؤلف خطة محكمة للقتل بحذافيرها، ولقد ألفت كتابا عن "الدراما الأجنبية وتأثيرها على هوية الشباب العربي"، ناقشت خلاله مساوئ العولمة في السينما والدراما، وأكدت من خلاله أنه لا يمكن مطلقا التحكم فيما يشاهده كل شخص، لذا أطلب من كل الأسر المصرية تنمية حس النقد والاختيار الجيد للأعمال السينمائية والدرامية لدى أبنائها وبناتها، فلم تعد هناك رقابة فنية على الشبكة العنكبوتية و(الفلتر) الوحيد هو عقل الشخص وضميره الإنساني.

وتخالفها الرأى د. إيناس أبو يوسف، عميدة كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية وترى أن الإعلام والسينما والدراما أبرياء تماما من جرائم القتل الأسري وتقول: قتل الأزواج للزوجات والعكس ليس ظاهرة لأننا ببساطة دولة عدد مواطنيها أكثر من 100 مليون نسمة، وما يحدث مجرد حالات فردية فهى نتيجة لضغوط اقتصادية أو اجتماعية معينة ولم يصل إلى حد الظاهرة، ومشاهد العنف والقتل والضرب موجودة بالأفلام والمسلسلات منذ ظهور التلفزيون، لكننا لم نكن نجد مثل هذه الحالات، إذن فعلينا البحث عن أسباب أخرى وتبرئة الإعلام والسينما والمسلسلات وإخراجهم من قفص الاتهام.

 

تطورات اجتماعية

تقول د. نورا رشدي، وكيلة معهد الخدمة الاجتماعية سابقا وأستاذة علم الاجتماع: حدثت فجوة ثقافية كبيرة بين النساء والرجال في المجتمع، فالرجل المصري الذي تربى على ضرورة طاعة المرأة له وعدم مخالفته في أي شيء وأنه هو الآمر الناهي في المنزل فوجئ بفتيات هذا العصر اللواتي قد تحررن من ثقافة الظلام وأصبحن أكثر وعيا بحقوقهن من خلال وسائل الإعلام المختلفة التي ساعدت كثيرا في التصدي لظاهرة العنف ضد النساء، ومن خلال كل الجهود التي يقوم بها المجلس القومي للمرأة ومن خلال سن قوانين أحوال شخصية تحفظ للمرأة حقوقها ودعم البرلمان لها، ولم يتقبل الرجل المصري أن تتعامل معه زوجته بندية ومساواة فلم يجد أمامه سوى العنف لردعها عن مشاركته الرأي واختلافها معه في أمور كثيرة، ومن أهم الأسباب أيضا هو الزواج في بيت العائلة وتدخل الأهل في الحياة الزوجية، بالإضافة إلى الفهم الخاطئ للدين، أما بالنسبة للزوجات فنحن في مجتمع يلقي بكل المسئوليات على عاتق المرأة من أعمال المنزل وتربية الأطفال دون أن يتحمل معها الزوج أية مسئوليات فتظل تتحمل حتى تنفجر فجأة في وجه كل الأسرة، فضلا عن مقارنة بعض الزوجات حياتهن الأسرية بالأخريات سواء من قريباتهن أو جيرانهن أوصديقاتهن.

 

علاقة تكامل وليست تفاضل

ينوه د. أسامة علي قناوي، خبير التنمية البشرية إلى ضرورة النظر إلى العلاقة الزوجية على أنها علاقة تكامل وليست تفاضل، ويقول: ما أن ينتهي شهر العسل وتبدأ الحياة الزوجية في خوض الاختبارات الحقيقية الاجتماعية والمادية، حتى يحاول مع الأسف كل من الزوج والزوجة فرض رأيه على الآخر، لذا فإن العلاقة بين الزوجين تبادلية وتكاملية، وليس من منهما أفضل من الآخر ومن سيصبح هو قائد المنزل والمتحكم في قراراته، والحقيقة أن كل منهما قائد وربان لهذه السفينة لكن لكل منهما دور، ولا مانع أن يشارك الآخر في دوره إذا احتاج للمساعدة، ودعيني أقدم لحواء روشتة ناجحة لتجنب العنف الأسري حتى لا يتطور إلى جرائم قتل فيما بعد:

- بداية في فترة الخطوبة عليك دراسة انفعالات الطرف الآخر واختبار ردة فعله عند الغضب.

- الحصول على دورة تدريبية للمقبلين على الزواج.

- المساواة لا تعني التساوي لأننا في مجتمع شرقي له تقاليده وعاداته مهما تأثرنا بالعولمة.

- اللجوء للحكماء من الأهل وليس الأشخاص الانفعاليين بطبيعتهم عند احتدام المشكلات.

- لا تأخذي قرارا أو تعطي وعودا وأنت في قمة السعادة أو الغضب.

- إذا كانت هناك أمور تضغط على أعصابك خارج المنزل عليك تركها على عتبة الباب فمشاكل العمل أو الضغوط المادية حتى تأثرك بارتفاع درجة حرارة الطقس لا يمكن أن تكون فاتورتهم دماء أحد أفراد الأسرة.

- عدم الانحدار إلى المستوى اللا أخلاقي في التعامل والتعدي على الطرف الآخر لفظيا أو بدنيا.

- وأخيرا مناقشة أية مشكلة قبل أن تتفاقم وطرح حلول وبدائل لهذه الحلول وتقبل النقد البناء من جميع أفراد الأسرة والأخذ برأي كل فرد على محمل الجد وعدم التقليل من شأنه أو عواطفه أو أحاسيسه أو حلوله لتجاوز أية أزمة أو أية مشكلة.

المصدر: كتبت : سمر عيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 637 مشاهدة
نشرت فى 12 أغسطس 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,864,403

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز