إشراف : منار السيد - سمر عيد - أميرة إسماعيل - محمد عبدالعال - هدى إسماعيل

 لأن السعادة الزوجية والاستقرار الأسريغايتان نحلم بتحقيقهما فإن الكثيرات يعتقدن أن كثرة الإنجاب هي سبيل السعادةوالحفاظ على أسرتها متماسكة إعمالا للمثل الشعبى"اغلبيه بالعيال يغلبك بالمال" لكن ما يغفلن عنه حقيقة أن كثرة الأبناء طريق انهيار السعادة الزوجية بسبب كثرة الأعباء والمسئوليات ليصل الأمر في النهاية إلى تبادل الاتهامات بين الزوجين بأن كلا منهما وراء تصدع علاقتهما..

تقول سارة طلعت، مدرسة: في بداية زواجي قررت وزوجي إنجاب طفلين فقط على أقصى تقدير كي نستطيع تربيتهما وتعليمهما والإنفاق عليهما، لكني أنجبت فتاتين ولم أنجب طفلا ذكرا فأصر والد زوجي على تكرار الحمل حتى أنجب الولد لكن النتيجة أنني أنجبت 3 فتيات أخريات ليصبح لدي 5 فتيات، واضطررت أن أترك عملي لرعاية الفتيات وأصبح زوجي مديونا وعليه أعباء مادية كثيرة، وتكدرت حياتنا حيث أصبحنا على خلاف دائم أنا وزوجي بسبب متطلبات الفتيات.

أما رحاب محمد عاملة في مصنع ملابس حدثتنا قائلة: لم أكن أنوي حين تزوجت إنجاب أكثر من 3 أطفال لكن والدتي ظلت تلح علي أن أنجب أطفالا أكثر حتى لا يتركني زوجي أو يتزوج امرأة أخرى، وأنجبت 6 أطفال وبعد إنجاب هؤلاء الأطفال أصبت بخشونة في الركبة وضعفت جدا، وأصبت بالأنيميا ولين العظام ولم أستطع حتى أن أخدم نفسي حتى أراعي هؤلاء الأطفال، ورقدت في السرير وتركني زوجي وتزوج بأخرى وبهذا انتهيت حياتى الزوجية وليست سعادتي فقط.

إهمال الزوجة لزوجها

يعلق د. وائل الكميلي، خبير التنمية البشرية على تأثير كثرة الإنجاب على العلاقة الزوجية قائلا: مع الأسف لا تزال تسود معتقدات ثقافية لا داعي لها في مجتمعنا مثل فكرة العزوة وضرورة إنجاب الولد، وعادة ما يخضع الزوجان لإلحاح الأهل ومطالبتهم بإنجاب أكثر من طفلين أو الولد الذى سيحمل اسم العائلة ويحافظ على إرثها، بينما ترى بعض الأسر الفقيرة أن إنجاب الأطفال مصدر رزق لهم حيث يعمدون إلى تشغيلهم في سن مبكرة للاستفادة ماديا من دخلهم، كما تقع بعض الأسر في فخ زواج الفتيات المبكر، فالأب الذي لديه 4 فتيات أو أكثر سيعمد إلى تزويجهن في سن مبكرة كي يخفف عن نفسه عبء الإنفاق عليهن، بينما يرفض البعض تنظيم النسل نظرا لقناعته أن هذا الموضوع مخالفا للدين، لذا أرى أن الحل الوحيد هو زيادة الوعي لدى الشباب والمقبلين على الزواج بمخاطر كثرة الإنجاب التي قد تؤدي في النهاية إلى إهمال الزوجة لزوجها أو العكس الأمر الذي يترتب عليه توتر العلاقة بين الزوجين والطلاق في أحيان كثيرة.

العبء النفسي

يقول د.

إسماعيل الفقي، أستاذ علم النفس بكلية التربية جامعة عين شمس: إن كثرة الإنجاب لا يمكن لها أن تكون مقياسا لحياة زوجية مستقرة وهادئة، إلا أن هذا الأمر لا يمنع من أن هناك عقليات لا تزال تؤمن بشكل كبير بأن كثرة الأطفال يمكن لها أن تجعل الرجل لا يفكر في الانفصال عن زوجته، لكن هذا تفكير منافي للواقع لأن كثرة الإنجاب يضع عبء أعمال المنزل ورعاية الأطفال على عاتق المرأة وحدها، دون أن يتحمل معها الرجل أية مسئوليات خاصة بالأطفال، فإذا أنجبت المرأة أطفالا كثر عليها أن تدرك أنها هي من ستتحمل أعباء تربيتهم ورعايتهم وحدها، بينما يكبل زوجها بأعباء أخرى مادية لكنها وحدها هي من ستتولى أمر تربيتهم وتحمل مسئولياتهم الحياتية المختلفة، وهذا الأمر يولد ضغطا كبيرا على نفسية المرأة وصحتها الأمر الذي يجعلها تهمل في شكلها ومظهرها خاصة إذا كانت تعمل أيضا، وهذا كله بدوره يجعل الزوج يبحث عن امرأة بديلة لها تمنحه الحب الذي أصبحت تمنحه زوجته لأبنائها فقط، ويشعر الرجل أنه قد أصبح مجرد بنكا للنقود ولا أحد يشعر به في المنزل مع انشغال الزوجة بتربية الأطفال وتعلميهم وخدمتهم.

الخرس الزوجي

يرى د. أحمد صالح طنطاوي، أستاذ علم النفس التربوي بكلية التربية جامعة أسيوط أن كثرة الإنجاب تتسبب فيما يسمى بالخرس الزوجي، ويقول: يلجأ الكثير من الرجال إلى الهروب من المنزل بعد كثرة الإنجاب نظرا لأن المنزل بالنسبة لهم يصبح مكانا للضجة وقلة الراحة والمتطلبات الأسرية التي لا تنتهي، وإذا جلس لأنه » بالخرس الزوجي « الزوج بالمنزل يصاب بما يسمى لو جادل مع زوجته في متطلبات الأطفال واحتياجاتهم فإن هذا الجدال سيؤدي في النهاية إلى شجار عنيف بين الزوجين، فيعمد الرجل في كثير من الأحيان إلى الصمت ويصاب بالخرس الزوجي، ومن يحتج على تنظيم النسل ويراه مخالفا للشريعة الإسلامية أرد عليه بقول الله تعالى )ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة(، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم )رحم الله امرئ عرف قدر نفسه(، وعلى الإنسان أن يدرك قدراته المادية والمعنوية والنفسية ثم يقرر ويحدد عدد الأطفال الذين سينجبهم بعد الزواج حتى لا تنتهي هذه الزيجة نهاية مأساوية.

الوعي

توضح د. نورا رشدي، أستاذة علم الاجتماع ووكيلة معهد الخدمة الاجتماعية السابقة ما يحدث بعد كثرة الإنجاب للزوجين قائلة: تنهار العديد من الزيجات عادة بعد كثرة الإنجاب حيث يعمد الزوج إلى العمل في أكثر من وظيفة كي يسد احتياجات الأطفال المادية، وهذايشكل عبئا نفسيا عليه فلا يستطيع بعد العودة إلى المنزل الاستماع إلى الزوجة ولا مراعاة شئون أسرته، الأمر الذي يجعل الزوجة وحيدة في تحمل أعباء تربية وتعليم الأطفال بمفردها، أيضا يصاب الكثير من الأزواج بالشعور بالإهمال والضجر من قبل الزوجة التي تتحدث ليل نهار في مشاكل الأطفال، وتهمل شكلها وجسمها فيعمد إلى الخيانة الزوجية والهروب لامرأة أخرى ليس لديها كل المسئوليات الملقاة على عاتق زوجته نظرا لرعايتها عدد كبير من الأطفال، أما بالنسبة للزوجات فالأم عادة ما تضحي من أجل أبنائها فنجد الكثير من الأمهات لا يشترين ملابس جديدة ولا مكياج ولا عطور كي يوفرن النقود لأبنائهن، الأمر الذي يجعل الرجل يبحث عن الفتاة التي أحبها وتزوجها فيجد امرأة أخرى قد تدهور مظهرها وجمالها نتيجة لإهمالها في نفسها ورعايتها للأطفال، ولكي نحافظ على سعادتنا الزوجية علينا أولا أن نحب أنفسنا ثم نحب أزواجنا ثم نحب أطفالنا وننظم عدد الأطفال، فقيمة أية أسرة تكمن فيما يحققه أفرادها من نجاح وتميز، وليس في عدد أفرادها، فربما طفل واحد سليم جسمانيا وصحيا ونفسيا وناجحا دراسيا ومتفوقا علميا يكون أفضل من مئات الأطفال غير المتعلمين وغير الأصحاء جسديا ونفسيا، في النهاية أؤكد على ضرورة رفع وعي المواطنين من خلال وسائل الإعلام المختلفة والدراما، والاعتناء بجودة الإنسان وكيفية حياته بدلا من الاهتمام بزيادة النسل وإنجاب أطفال قد يضرون المجتمع أكثر مما يفيدونه، فلربما إنسان واحد يعادل في علمه وحكمته أمة كاملة.

 

***

نقصان عدد السكان فى أوروبا

من المتوقع أن ينخفض عدد السكان في 55 بلدا أو منطقة في العالم مع حلول عام 2050 حيث يتوقع أن تنخفض نسبة السكان في عدة بلدان بنسبة أكثر من 15 % مع حلول عام 2050 ، بما في ذلك دولا مثل البوسنة والهرسك وبلغاريا وكرواتيا وهنغاريا واليابان ولاتفيا، وليتوانيا وجمهورية مولدوفا ورومانيا وصربيا ووأوكرانيا ،حيث إن المستوى الحالي للخصوبة )حوالي 2.1 طفل لكل امرأة( في جميع البلدان الأوروبية هو دون المستوى اللازم للإحلال الكامل على المدى الطويل، وفي معظم الحالات، لم يزل معدل الخصوبة دون مستوى الإحلال الكامل لعدة عقود.

المصدر: إشراف : منار السيد - سمر عيد - أميرة إسماعيل - محمد عبدالعال - هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1495 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,859,100

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز